حينما يأتيني الموت أريد أن أتهيأ له كما تتهيأ حبيبة لحبيبها
أضيء البيت بالشموع
أسدل الستائر من عيون المتلصصين
أغسل جسدي برقة ودلال
أطيّبه بالعطر
أرطبه بالزيت دون مبالغة أو افراط
ألبس قميص النوم الدانتيل الاسود
أشعل موسيقى خافتة
بانتظار قبلة الحياة

سأتهيأ للموت مثلما تتهيأ عاشقة لعشيقها
تنتظره من خلف الشباك كي ينقر نقرتين
فيما هي تُثلج النبيذ
تعد السجائر والموسيقى
الأغاني المفضلة ومقاطع الفيديو
التي سوف يضحكان عليها طويلاً حتى تدمع عيناهما
الرقص الخفيف على وقع النشوة
ثم تبدأ الأصابع بالعمل رويداً رويداً
...
يجب أن أتهيأ للموت تماماً كما تتهيأ عاهرة
تضيء شقتها بالأحمر
ترطب جسدها
تمسح عنه ذكرى رجال لم يمروا
تعطره بخليط من عطور رخيصة
منتظرة على حافة الباب
بكل مهاراتها وخبراتها
اللحظة التي يدخل فيها
كي تفتح سحّاب بنطاله لتبدأ العمل

سأستقبل الموت تماماً كما يليق بزوجة
تنظف البيت ليلة جمعة من شقاوة الأولاد
تأخذ دوشاً
تليّف جسدها مما علق به من روائح الطبيخ
تضع كحلاً خفيفاً وأحمر شفاه وردياً
ترتدي بيجامتها المريحة
ترقد في منتصف السرير
متهيئة لأداء الواجب

سأستقبل الموت كما يليق براهبة
بالبخور التي تعبق المكان
رائحة السكينة التي تطفو في الجو
فلا تترك مساحة لأي شي آخر
سأتمدد على المذبح طائعة خائرة القوى
سأسمح للّذة أن تخدّر أطرافي
ببطء شديد وبتوتر لا مجال للشك فيه
سأستلقي كما لم أفعل لرجل
سأعطيه ما يستحق تماماً
وأنتفض.