بغداد | وقّع الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأسبوع الماضي، مرسوماً يمدّد من خلاله حالة الطوارئ الوطنية التي تتعلّق بأوضاع العراق الأمنية والسياسية. ونشر البيت الأبيض بياناً، نقلاً عن بايدن، رأى فيه أن هناك عقبات لا تزال تعترض إعادة الإعمار المنظّم للعراق، واستعادة السلام والأمن في البلاد والحفاظ عليهما، وتطوير المؤسّسات السياسية والإدارية والاقتصادية فيه. ورأى بايدن أن الوضع غير مستقرّ، ويشكّل تهديداً غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للعراق والولايات المتحدة أيضاً؛ ولذلك، فهو قرّر أنّ من الضروري استمرار حالة الطوارئ المعلَنة. ومع غزو الجيش الأميركي للبلاد في عام 2003، أصدر الرئيس الأميركي الأسبق، جورج دبليو بوش، القرار 13303 الخاص بالعراق، والذي يقضي بحظر تصدير بعض السلع ومعاقبة شخصيات وكيانات سياسية تهدّد الأمن القومي، بحسب ما جاء في القرار. وعليه، فإن استمرار هذه الحالة سيكون سبباً في إبقاء العقوبات التي اتُّخذت في إطار «قانون القوى الاقتصادية لقانون الطوارئ الدولي»، الصادر في 22 أيار 2003.وتأتي هذه الخطوة في وقت تدأب فيه السفيرة الأميركية لدى بغداد، ألينا رومانوسكي، على التلميح، في أكثر من مناسبة، إلى أن قوات بلادها لن ترحل عن العراق، فيما تؤكد أن الأخير يمثّل أهمية استراتيجية كبيرة لواشنطن. ولاقت تحركات رومانوسكي وتصريحاتها موجة من الانتقادات من قِبل سياسيين ونشطاء، رأوا أن تدخّلها في الشأن الداخلي انتهاك واضح لاستقلالية القرار العراقي. وفي هذا الإطار، رأى عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، وعد القدو، وهو أحد المدرجين على لائحة العقوبات الأميركية، أن قرار تمديد حالة الطوارئ «ما هو إلّا ذريعة للتدخّل في شؤون العراق»، مذكّراً بأن «قرارات كهذه في قواميس السياسة الأميركية تعني الهيمنة على البلاد». وفي تصريح إلى «الأخبار»، قال القدو إن «العراق في الوقت الحالي لا يحتاج إلى مثل هذه القرارات، لأنه يعيش حالة استقرار إلى حدّ كبير على مستوى الوضع الأمني والسياسي وحتى الخدمي والإعمار وتحسين الاقتصاد وتطويره»، مشدّداً على أن «من الضروري أن يكون هناك موقف حكومي إزاء القرار الذي يمسّ سمعة العراق».
وفي الاتجاه نفسه، أشار عضو مجلس النواب، علي البنداوي، إلى أن «قرار الولايات المتحدة متوقّع»، لافتاً إلى أن «مجلس النواب تطرّق خلال اجتماعه إلى هذا القرار»، داعياً «البيت التشريعي إلى أن يتّخذ إجراءات تلزم الحكومة بضرورة أن يتمّ التعامل مع الإدارة الأميركية على أساس الأعراف الديبلوماسية، لأن مثل هكذا قرارات في المنطقة لا تكون إلّا على العراق». وأعرب البنداوي، في حديث إلى «الأخبار»، عن اعتقاده بأن «هذه التدخّلات إن دلّت على شيء، فعلى عدم احترام الإدارة الأميركية لسيادة العراق»، مستنكراً «قرار إبقاء حالة الطوارئ لأنه من جانب واحد وغير مؤثّر على العراق»، ومطالباً «الحكومة العراقية بأن تتعامل بجدّية مع واشنطن».
من جهته، لم يرَ الخبير في الشأن العسكري ومكافحة الإرهاب، عماد علو، مسوّغاً أو مبرّراً لتمديد حالة ال
يرى البعض في تمديد حالة الطوارئ ذريعة للتدخّل في شؤون العراق

طوارئ خلال الوقت الحالي، وخاصة أن مصالح الولايات المتحدة في العراق وقواتها لم تتعرّض خلال الأشهر الستة الماضية لأيّ ضربة أو عمليات قصف. وطالب علو الحكومة العراقية بأن تتحدّث إلى الإدارة الأميركية لمعرفة مغزى هذا القرار والمعايير التي اعتمدت عليها، ولا سيما أن واشنطن لا تزال تحاول تمديد إبقاء قواتها العسكرية في الأراضي العراقية. ورأى علو أن «الحوار بين الجانبَين في الوقت الحالي مهمّ للغاية، في ظلّ المتغيّرات التي شهدتها الساحة العراقية مع حكومة السوداني، ومنها ما يتعلّق بالأمن والهدوء السياسي».
أمّا المحلّل السياسي، أحمد الياسري، فلفت إلى أن «تمديد حالة الطوارئ جاء بناءً على تقارير وإحاطات قدّمتها ممثّلة الأمم المتحدة لدى العراق، جنين بلاسخارات، خلال جلسات مجلس الأمن طوال الفترة السابقة». وأضاف الياسري، في تصريح إلى «الأخبار»، إن «الفوضى وتكميم الأفواه وانعدام الحريات وانتشار الفساد وتهريب الدولار إلى خارج القطر، فضلاً عن الانفلات الأمني وتفشّي السلاح المنفلت، جميعها مهّدت لأن يُنظر إلى العراق على أنه بلد يفتقر إلى الاستقرار والأمن، فضلاً عن استمرار حالات النزوح بعد انتهاء الحرب مع داعش». ورأى أن «هدف الولايات المتحدة من القرار هو الحدّ من نفوذ الفصائل المسلحة، وخاصة بعد مشاركة هذه الأخيرة في مجلس النواب وحصولها على مناصب في الحكومة العراقية»، متابعاً أن القرار جاء أيضاً «كذريعة للحفاظ على بقاء القوات الأميركية أطول مدّة ممكنة على أرض العراق». وختم بأن «القرار لن يؤثّر على الحكومة ونشاطاتها، ولا حتى على علاقاتها الخارجية، وإنّما فقط سيؤثّر على الشخصيات الموجودة على لائحة العقوبات بسبب الفساد والإرهاب وغيرها من الأسباب التي أشار إليها البنتاغون في العقدَين الأخيرَين».