إعداد وترجمة جوان تتر
في ما مضى، لم يكن لدى الشعراء الشباب الكرد في سوريا إلا الكتابة باللغة العربيَّة، لغة الثقافة والتعليم في الدولة السوريَّة. لكن مع اندلاع الحراك الثوري، بدأت اللغة الكردية تتنّفس وتزيح عن نفسها غبار المنع والقمع. لكن لا مدارس شعريَّة جليَّة في الأدب الكردي المعاصر، ثمّة شعرٌ أو لا شعر! هكذا، ببساطةٍ يدوّن الكردي نفسه باللغة التي يتأملها بعد الانفراج والابتعاد عن الكتابة سرّاً، وقبل أن يحرق المدوّن خفيةً عن أعين المتربّصين. قديماً، كان الكتاب الكرديّ يلقى الويل أثناء دخوله حدود الدولة السوريَّة، لكن الآن تحسّن الأداء نوعاً ما. ثمّة مجلات ثقافية ودوريَّات وصحف وأمسيات شعريَّة ونقاش عن الشعر الكردي ومآلاته المتعددة باللغة الكرديَّة نفسها التي كانت، في وقت مضى، حكراً على بيوتٍ طينٍ في أقاصي الأرياف السورية تحديداً.
بعيداً عن الأطر القوميَّة التي كانت تطبع القصيدة الكردية القديمة في زمن الشاعر الكردي الأوحد جكرخوين (ولد عام 1903 في سوريا وتوفي عام 1984 في السويد)، وغيره من الرعيل الأوّل الذي كانَ يكتبُ حلماً بدولة كردستان العظمى وتمهيداً لاستخدام اللغة الكردية بأحرفها ومعانيها المعتادة، بدأ النصّ الكردي الحديث أو لنقل الشابّ ربّما، بالاشتغال على الشعر كصنعة لغوية بحت. صنعة تنطلق من اللغةُ كدلالةُ قومية وإن كان النصُ يبتعد عن استحضار المفردات القومية بشكلٍ مباشر. بدأ هذا بالتحديث المستمرّ للمفردات المُدرَجة، والبحث عن تجهيز قاموسٍ كردي لا يرزح تحت وطأة القديم، بل يستفيد من القديم ويضعه في خدمة تكوين مفرداتٍ تخترق عالم الشعر والكتابة لتتحوّل إلى ثوابت لغويَّة مستقبلاً.
ثمّة نثر كردي تدوَّنُه أقلام شابّة الآن، على درايةٍ معقولة بالآداب الأجنبيَّة نتيجة عمليَّة الترجمة إلى العربية التي يتقنها كل كرديّ أمام محاولاتٍ خجولة لترجمة الأدب الأجنبي والعربي إلى اللغة الكرديَّة. ثمّة صهرٌ ومزجٌ بين أنواع القراءات المتعدّدة المتاحة في العصر الحديث بالنسبة إلى الشاعر الكرديّ، فالثوابت الشعرية والنثرية التي تمّ نقلها في زمنٍ ما من مختلف اللغات إلى العربيّة، كان لها بالغ الأثر في تكوين اللبنة الأساسيَّة للشعر العربي الحديث. أما في الحالة الكرديَّة، فقد تمّت الاستفادة من تلك الترجمات مع إضافة عناصر أسطورية كرديَّة واستخدام القصّ الشعبي والأمثال الشعبيّة كجانبٍ حداثوي مبتكَر للنصّ المكتوب في الفترة الحاليَّة. وكأيّ شعر أو نثر، تأثّر الكرد بما يحدث في سوريا من حروب طاحنة، فكانت الحرب ولواحقها من أزمات إنسانيَّة هي الدافع الأبرز للمضي في الكتابة والتعبير عن رؤيا خاصَّة مكتوبة بالأحرف الكرديَّة. قدّمت الروحُ الشابّة المطّلعة ما يمكن أن يقال عنه بداية رحلةٍ حداثويَّة لقصيدةٍ مستقلّة لها هواجسها واشتغالاتها المتنوّعة، وإن كانت هناك مصاعب تحول دون التطوّر السريع وهي مُعضلة اللغة واللهجات الكردية المتعدِّدة التي تفتح المجال للنقاش والاجتهاد الشخصيّ. أغلب الشعراء الجدد يتفقون على أنّ الحل يكمن في تجريب الترجمة والإفادة من النقل بهدف تطوير اللغة والمفردات الكرديَّة. وبالنسبة إلى الشاعر والمترجم الشابّ عبد الله شيخو الذي ترجم مجموعة من روايات سليم بركات إلى الكرديَّة وصدرت أغلبها بطبعاتٍ أنيقة في آمد التركية، فإن «السبب لا يتعلَّق أبداً