مقالات مرتبطة
-
كأس الله! بيار أبي صعب
صراع أولاد أحمد مع الاسلاميين لم يبدأ في السنوات الأخيرة بل ارتبطت تجربته الشعرية بالصراع معهم منذ أن كتب مقالاً شهيراً مطلع الثمانينات دعا فيه الى عدم استعمال مضخمات الصوت في المساجد في صلاة الفجر لأنه يزعج النائمين. ومن يومها، فتح الاسلاميون النار على الشاعر، فأباحوا دمه وكفّروه واعتدوا عليه أكثر من مرّة بالتعنيف المادي والرمزي من خلال حملات ممنهجة لتشويهه وتصويره كعربيد وسكُير وخارج السياق الاجتماعي.
وفي منتصف الثمانينيات وفي ردٍّ على الحملات التي قادها آنذاك أنصار «الاتجاه الإسلامي» الذي تحوّل سنة ١٩٨٨ إلى حركة «النهضة»، كتب أولاد أحمد قصيدته الشهيرة "أدعية" جاء فيها: «الهي اعني عليهم/ لقد عقروا ناقتي واباحوا دمي/ في بيوت اذنت بان لا يراق دم فوق سجادها/ الهي/أعوذ بك الآن من شر اهلي.. يبيعون خمراً رديئاً/ ويؤذون ليل السكارى البريء/ الهي لقد تم بيع التذاكر للآخرة/
ولم أجد المال والوقت والعذر كي اقتني تذكرة.../ فمزق تذاكرهم يا الهي ليسعد قلبي/ ألم تعد الناس بالمغفرة؟"
لم تقتصر حملات تكفيره على الأخوان التونسيين فحسب، بل انخرط فيها رئيس ما يعرف بـ «اتحاد العلماء المسلمين» الإخواني المصري يوسف القرضاوي الذي كفر أولاد أحمد مطلع سنوات الألفين. ورغم أن حركة «النهضة» حاولت أن تتصالح مع أولاد أحمد خلال مرضه عبر زيارات بعض قيادييها لمواساته في مواجهة المرض الذي أنهكه، إلا أن موقفه لم يتغير تجاههم حتى آخر لحظة. لقد كان يعتبرهم "دود الأرض" على حد عبارة صديقه الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم.
جنازة أولاد أحمد كانت الحدث الأبرز في تونس، بل كانت حدثاً وطنياً بامتياز، ذلك أن شاعر «نحبّ البلاد كما لا يحبّ البلاد أحد» كان استثناء في الحياة والموت أيضاً.