حتى الآن لا يوجد أي نوع من أنواع الحماية لتعويضات العمال المتراكمة في فرع نهاية الخدمة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. هذه الأموال معرّضة لمخاطر مختلفة أهمّها، في المرحلة الراهنة، المخاطر المتصلة بتقلّبات سعر صرف الليرة، وباحتمال لجوء الدولة إلى فرض ضريبة على سندات الدين السيادية وعلى الودائع الخاصة.وبحسب المعطيات الإحصائية المستخرجة من قطوعات حسابات الضمان غير المصدّقة لعام 2018، فإن فرع نهاية الخدمة في الصندوق يملك 14443 مليار ليرة، منها 6089 مليار ليرة موظّفة في سندات الخزينة اللبنانية بآجال تستحق بين سنة وخمس سنوات، ومنها 4813 مليار ليرة مجمّدة في حسابات خاصة بالعملة المحلية لدى المصارف التجارية على فترات تستحق بين ثلاثة أشهر و12 شهراً. معدّل الفائدة المثقلة على هذه التوظيفات يبلغ 8.2%، أي أقل من المعدلات الرائجة في السوق.

أنقر على الرسم البياني لتكبيره

في حال حصول أي تطوّرات سلبية على سعر صرف الليرة مقابل الدولار، أو في حال لجوء الدولة إلى فرض ضريبة على السندات والودائع، ستتآكل هذه الأموال التي لا تحمل أي صفة استثنائية أو امتيازاً يُعفيها من عمليات كهذه، في ظل غياب أي نصوص قانونية أو نظامية تنطوي على حماية. والمفارقة أنه يجري الخلط بين الحماية الممنوحة لأموال الضمان المتوجبة على المشتركين (الشركات) التي تُعدّ ديناً ممتازاً من الدرجة الثانية بعد تسديد ديون الدولة، وبين تعويضات نهاية الخدمة.
المطلوب صدور تشريع يحمي هذه الأموال فوراً لتوفير حدّ أدنى من الأمن الاجتماعي المتعلّق بتعويضات العمال في ظل ارتفاع احتمال تعثّر الشركات وصرف الموظفين.
وما يعزّز صدور مثل هذه التشريعات، أن أموال نهاية الخدمة في الصندوق تتعرّض لعملية نهب منظّمة، فمن أصل 14443 مليار ليرة، هناك 2068 مليار ليرة هي عبارة عن مسحوبات غير شرعية لتمويل عجز فرع ضمان المرض والأمومة، ومبلغ 1146 مليار ليرة مسحوبة بشكل غير شرعي لتمويل سلف المستشفيات (تغذّي بشكل مباشر فرع ضمان المرض والأمومة)، كما أن هناك فواتير غير مصفّاة في الصندوق بقيمة تقديرية تبلغ 700 مليار ليرة بالحدّ الأدنى، تضاف إليها ديون على فرع التعويضات العائلية بقيمة 163 مليار ليرة، أي أن المسحوبات لتمويل ضمان المرض والأمومة باتت تمثّل 28.2% من مجمل الأموال المتراكمة في فرع نهاية الخدمة. بعض التقديرات تشير إلى أنه في حال الاستمرار بهذا النهج، فإنه بحلول عام 2040 ستصبح المسحوبات من نهاية الخدمة لتمويل ضمان المرض والأمومة 45% من مجمل الأموال المتراكمة.
وللصندوق ديون على الدولة تقدّر بنحو 2000 مليار ليرة (من دون الفوائد)، وديون على القطاع الخاص تقدّر بنحو 1000 مليار ليرة. وحتى لو تم تحصيل كل هذه المبالغ فوراً، فإن فرع ضمان المرض والأمومة سيبقى عاجزاً، وستواصل إدارة الضمان السحب من فرع نهاية الخدمة.


يخضع توظيف أموال نهاية الخدمة في الضمان لآلية أعدّتها اللجنة المالية في عام 2012، ولم يجر أي تعديل عليها بسبب نهاية ولاية اللجنة وعدم تعيين أعضائها مجدداً. هذه الآلية تنصّ على الآتي:
ــ يوظّف 80% كحدّ أدنى من أموال الضمان المتجمّعة تدريجياً من الإيرادات ومن استحقاقات التوظيفات بالليرة اللبنانية على أن تكون ما نسبته 50% كحدّ أقصى في المصارف لآجال قصيرة لمدة 12 شهراً، و50% كحدّ أدنى في سندات خزينة الدولة اللبنانية.
ــ 20% أقصاها بالعملات الأجنبية وفق الأولويات تتضمن ودائع بالعملات الأجنبية لآجال قصيرة أقصاها 12 شهراً، وإصدار خاص من وزارة المال للضمان الاجتماعي، الاكتتاب بالإصدارات الجديدة في العملات الأجنبية، والشراء مباشرة من سوق اليوروبوندز الثانوي.
طبّقت إدارة الضمان الجزء الأول من قرارات اللجنة المالية المتعلقة بالتوظيف بالليرة اللبنانية، وأبقت الجزء المتعلق بالتوظيف بالدولار خارج التطبيق.