بمشاكل اللغة ونمذجتها، حتى اللغات الممأسسة والرسمية تعاني مشاكل جمّة، وقد يكون حال اللغة الكردية أفضل بكثير من حال بعض اللغات الرسمية». ويتابع: «أعتقد أن السبب الرئيس يكمن في الاستسهال الكاذب الذي يراه الشاعر الكردي في كتابة الشعر الكلاسيكي أو الموزون، وهنا أستخدم تعبير الاستسهال الكاذب لأن ما يكتبه معظم الشعراء الكرد بعيدٌ حتى عن مقاييس وجماليات الشعر الموزون أو الكلاسيكي»، مضيفاً: «الأدب الكردي يعيشُ أسير موجة الشعر الصوفي الكلاسيكي، وحقبة الشعر الموزون الذي انتشر بقوةٍ مع ثلاثينيات وأربعينيات القرن الفائت، والتي تم اختزالها بشخصية جكرخوين. حتى الحديث عن مشاكل اللغة مرتبط بالكتابة الشعرية الرديئة، ذلك أنّ اللغة التي تدخل مضمار النثر بأنواعه الرحبة، تنحو صوب ميادين تجريبية وتطويرية جديدة وثريَّة. النثر يسمو باللغة وينقّيها، والنثر يحتاج إلى كتّاب بارعين ومتمكّنين وهو ما تفتقر إليه الساحة الأدبية الكردية وتحتاج إليه اللغة الكردية المرنة».
وعلى الرغم من الكلام/ النموذج، فإن القصيدة الكرديّة الشابة تستمدّ ملامحها حالياً من اشتغال كتّابها في مجالاتٍ فنية أخرى تُغني النص. يمنح العمل السينمائي أو الترجمة والفوتوغرافيا الكتابة بعداً جمالياً، ويزوّد النصّ الكردي الحديث برؤى أخرى من خلال المزج والتوفيق بين هذه الممارسات، حيث الكتابةُ هي أيضاً عمل تصويريّ إنّما باستخدام نحتٍ لغوي معيّن يطلق عليه فيما بعد الأسلوبيَّة.
يمكن المضي في القول إنّ النص الكردي الحديث يملك حساسيَّة معينة تجاه المفردة. ثمّة معرفة داخليَّة لدى النص الشعري الحديث بصدى المفردة ومعناها الشعري في سياق الجملة الشعريّة. كذلك، فإن العوامل الخارجية التي تفعّل التأثير في الكتابة، تظهر جليّاً مثل الأماكن، والعلاقة مع المكان والذكريات، والسلاح كموضوع قديم/ جديد، والموروث التقليدي، واختلافات اللغويين حول المفردات واستخداماتها، وفقر الطباعة وعدم وجود دور نشر للغة الكرديَّة في سوريا (مع العلم أنّ العمل جارٍ الآن في سبيل تأسيس مطابعَ ودور نشر متخصِّصة). كل تلك العناصر ترسم معاً خريطة جديدة للنصّ، فعلى الرغم من الاختلاف المستمرّ حول دلالة المفردة بعينها في سياقٍ شعري كردي، تبقى النهايةُ محتومَة بضمِّ المفردة كحساسيَّة شعريّة واعتمادها كتابةً، وتفصيلِ معنى لها يمتدّ إلى جذور اللغة واشتقاقاتها.
اتجه العديد من الشعراء الكرد نحو الكتابة باللغة العربيَّة بعدما كانت الثقافة الكردية ككتب ومجلات نادرة تقريباً أو صعبة المنال. هكذا خرج السؤال الإشكالي الأعظم: هل يمكن ضمّ ما كُتِب باللغة العربية من قبل كردي إلى المكتبة الكرديَّة أو إلى الأدب الكردي؟ سؤال لا يزال النقاش حوله مستمرِّاً حتّى اللحظة، وتعززّه الاختلافات الكثيرة بين اللغتين الكردية والعربية.
في ما يلي قصائد لشعراء شباب يكتبون نصوصاً كردية حديثة منذ سنواتٍ، وينشطون في المجالين الثقافي والإعلامي في سوريا. اختير بعض هذه القصائد المترجمة من دواوين صدرت بين عامي 2000 و2016، وبعضها لشعراء لم يصدروا دواوين حتّى الآن. تغلب على هذه النصوص الشعرية مسحة الحنين إلى المكان، وتخفّف من حلم القوميَّة الذي كان سائداً في نصوص الجيل الأول، إلى جانب لغة حديثة لن تظهرها الترجمة إلى العربية، لتختفي معها تقنيات اللغة المستخدمة في النص الأصلي:


