لم يعدّ لسكان مدينة دابلن قدرة على رؤية شوارع مدينتهم من دون أن تتراءى لهم الطرقات التي مشى عليها ليوبولد بلوم يوم 16 حزيران (يونيو) من سنة 1904. يبدو بطل رواية «عوليس» لجيمس جويس (1982 ــ 1941) في شوارع دابلن طوال النهار، في طرقاتها وحاناتها وحدائقها وزواياها، محاولاً نسيان خيانة زوجته مولي له. هكذا أطلقوا على هذا النهار اسم «نهار بلوم»، وصاروا ينظمون رحلات على عربات الأحصنة تتقفى خطوات بلوم، ويؤدون أدوار أبطال الرواية لتنتهي الرحلة بكمية وافرة من الويكسي الإيرلندي في إحدى الحانات. في شهر آذار (مارس) قبل مئة عام، نشر الروائي الإيرلندي الفصل الأوّل من روايته في مجلة The Little Review الأميركية وواصل نشر الأجزاء الـ 17 المتبقية حتى عام 1920. بعدها حاول نشرها كاملة، لكنه اصطدم بخوف الدور من الرقابة. استمر هذا عامين، إلى أن تولت سليفيا ببيتش نشرها في باريس سنة 1922. يضع جويس أبطاله الثلاثة ضمن متاهة مقسمّة على 18 جزءاً على عدد أعضاء الجسد، في محاكاة لمتاهات أوديسة هوميروس. بالإضافة إلى أهميتها السياسية والفكرية والأدبية، فإن جويس واجه تحدياً شخصياً في كتابة كل جزء منها بأسلوب مختلف. الرواية التي تناقش أفكاراً فلسفية وسياسية ونفسية ودينية كثيرة، مؤلّفة من طبقتين أساسيتين هما السيرة الذاتية لجويس، وأخرى ملحمية أشمل على خطى هوميروس. وللمصادفة المرحة، يمكن اعتبار أن هناك تاريخين للرواية: الأول عام 1918، والثاني عام 1922. وعلى رغم أنّ هذا الشهر يشهد الذكرى المئوية لنشر الجزء الأول من الرواية، إلا أن متحف ومكتبة «مورغان» في نيويورك، ينويان إقامة العرض الأكبر والأشمل لجويس عام 2022 أي في مئوية نشر الرواية كاملة. سيرتكز المعرض إلى المجموعة الخاصة لصاحب إحدى الغاليريهات الأميركي شون كيلي وزوجته ماري، بعدما قدّماها إلى «مورغان» قبل أيام. تضم هذه المجموعة حوالي 400 قطعة تحوي مسودّات لأعمال جويس، وبورتريهات شخصية له التقطها الشهير مان راي، وبعض الرسائل، والخطوط العريضة المطبوعة لرواية «عوليس» والنسخ الأولى من رواياته الأخرى