لانغستون هيوز... «نهضة هارلم»

  • 0
  • ض
  • ض

محمّلاً بأثقال المهن الشاقة التي عمل فيها، وصل لانغستون هيوز (1902 ــ 1967) إلى هارلم وهو في الرابعة والعشرين. إيقاعات «البلوز الحزينة» (عنوان باكورته الشعرية عام 1926) خرجت خلال «نهضة هارلم»، من روح الجاز والبلوز والغوسبل، ومن تجريبه الفطري بالتراث الشفوي العامي الأسود والأصيل. عندما قفلت السنوات الذهبية للنهضة أواخر الأربعينيات، لم يجد الشاعر الروائي والمسرحي الأفرو أميركي سبباً كافياً للابتعاد عن الحي النيويوركي. «حين ترحل الأحلام، تصبح الحياة أرضاً قاحلة، متجمّدة في الثلج». بقي هيوز متمسكاً بأحلام النهضة البائدة التي كانت أولى فرص السود للتعبير عن هويتهم الجماعية المهمشة بالمسرح والموسيقى والرقص والشعر. على مقاس تلك الأحلام صنع شقته التي استأجرها في شارع 127 في هارلم، التي كانت محطة أساسية لأبرز وجوه تلك الحركة الفنية التي فجّرتها نخب الأفارقة الأميركيين في الجزء الآخر من نيويورك. لقد صارت تلك الشقة مرادفاً حميمياً للنهضة، والصورة الأخيرة الماثلة عنها، إذ كانت نغمات الجاز تصل إلى آذان المارة في الشارع، كما أصوات الشعراء السود. لكن ذلك راح يخفت مع وفاة هيوز عام 1967، بعد عشرين عاماً أمضاها في الشقة التي كادت أن تضيع قبل أسابيع قليلة في السوق العقارية. أثار عرض البيع الذي نشره مالك الشقة اهتمام الكاتبة الأميركية رينيه واتسون، فقادت حملة جمع تبرعات مالية أخيراً لإعادة إحياء المنزل. مع الجمعية الفنية التي اختارت عنوان قصيدة I, Too لهيوز اسماً لها، ومعظمها من المتطوعين، استطاعت واتسون حتى الآن جمع مبلغ مالي كبير، يمكّنها من استعادة المنزل. لكن الجمعية لن تكتفي بهذا، بل تسعى إلى استعادة ألق «نهضة هارلم»، حيث ستتحوّل الشقة إلى منصة للفنون والآداب بكل أنواعها.

0 تعليق

التعليقات