الليل
لا ينفعُ أنْ نَتَحرّكَ في إبطِ قصيدةْ
فعراءُ الليلِ يداسُ ويغتصبُ
صهريجُ الحلمِ يقوَّضُ فوقَ الرأس
ونهدُ تمارا، جارتِنا، خشبُ
وعيونُ أبي في عقلي تنتحبُ:
هذا البحرُ وأسطورتُهُ
هذا الليلُ لهُ سبب!

أشباهُنا

مُتأخِّرينَ عن المطرْ
قفصُ الربيعِ وراءنا
وأصابعُ الأطفالِ في الشَجَرِ العميقْ
مُتأخِّرينَ عن الطريق
نجتازُ تحتَ الأرضِ أنفاقَ النجومْ
نجتازُ بين الأقنعةْ
أشباهَنا، رئة تغمغمُ بالنَّبيذِ ببؤسِ آدمَ
أشباهُنا نجتازُهُمْ أشباهُنا تحتَ الزخارفْ
نجتازُهُمْ متأخِّرينَ عَنِ الطريقْ
وإذا سمعْتُ فماً
إذا
نادتْ يدٌ وإذا تدلَّتْ جُمجمة
سأجرُّ من عينيّ قلبي
سوفَ أعميهِ لئلا أسمعَهُ
أشباهُنا نجتازُهم أشباهَنا
نجتازُهم ونمرُّ تحتَ الأقنعةْ
رئةً تغمغم بالنبيذِ
ببؤس آدمْ.

قالوا له أنت غريب

يدفعُ الزرقةَ في عُزلتِهِ كالعجلةْ
يرفسُ القيظَ، ويجتازُ الإطارْ
بضلوعٍ مقفلةْ
شربتْ خمرَ الموائدْ
معَ أمواتِ العصافيرِ وأمواتِ الحِكمْ
معَ أشباحِ القناديلِ وأشباحِ القياثرْ
وانثنى دون قراءةْ
يفتحُ التأريخَ كالكيسِ الأليفْ
ذائقاً خبزَ المناراتِ وأسماكَ الحرائقْ
ماسحاً أنفَ المهرِّجْ
مازجاً في نَعْلِ شاعرْ
ظلَّ ناثرْ
فاهماً أقدارَهُ والْمَطَرا
صافياً كالشجرةْ
قادراً مُرّاً كراياتِ البراءةْ
عالقاً بينَ عماراتِ الحرائقْ

قشَّر البرعمَ في قبوِ النهارْ
كاشفاً في ظلِّه اليومَ شراييناً عنيفةْ
طيرتْ عنهُ طيوفَهْ
فَطوى الألفةَ واجتازَ الغرابةْ
نحو أفواهِ المصابيحِ وأبوابِ القرابةْ
فاتحاً قبر السأمْ

الأسطورة

الأسطورةُ يرويها راوٍ ميتْ
عن موتى الصيف.

آخرُ مَنْ ماتَ وأوَّلُ صيَّادِينا
في اليأسِ، يموتْ.

الزمنُ المشطورُ يفرُّ بهِ ذئبٌ صائفْ.
مالحةً أغنيةُ الأفواه.

أيَّتُها الأشباحُ ويا عيني
لتكنْ بينكما أنهار.

الرسام

رسَّامُ عصافيرَ أنا
ألتهمُ الساعاتْ.

أحذيتي في البابِ
وقنينةُ «سينالكو»
عبّأها
رجلٌ أفرغَها
رجلٌ شبحيُّ القسماتْ.

رسَّامُ نساءٍ يخدعني
زمنٌ شحبتْ
يدهُ من تبغِ الشهواتْ
تخلقُني أنهارُ الموت ليجرفَني
نهرُ الكلماتْ.

شبحٌ ألقاني
في الحوضِ وحشرجَ للَّهِ
وماتْ.

رسَّامُ الموتِ أنا
ألتهمُ الساعاتْ.

العزلة

أقصى حُبّي
أنْ أقصمَ ظَهْرَ العزلةْ
لتظلَّ معي

نافذةُ العالمْ
عرباتُ النفطِ وشارعُهُ
درّاجاتْ.
من ماتَ مع الصيفْ
يحيا في أفواهِ الحيواناتْ.

خزّانُ الخوفِ طليقْ
تتبخّرُ منهُ أشباحٌ خضراءْ

رأسي في جزُرِ اليابانْ
يَسكنُهُ السردينْ
شهراً
ثم أُسافرُ للعزلةْ.

إنْ سقطتْ أضراسُ العزلةْ
ستظلُّ معي.