عبد الرحيم الصايل
1

دعيني أولاً
أنظف طريق قبلتي إلى فمك من الزمن
ثم قولي ما تريدين قوله بعد ذلك
لقد تدربت طويلا على التقبيل
في جذوع أشجار الكالبتوس النصرانية
إلى أن اخضر القلب
وصار عندي سيان
أن أفلح في الحب أو أفشل فيه
ربما لا ضرورة لأن نتحدث
بينما جسدانا لديهما الكثير لقوله
سينطق الصمت إذن

وكل كلمة سيقولها
ستقفز من سريري المكسور إلى الجدار
وستمشي مثل النملة إلى الجدار المجاور
وهكذا إلى الصالة إلى الأريكة
إلى الدرج إلى الباب
الذي صدَّ الزمن طيلتنا معاً
كي لا تذهب سدى
أية قبلة بذلناها
وأية تنهيدة من تنهيداتك
التي سيستعصي وصفها بالتأكيد
عليَّ و على أعدائي
سنشكر الباب
وسنتركه موارباً
وفي النهاية
يجب أن تعرفي شيئاً:
ما من كلب في قريتي
سيحرس جسدك بأمانة سواي.

2

في المقبرة
التي يجاورها لسنين مكبّ نفايات
و مستنقع مياه تصريف
تم دفنك يا جدي
جنب قبرك
تذكرت رائحة الزيت
التي تركتها يداك
على المجلة الشعرية المغتربة
حيث نُشرت لي أول قصيدة
رفضَتْ أن تنشرها جرائد بلادي.


3

كنتُ لغماً،
وكانت الجذور بقربي
أنيسة خطورتي في باطن الأرض
مبكراً عرفتُ أن الحياة ستدوسني
وأخبرتُ الجميع بذلك.

4

في الغرفة
التي تقاسمتها مع إخوتي
رسمت نساء كثيرات على الجدار،
فيما إخوتي
رسموا جنبهنّ شاحنات
وسيارات مستعملة وقطع غيار
أما الأخت الوحيدة
فرسمت طائرة
وهاجرت دون أن تودع أحداً.


5

يسألونني
من أين جئت باللغة؟
فأجيب أنها هي التي جاءت بي.
أنا مجرد كلمة صغيرة
كافحت ضد أن تكبر

6

أصغيتُ إليهم
وهم يتحدثون
عن قصصهم في الحب
و حينَ جاء دوري
لأتحدَّث عنكِ قبل أن أجدكِ
نظروا إلى ساعاتِهم،
فاقترحْتُ أن نذهبْ.

7

إن رأيتني أمشي
فذلك يعني
أني أخيط شجرة
وإن رأيتني أجلس صامتاً
فذلك يعني
أني أجلس صامتاً
أما إن رأيتني
أتحدث
فذلك يعني
أني رميت صنارة
في أعماق الألم
وأنتظر
أن أَعْلقْ.
* شاعر مغربي