حياة شرارة: الكاتبة التي ماتت مرتين

  • 0
  • ض
  • ض
حياة شرارة:  الكاتبة التي ماتت مرتين

في مقدّمة روايتها «إذا الأيام أغسقت» (2000) التي صدرت بعد سنوات على رحيلها، حسمت بلقيس شرارة، شقيقة الكاتبة والأكاديمية العراقية حياة شرارة (1935 ــ 1997)، سبب وفاة الأخيرة، بعدما شاع لفترة طويلة أنها تصفية سياسية. اختارت الشاعرة والروائية والأكاديمية العراقية يوم الأوّل من شهر آب (أغسطس) من ذلك العام، توقيتاً للانتحار مع ابنتها مهى. رغم ذلك، تبقى يد نظام البعث مرئيّة في انتحارها الذي لم يكن إلا احتجاجاً أخيراً وصامتاً على سنوات طويلة من حصار فرضه عليها مع مخابراته، فمنعها من السفر وحجب كتبها وضيّق عليها أكاديمياً. على أن الرواية نفسها كانت رثاءً للأيام الذهبية الآفلة وانطفائها في بغداد التسعينيات. روايتها التي تحمل جزءاً من سيرتها من خلال بطلها الأستاذ نعمان في إحدى جامعات العراق، رصدت ـــ بوعي سياسي متّقد ـــ تفشّي سلطة رجال المخابرات في الأوساط الأكاديميّة والثقافية العراقيّة. أخيراً، انتقلت مقتطفات من الرواية إلى اللغة الإنكليزية (ترجمة جوناثان رايت) في العدد الأخير من مجلة «بانيبال» (رقم 63) الذي احتفى بشرارة الشاعرة والروائية وأستاذة الأدب الروسي. تضمّن الملفّ شهادة لشقيقتها بلقيس شرارة بعنوان «شعرت بأنها تحت المراقبة في الجامعة»، ومقالة للباحث العراقي فاضل الجلبي حول الرواية الوحيدة المنشورة لها، فيما لا تزال روايتها الأخرى «وميض برق بعيد» مجهولة للقارئ حتى الآن. صحيح أن «إذا الأيام أغسقت» كادت تختزل تجربة شرارة الأدبية، إلا أن الراحلة خلّفت وراءها كتابات نقدية نشرت في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، من بينها «صفحات من سيرة نازك الملائكة» التي استعادت فيها أياماً قضتها مع الملائكة في صالون والدها الذي هاجر من لبنان إلى النجف في العشرينيات. أما تعمّقها في الأدب الروسي، فنتجت عنه دراسات أكاديمية وترجمات منها مسرحيّة «المفتّش العام» لغوغول، و«ديوان الشعر الروسي»، و«عش النبلاء» لإيفان تورغينيف، و«مدخل إلى الأدب الروسي»، و«تولستوي فناناً» الذي قدّمته كرسالة للدكتوراه في موسكو. وقد أعادت دار «المدى» نشره مع مجموعة من مؤلفاتها (تلك الصادرة في لبنان بين 1976 و1994) عام 2011، في دعوة إلى إعادة قراءة هذه التجربة العراقية الشاملة بعدما نال منها التعتيم السياسي لفترة طويلة.

0 تعليق

التعليقات