ــ يتذكّرني منزلي القديم
شيرو هندى*


في منزلي القديم، أمام مرآة الضوء أرتّب ظِلّ شَعري.
كأيّ شخصٍ، كلّ يومٍ أقيس ملامحي،
بمخالب جهلي أفترس مياه الزمن،
دبٌ يبحثُ عن أسماك حلمه،
أغنيةُ البارحة كَشامَاتٍ نمت على وجهي، الدربُ التي أمامي تخنقني كمثل حبل المشنقة،
أقلّد عاشقَاً يقلِّدُني، لكن خيفةً من العدمِ اتفقنا على أن يسفكَ أحدُنا دمَ الآخرِ، فخدعةٌ واحدة لا تكفي منتَصِرَين.
يتذكّرني منزلي القديم،
أيضاً... المستأجرون الجُدد يغادرونه....
يعشقُ المكانُ ابنه البِكرَ حتّى...
ألمسُ شاهدة قبري ولا انتعاش يسري في القلب...
أغسلُ الأحجارَ المحيطة، غير أنّها لا تومِضُ... لعل القبرَ خالٍ أو أنا الميّتُ حقيقةً...
ولدنا عجزة في حياةٍ ما سابقة... صغرنا ثم متنا، والآن عقابنا أن نحيا حياتنا عكساً...
تشرّدي الجديد.. مرآته في حجم كونٍ يبابْ...

* ولد في القامشلي عام 1980. يعمل في مجال الإخراج السينمائي وله أفلام وثائقيَّة عدّة إلى جانب إشرافه على «أكاديمية السينما» في روج آفا.

ــ حلب
جوان نبي*


الشجرةُ التي وارَتنَا في حلب،
الشجرة التي كانت تخفي قبلاتنا،
أوراقها تتساقط مع الرصاصات...
الأحلامُ، الحكاياتُ، ألحانها المعزوفة بأنامل الأعاصير
في الذكرى القادمة أين سأقبِّلك...
ليلةٌ كهذه، تحت المطر بمعطفٍ طوووووويل، أودّ لو أمضي إلى جامعة حلب سيراً على الأقدام
مرّي سريعةً كومضٍ يا عربات المرسيدس... اعكسي أضواءك إلى أعين العتمة، اكتب أيها المطرُ الفارّ مني..
ليلة كهذه... أن أضربَ عامل الجامعة، ليغلقوا في وجهيَ الأبواب، يشكوني: شاعرٌ كرديّ أزعر
حلب....
رياح الغرب تداعبُ البابَ، تُسقِطُ النوافذَ،
تنفَد سجائري في انتظار سرافيس الأشرفيَّة...
أثملُ في حضرة تل شيخ مقصود لِصقَ المقبرة...
من ذا الذي يجمعُ زجاجات الفودكا الفارغة بين الأموات؟
صديقي يسأل،
هذه حديقة وليست مقبرة!
أصرخ ونحن ننظر إلى الشمس كيف تعلو إلى صدر حلب، تتطاير الغربان نحو القلعة
رائحة الصباح، الرياحُ القادمةُ من جبالِ عفرينَ، جبالَ عفرين...
ليلةٌ كهذه، تكفي لأغنيةٍ علقت في الحنجرةِ لأجل حلب
ليلة كهذه، قبلة كهذه...
خلف شجرة الصنوبر، قبل الدبابات التي تعبرُ الآن... على مرأى الطائرات، الخوف، الرّهبة،
هديرُ الطائرات الذي يعلو ويعلو كهديرِ قبلةِ عاشقٍ قتلهُ الظمأ إلى حلب.


