القاهرة | لم تخطط الفنانة المصرية دينا الوديدي (1987) لأن تصبح مغنية عندما انضمت إلى فرقة «الورشة» المسرحية في أواخر عام 2007 بناء على نصيحة زميلتها المطربة الشابة مريم صالح. لكنها خرجت من لقاء المسرحي حسن الجريتلي، والشيخ زين محمود وشاعر السيرة الهلالية سيد الضوي، بمشروع موسيقي مختلف بعد ثلاث سنوات من المعايشة.
ممارسة الفن في كل أشكاله، التمثيل والغناء والحكي، كان الهدف الأساسي. إلا أن «الورشة»، التي رفعت شعار استعادة وظيفة الحكي الشعبي، كلفت دينا بمهمة أخرى تحبّها: التلحين. وعبر هذه المهمة، استكشفت دينا امكاناتها الصوتية، ورغبتها في التمرد على الطرق التقليدية التي تعلمتها لغناء الفولكلور والتراث الشعبي المصري. تمردت على أساتذتها الذين علموها، وانتقدوها فيما بعد، إلا أنها تغني ما تحبه بطريقتها وبشكل حداثي. لم يكن الغناء بالصدفة من وجهة نظرها. كان التلحين بداية مهمة، كلفها به الجريتلي خلال عرض مسرحي. لم يكن هناك شيئاً محسوباً، ولما جاء هذا التكليف، انتهزت دينا الفرصة لتعلم العزف على الغيتار والعود وآلات أخرى، وأرادت أن تتعلم الغناء.

مفاجآت للبنانيين إلى جانب
تقديم أغانيها السابقة بتوزيع جديد
بعد انتهاء مرحلة «الورشة»، واصلت محاولات الإفادة من ورش أخرى متخصصة في الموسيقى فقط، سواء مع الملحن الحائز جائزة «غرامي» الأميركية فتحي سلامة، أو المطربة الفلسطينية كاميليا جبران. ترى دينا أن الورش الموسيقية التي شاركت فيها «ضرورية، لأنني لم أدرس الموسيقى، وكان لا بد من أن أطور نفسي موسيقياً. الورش هي التي تشكل الخلفية الموسيقية، لا الجامعة ولا الدراسة. وفي كل ورشة تعلمت جديداً، مع المخرج حسن الجريتلي اكتشفت نفسي وتعلمت فن المسرح والحكي. ومع الملحن فتحي سلامة، تعلمت التلحين والتوزيع. وفي فترة ثالثة، تلقيت منحة موسيقية لمدة عامين مع المطرب البرازيلي الشهير جيلبرتو جيل، ثم جاء هو إلى مصر، وهناك مدرسة المطربة الفلسطينية كاميليا جبران».
مع بداية التجربة العملية، بدأت دينا في الغناء كمطربة «أندرغرواند» لا يعرفها كثيرون إلى أن تحولت إلى مطربة مستقلة لها جمهور عريض من الشباب تحديداً والمثقفين. تقدم دينا موسيقى بديلة تصنعها هي وفريقها بعيداً عن شركات الإنتاج الكبرى، وتعمل على صناعة أغانيها بشكل جماعي بدءاً من تأليف الكلمات والتلحين حتى الغناء. مطربة لديها فرصة وجمهور.
ترفض تصينفها على أنها مغنية فولكلور، لكنها جاءت من خلفية حيث تعلمت الفولكلور في الورشة التي عملت على إحياء التراث المصري مع عدد من المداحين والمنشدين للتراث مثل الشيخ زين والضوي، لكن السيرة أصبحت تغنى بطريقة الوديدي.
محاولات دينا لغناء التراث بطريقتها وإعادة توزيعها للموسيقى، مثل أغنية «على ورق الفل»، التي غنتها مطربات شعبيات شهيرات مثل خضرة محمد خضر وفاطمة سرحان وجمالات شيحة، أثارت انتقادات من أساتذتها بسبب التوزيع الجديد الذي غيّر «ريتم» الأغنية. إلا أن إصرارها على البحث عما يناسب صوتها لم يتوقف. مراحل مشروعها الغنائي بدأ بحفلات صغيرة ثم كونت الفرقة لإصدار ألبوماتها الخاصة. ألبومها المقبل سيكون مختلفاً، إذ «سأكتشف نفسي للمرة الأولى كمنتجة موسيقية في تجربة مختلفة. تصبح الأغنية كفكرة من أولها إلى آخرها معها».
صوت دينا الوديدي عريض وقوي ومثقف، يصرخ في لحظات الثورة والتمرد، ويهدأ عندما يعبر عن الألم. يتآلف مع أصوات من عوالم مختلفة، وأحياناً يطغى عليها. تغني الفولكلور (السيرة الهلالية)، والأغاني الشعبية (على ورق الفل)، والقديمة (أهو ده اللي صار)، وبالفصحى (يحدثني الشجر)، وبالعامية («الحرام» و«دواير» و«أحيه»). تغني «صولو»، و«دويتو» مثل أغنية «الليل» مع المغني البرازيلي الشهير جيبلرتو جيل، و«العرس» مع زميلتها المطربة المستقلة مريم صالح...
يوم الأحد، ستكون بيروت أحدث محطات حفلات دينا الموسيقية: «لكل الأصدقاء في بيروت مبسوطة بمشاركتي السنة دي في مهرجان «بيروت آند بيوند»، وهتكون المره الأولى ليا مع الباند في لبنان أتمنى أشوفكوا». تلك كانت رسالة المطربة الشابة إلى معجبيها عبر صفحتها على موقع فايسبوك، إذ تستعد لإحياء حفلتها الأولى في المهرجان. علماً أنّها أيضاً رحلتها الأولى مع فرقتها إلى بيروت بعدما جالت على دول كثيرة من بينها الأردن وتونس والإمارات. تستعد دينا للحفلة البيروتية بأغنيات ستشكل مفاجأة للبنانيين ومعجبيها إلى جانب تقديم أغانيها السابقة بتوزيع جديد.

* دينا الوديدي: الأحد 10 كانون الأول ـــ س:20:30 ــــ KED