بغداد | تكشِف مصادر سياسية في «الإطار التنسيقي» في العراق، لـ«الأخبار»، أن الأخير اتّفق مع قيادات في «الحزب الديموقراطي الكردستاني» على سحب اعتراضاتها والتصويت على الموازنة الثلاثية، مقابل عدم تأخير الحكومة الاتحادية رواتب موظّفي كردستان ودفعها بطريقة منتظمة. وكان نواب الإقليم اعتبروا أن تعديل المواد 12 و13 و14 من مشروع قانون الموازنة، والمتعلّقة بحصّة الإقليم، مثّل تعدّياً على حقوقه، فيما قاطع أعضاء «الديموقراطي» في اللجنة المالية النيابية الاجتماعات التي تعقدها لمناقشة فقرات مسوّدة القانون، قبل التصويت النهائي عليها. وفي المقابل، انتقد نواب محافظات الجنوب والوسط سياسة كردستان، واصفين إيّاها بـ«التعسفية»، ومعبّرين عن تصميمهم على عدم التراجع عن التعديلات التي أجرتها اللجنة المالية بشأن مستحقّات الأكراد. وتُرجّح أوساط مراقبة للشأن السياسي، توصُّل الأقطاب المنخرطة في مساعي حلّ الأزمة إلى تسوية سياسية مؤقّتة، وذلك بعد اجتماعات ونقاشات أجرتها قيادات متنفّذة في «التنسيقي» مع الحزبَين النافذَين في الإقليم، «الاتحاد الوطني الكردستاني»، و«الحزب الديموقراطي الكردستاني». وفي هذا السياق، يؤكد مصدر في «التنسيقي»، لـ«الأخبار»، مشترطاً عدم الكشف عن اسمه، أن «مفهوم التسوية السياسية مع الحزب الديموقراطي الكردستاني تكرّر خلال نقاشات الإطار، تلافياً لتفاقم الأزمة الحاصلة»، معتبراً أن «التنسيقي لديه اتّفاق مع الإقليم، ولذا سيكون مجبَراً على تمرير مطالب أحزابه، كونها مساهمة في دعم الحكومة الحالية». ويلفت المصدر إلى أن «قوى الإطار ليست جميعها على الموقف نفسه من قضية التعديلات التي أجرتها اللجنة المالية على الفقرات الخاصة بالإقليم، التي يحتويها مشروع الموازنة»، مضيفاً أن «المقرّبين من رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، رافضون لهذه العرقلة التي فتحت باب الخلافات مع كردستان من جديد، ويعتقدون أن الاتفاق السياسي الذي على أساسه تشكّلت الحكومة، كان صريحاً وواضحاً في منح الإقليم رواتب موظفيه، والاتفاق على بيع نفطه من خلال شركة النفط الوطنية سومو». ويرى المصدر أن «النواب الذين أثاروا هذه القضية فعلوا ذلك باجتهاد شخصي»، مضيفاً أن «السوداني تدخّل بشكل شخصي لمنع تفاقم الأزمة ووصولها إلى مرحلة المقاطعة، كما حصل سابقاً مع حكومة حيدر العبادي».
«الإطار» وافق على تمرير مطالب الأكراد كونهم مساهمين في دعم الحكومة


من جانبه، يشير النائب في البرلمان عن «الإطار التنسيقي»، محمد البلداوي، إلى أن «الموازنة تأخّرت بسبب المادّتَين 13 و14»، مستدركاً بأنه «خلال الأسبوع المقبل، وسواء حصل الاتفاق أو لم يحصل، سنمضي بإجراءات الموازنة داخل مجلس النواب»، مؤكداً أن هناك «شبه اتفاق على أن تكون لمجلس النواب الكلمة الفصل في حسم الموازنة وتمريرها عن طريق التصويت بالغالبية، حالها حال القوانين الأخرى». ويقول البلداوي، لـ«الأخبار»، إن «الموازنة ستدخل في أزمة التأخير، إن لم تكن هناك اتفاقات سياسية»، مضيفاً أنه «إلى الآن، لم نلمس اتّفاقاً قد نجتاز من خلاله العراقيل التي حالت دون إقرار الموازنة». لكنّ عضو اللجنة المالية، خليل غازي، يعتقد أن «الاتفاق على المادة 14 في مشروع الموازنة وارد»، معتبراً، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «التغييرات التي طرأت ستضرّ بإقليم كردستان، وقد بذلنا جهودنا لغرض حماية حقوق شعبنا، ونحن مع حكومة بغداد ملتزمون بالاتفاق السياسي الأخير»، متوقّعاً تسوية الاعتراضات، «لأن جميع الأطراف المؤثّرة أصبحت متّفقة». وفي الاتجاه نفسه، تؤكد القيادية في «الحزب الديموقراطي الكردستاني»، سوزان كوجر، أن «هناك اتفاقاً سياسياً جديداً بين الأحزاب على تمرير الموازنة خلال الأيام المقبلة»، مدافعةً بأن «اعتراضنا كحزب ديموقراطي هو دفاع عن حقوقنا المشروعة في الإقليم، وسعي لنيل الحصّة العادلة. وإذا حصل اتفاق سياسي، فالموازنة كاملة من الناحية الفنّية، وهذا سيجعل موعد إقرارها سريعاً».
في المقابل، ينتقد النائب المستقلّ، أمير كامل، الاتفاقات السياسية بشقَّيها الباطني والظاهري بخصوص الموازنة، معتبراً، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «تلك الاتفاقات لم تحقّق العدالة الاجتماعية لجميع مواطني البلد»، مضيفاً أن «وقفتنا داخل مجلس النواب، ومطالبتنا بتعديل الفقرات التي لا تخدم الصالح العام، هما من أجل عدم رهن أموال الشعب باتفاقات سياسية قد تفضّل محافظات على محافظات أخرى». ويعتقد كامل أن هناك «غبناً لتسع محافظات في الفرات الأوسط والجنوب، خاصة في موضوع التخصيصات التي لا تتجاوز تريليونين ونصف تريليون دينار، بينما تنال محافظات الإقليم أكثر من ذلك بأضعاف». ولا يستبعد المحلّل السياسي، حيدر الموسوي، بدوره، سيناريو اتفاق «التنسيقي» مع «الديموقراطي» على تسوية تخدمهما خلال المرحلة الحالية، ولا سيما أن الأوّل يسعى لإقرار الموازنة حتى لا يقع في فخّ المنتقدين له والمتربّصين به من الأطراف الأخرى التي تريد إسقاط حكومته. ويرى الموسوي، في حديث إلى «الأخبار»، أن «اعتراض الإقليم وعرقلته لقانون الموازنة هما إحراج للسوداني، لذلك لم يكن هناك موقف رسمي من الأخير»، مستدركاً بأن «الاجتماعات جميعها كانت تهدف إلى تهدئة الإقليم بعد أن انتقد حكومة بغداد، ورأى قراراتها مجحفة بحقّ سكانه»، متوقّعاً تفكّك «ائتلاف إدارة الدولة» بعد إقرار الموازنة، «لأنه بات شكلياً، ولا تآلف بين أعضائه، فالمصلحة بدأت تنتهي وتتلاشى تدريجياً».