* ولد في القامشلي عام 1983. صحافي تتميَّز قصيدته باللغة الحداثوية واستعمال مفردات يوميَّة، وصدرت له دواوين عدّة منها: «باردٌ مثل الخوف» و«كرصاصةٍ لا تقتلك».


ــ الأسماك
حسن حليمة*


أرنو مرَّةً إلى حجرٍ،
عناكبُ تتجمّعُ حولي، تنسجُ بيوتها، تحوّلني إلى كتلةٍ، لا أقدرُ فعلَ شيء،
بالولّاعة التي معي أحرقُ قدَم إحدى العناكب، أتركها كمايَ بلا حيلة،
بضعُ عناكب أُخَر تنسجُ بيتاً قويَّاً حول معصمي،
منتصفَ الضوضاء، لا أحد يسأل عنّي، فقط فتاةٌ بركبةٍ ورديَّة،
لا أبتلّ، ثمة ثلجٌ خفيف، نظرات الفتاة تمنحني القوّةَ، بتلك النظرة أمضي إلى الجدول الذي يلوُحُ لي، أسقطُ في الجدول طافياً على المياه،
أرى أختاً لي عارية، أسماكٌ كثيرة تتقافز حولها،
أخجلُ، أخفِضُ ناظريّ، لم أرَ مرّة أجساد إخوتي...
شقيقتي تكلّمني: الأسماكُ هذه أطفالي،
يا للأسماكِ الجميلة، تُقبل نحوي، تقضُم أصابع قدمي كلها، يؤلمونني، وخجلاً من أختي أتناسى الألم، تتقافزُ الأسماكُ حولي، يجرونني نحو أمّهم لأغدو سمكةً تتقافزُ معهم.

* شاعر ومترجم ولد في عامودا عام 1976.


- لوحدي
حكيم أحمد*


قامشلو، نفضتني عن فستانها،
قطعانُ العفاريتِ المتوّحشة تتجمّع ساخرةً منّي،
بمفردي أصبحتُ صورةَ قاتلٍ مثبتةٍ بالسماء:
هؤلاء أيّها الإله من ملأوا حضن أمي أشواكاً، مع أنّها كانت تربّي الدموع...
الزقاقُ كان يضيقُ بي، والقريةُ تمدّ لسانها
فَزَزتُ من النومِ
إيييييييييه...
هذه المرّة لن أنام لوحدي، سوف أصطحبك معي إلى الحلم.

* مواليد القامشلي 1979، له ديوان صادر بعنوان: «مطرُ الليالي القفار».

- البياض
خوشمان قادو*



لم أعد أرغبُ اقتفاءَ بياض الطريق
لكي يقف صوتي تحت خطواتي...
ربما حينئذ لن يكون بمقدوري أن أطأ الأرض
فقط سأستطيعُ أن أكونَ حافياً...
صوتُ الثلج
الشعاعُ يشحذ نظراته، غير أنّ العالم كرباطِ رأسٍ أسودَ يلفّه دون أقمارٍ أو نجوم، دائماً يتساءل: تُرى، مَن يُبصرون، كيف استقرّت صورة هذه الحياة في أدمغتهم؟ كيف هي أحلامهم؟ كيف يميّزون فيما بين الألوان؟ مؤكّدٌ لن يماثلونني أنا الذي لا أُبصر سوى لون مفرد!.
مثل كل إنسان يمارس عادات الحياة، مع زوجته وغصنيه الناعمين اللَّذين يُقيسهما بظلاله.
طفلته تهرول نحوه كل يوم: * انظر يا أبتاه إلى جديلتي ما أجملها.
ضاحكاً: نعم يا ابنتي إنني أشمّ الرائحة...
أيضاً كلّ صباح، يلتقط الأنامل الغضّة ليوصلهما إلى المدرسة، كانَ الطريقُ يفرش نفسه أمامه حينما يخطو بخطى متثاقلة، وأحياناً يترنّح يمنةً ويُسرة ليستقيم الطريق على إثر ذلك، وأمام باب المدرسة تلوّح الطفلتان:
أبتاه، انتبه ليديك!
رويداً رويداً يملأُ الضجيج أذُنه....
في الصباح، ابيَّض العالم.
كانت تركض نحو الغرفة: أبتاه، ثلجٌ هَطَلَ... يعتدل في جلسته مذعوراً، باهتمامٍ ينصت لما حوله، ينظّف أذنيه جيّداً كي يسمع بدقّة، يوقظُ الزوجةَ:
استيقظي... استيقظي.. ثمّة ثلجٌ في الخارج.

