شجرٌ على جبلٍ
بين غيمتين لا الأغصانُ تجرحُهما،
ولا حروفُ الصخر هناك.
عقاربُ الساعة، التي تشدّ انتباه المنتظر،
تفعلُ هذا بغير حساب.
■ ■ ■
أحبّ شَعرَكِ حُرّاً..
وإن تربطيه هذا الصباح بقلم الرصاص،
وتعودي في المساء إلى البيت؛
سأقرأ ما دار في رأسك وكتبه القلمُ
على سطح القمر.
■ ■ ■
سواء وقفتِ على الجسر
وأخرجتِ ركبتكِ من بين الحديد، مرةً أخرى،
أم لم تقفي وتفعلي؛
سأظلّ أذهبُ إلى النهر،
لأرى السمكة التي هي في الأصل:
أثرٌ، هو أنعمُ من الحدس، لجرحٍ قديم
في ركبتك.
■ ■ ■
أحبّكِ،
بأرواحِ كلّ من ماتوا ونفسهم في الحياة.
بضحكةٍ طائشة ككرةٍ عليها ديسمٌ، ويدي على كتفي
كرياضيّ يُحرّك عظامَه.

بكِياسةِ غيمةٍ أخّرتْ نفسَها عنِ الأرض،
لأنّ قطعة طيرٍ تحتها تخبّىءُ قمحاً في رياشها؛
كِياسة غيمةٍ لا تريد حقلاً ينمو ويموجُ بعيداً عن اليد.

أحبّكِ،
بعزْم شلال.
بسرعة المشاة في فيلم قديم ضحاياه حِرفيّون وعتّالون.
بكلماتٍ تقي الثمارَ اللفحةَ الناريّة،
وكلماتٍ تعفي مُقدمّي الأعذار من الشرح.
برعشةٍ في دليل،
مثل قِنو النخلة أشارت به الفلاحة، عند الغروب، إلى قلعة العدوّ..
وليس في القِنو متاهة.

أحبّكِ
بالبنط العريض على جدار نفق مشاة.
بوجع مثلٍ شعبيٍّ على لسان وحيدٍ كعودٍ صمتتِ الآلاتُ من حوله لينفرد.
بسحابةٍ من النسيان تُصوّرُ لي ألوانَ ملابسكِ الآن.

اليوم، أيضاً، استيقظتُ بالمعنى ذاته الذي يفسّره المعجم.
إذًا، سأصطاد لكِ فراشةً من صوتكِ،
على أن تحرّريها بقولك لي: يا سلام.

لروحي، وأنتِ فيها، أصواتُ هدايا تفتحُها يداي وتُغلّفها الحياة.
إن أنا وسّعتُ حدقتي أكثر: هذا ضياعُك كاملًا.
وإن أنتِ كبُرتِ على عيني تنقصي.

■ ■ ■

أطوي اللغةَ كتذكرة سفرٍ وأدسّها تحت المخدّة،
لأحلمَ بكلّ ما سيكتب الشعراءُ إلى حبيباتهم..
وأسبقهم لأقوله لكِ في نومي الذي خفّ كشامةٍ على غدك المضيء.
أطوي الأسبوعَ كقميصٍ،
وأسمعُ احتكاكَ الأيام ببعضها كأزرار بأزرار.
أطوي الطاولة وأفردُ الشرشفَ الشبكيّ،
لأغربلَ ما كتبتُ في عينيك هذا الأسبوع.
أرسم على ظهر القميص قصيدة - إذ لا ذريعة للأزرار - وأعطيها ظهري،
لأطلّ على الحبّ من الشباك وصدري مفتوح.

وأنا أنفض القميصَ وقعتِ السماءُ، وبقيتِ النجومُ في الفراغ.
إلبسي لي غلالة زرقاء لأقول لله: في حضني سماء ثامنة.

ألقيتُ في البئر حجراً طاش، كما يقول الشعراء، ولم ينته إلى قرار.
هو في انتظار أن تصيبه الشمس أو القمر بعدوى فيكون الدليل.
ألقيت القميصَ ونزل كسماء،
أسمع أزراره، الآن، تتحّدثُ إلى الحصى بالأسباب.

■ ■ ■

أبكي إعجاباً بالعثور على جانب، من الحياة، جميل.
بملابسها الخفيفة أغسل همومي..
وفي الصباح
جمالُها تجلّى وهي تعصبُ رأسَها بخرقةٍ استعداداً للعجين.
الأذنان مكشوفتان،
والنحرُ شهيٌّ وخالٍ من الذهب؛
خلاء المُواساة منَ المَناقِب.

■ ■ ■

أنا النهر
وكؤوسي الجنادل.
أنا الفرحُ،
والفرحُ أبيضُ ونظيفٌ كثوب عمر المختار؛
بل كظهر صورته
في أرشيف الأعداء.
خيالُ أسماكٍ آثارُ خطاي على الرمال.
أفكّرُ كثيرًا،
كلّ فكرةٍ سماء.
سأظلّ أمشي ببطءٍ كمُسنٍّ
تذكّرَ، فجأةً، لقبًا أطلقه عليه الناس وهو يلعب.
سأظلّ أمشي وحسب.
آثارُ خطاي على الرمال خيالُ أسماك،
وريْعي من كلّ فكرةٍ سماء.

■ ■ ■

1

فعلتُ أشياءَ لم تخطرْ على بالِكَ،
لتخرجَ بلا أعباء.
أبسطُها فكّ عُقدةٍ في شُرّابة الوشاح،
كي لا تثقلَ - من يدري؟ - صدرَكَ أو كتفك.
والآن: كفّ عن الحنجلة على الباب،
تنوبُ عنك الستائر.
خذ معكَ الكلامَ، واتْركْ لنا على الأرض ظّلَ يدكَ،
لنجمعَ فيه صوتَ خطاك.

2

سأختفي،
لأنتقي لكِ اسْماً.
سيغادرُ الضيفُ ناقصاً لعدم رؤيتي،
ولأنّ أحداً من أهل البيت، بعدُ، لا يناديكِ به.
تعبتُ من حلمِكِ المكرّر:
أنّ فراءً أبيضَ على كتفيكِ في غابة.
شوّقني الوصفُ، ولم أبتعْه لكِ.
فمثلما تعقدُ المشيئةُ الزهرَ في الربيع،
ويضرُّ الضغطُ على العُقدِ ،لاحقًا، بسلامة واكتمال الثمار؛
أصداءُ الحرب، يا شهيّة، عقّدَتْ حقلَ الفراء
بما يكفي لأصفَ الشوك.
لا وقتَ عندي لأعرّيكِ،
وأتمادى في تكرار ألم المقاربة،
وأنتِ مشغولةٌ بفكرتكِ المُبيّتة لهذا الصبح
وهي الغسيل.
* شاعر فلسطيني