*شاعر وصحافي ومترجم من مواليد عامودا 1980، يكتب باللغتين العربيَّة والكرديَّة. يرأس تحرير القسم الكردي في مجلة RE الصادرة في مدينة القامشلي. صدر له أخيراً ديوان نثري باللغة الكرديَة بعنوان: «حينَ أفرحُ بالفراشات»، وحائز جائزة الملتقى الثاني لقصيدة النثر في القاهرة عام 2010 عن ديوانه باللغة العربيَّة :«انظر إليها كم أنت مرهق».


ــ الجثمان
عبد الله شيخو*


أنا الجثمان، أتُبصرني؟
مرمياً على قارعة الطريق حيناً؛ يتيماً ومنسيَّاً.
في باحة المسجد حيناً، عائماً على مياه العزّة والعويل، ورقةً في مسار رياح الضوضاء الجهنمية،
تتلقفني الزغاريد المندثرة من القلوب المتآكلة.
* * *
أنا الجثمانُ، هل تتلقفني عيناك؟
في حضرة حُكم الرصاصة حيناً؛ يصهر البارود روحي ودليلي،
تجتاحني أجنحة المياه الهائجة حيناً؛
ما من أرضٍ تنثر ترابها فوقي.


ــ تنغَزار ماريني


كرائحةٍ عثرتِ لنفسكِ على مكان
نوم الاشتياق:
كم مرّة جهّزتُ حضني لأجلك؟
ليلاً
نمتُ
استيقظتُ
انتظرتكِ طويلاً...
كرائحةٍ
عثرتِ لنفسك على مكانٍ
فوق سريري...
يدانِ مضمومتان
جبينٌ ساخنة...
أينَ بقيتِ... أين؟

ــ ضبابُ الخريف

دوّن على تلك الورقة
غادرَ الصيف...
غادر باكياً ودامياً
خوفٌ ما...
خوفٌ أخضر
الشجرةُ تحدّقني...
مزّقتُ غلافي
الصفحات تتطايرُ
بين الشعيرات البيضاء
الحياةُ... الشجرةُ
عاصفة الزمن
شعاعُ الحياة
وأعين الموتى

أنا وأنتِ
رجفةُ الحلمِ.

ــ حينَ وحيدةً في حلمِ الكلام

في لياليكَ صامتةٌ أنا،
أعدّ لنفسي دربَ الحتف...
ثمّة صدى للفراغ ينثرني رماداً
أذهب وآتي تائهةً
صوتك يعانق نظراتي...
إنّه المساء...
ما من رغبةٍ لدي كي أهاجمَ صباحك...
دعني أجعلْ ثلجكَ لاهباً
المدينةُ تعومُ في الفراغ...
المدينةُ تخلعُ الموتَ من الأظافر...
تطوفين مدينة الضباب ليلاً...
المدينة التي ماتت..
وأنا السرابُ في حقلِ الكلام.

*شاعر ومترجم من مواليد القامشلي عام1987 يرأس تحرير القسم الكردي في مجلّتي «سورمَي» أو «النبيذُ الأحمر». ترجم روايات عدة من اللغة العربية إلى الكردية، منها: «موتى مبتدئون» لسليم بركات، واليهودي الحالي» لعلي المقري، وصدر له أخيراً ديوان نثري باللغة الكرديَّة بعنوان «بوغيى بريفا».