بغداد | مطلع الأسبوع، ضجّت وسائل الإعلام العراقية ومواقع التواصل الاجتماعي بخبر تهديد زعيم «ائتلاف دولة القانون» ورئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، لرئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، بسحب وزرائه من حكومته، بسبب تدخّلات وضغوط تقوم بها «حركة عصائب أهل الحق» التي يقودها قيس الخزعلي. لكن مدير المكتب الإعلامي لـ«دولة القانون»، هشام الركابي، أكد، في تغريدة مقتضبة على «تويتر»، «وحدة الإطار التنسيقي وتماسكه والتزامه بدعم الحكومة»، نافياً تهديد المالكي للسوداني بسحب الوزراء، واصفاً الأنباء المتداولة في هذا الشأن بـ«الكاذبة». وفي الاتّجاه نفسه، يصف النائب عن «دولة القانون»، جواد عزيز الغزالي، في تصريح إلى «الأخبار»، الخلافات الأخيرة داخل «التنسيقي» بـ«البسيطة»، وبأنها «لا تعدو أن تكون اختلافات في وجهات النظر»، مضيفاً إن «الحديث عن خلافات بين المالكي والخزعلي حول عمل الحكومة ليس صحيحاً إطلاقاً». ويقول: «أنا شخصياً التقيت السيد المالكي قبل أيام قليلة، وتَبيّن من خلال حديثه أنه داعم للحكومة الحالية»، إلّا أنه يؤكد أنّ من المبكر الحُكم على أداء السوداني، وخاصة أن الموازنة لم تُقرّ بعد. وكان مجلس الوزراء قد صدّق، قبل أسبوع، على إقرار المنهاج الحكومي، ليبدأ العدّ التنازلي لتقييم عمل الحكومة والمحافظين في الإدارات المحلية خلال مدّة لا تزيد عن مئة يوم.في المقابل، يقول قيادي في «التنسيقي»، تحدّث إلى «الأخبار» طالباً عدم كشف اسمه، إن الخلافات الحادّة التي يعيشها «الإطار» حالياً تصل إلى «كسر العظم». ويعتقد القيادي أن «بعض القوى الإطارية بدأت تشعر بالحساسية العالية لأنها لم تحصل على مناصب مهمّة في حكومة السوداني، فبدأت تتحفّظ في دعمها له تارة وتسحب نفسها من مشروعه تارة أخرى»، لافتاً إلى «استغراب بعض القيادات، وأنا منهم، قيام السوداني بتعيين أفراد من عشيرته في رئاسة الوزراء». ويشير إلى أن «أكثر ما يعمّق الفجوة هو ضغط بعض الفصائل على السوداني لمنحها مهام جهاز المخابرات وأمن مطار بغداد الدولي». وفي مقابلة بثّها التلفزيون العراقي الرسمي أخيراً، كشف الخزعلي عن اتّفاق تمّ مع السوداني بإلزامه بالرجوع في بعض قراراته إلى «التنسيقي»، مؤكداً أنه داعم لرئيس الوزراء مئة في المئة للقيام بواجباته ومن ضمنها محاربة الفساد.
قوى «إطارية» تشعر بحساسية لأنها لم تحصل على مناصب مهمّة في حكومة السوداني


من جهته، يلفت النائب عن «الاتحاد الإسلامي الكردستاني»، جمال كوجو، إلى أن «مشروع الإطار التنسيقي ليس صلباً منذ بداية تأسيسه لمواجهة التحالف الثلاثي، وخاصة لمناوأة التيّار الصدري»، معتبراً في حديث إلى «الأخبار»، أن «من الطبيعي جدّاً أن تكون هناك انقسامات داخله، لأنه ليس إطاراً متآلفاً، بل متصارع من أجل المناصب والمصالح». ويرى أن «قضية بقاء التحالف الشيعي، سواء كان داعماً للحكومة أو لا، ستتّضح في الأشهر الستّة الأولى بعد إقرار موازنة الدولة؛ فإمّا يذهب نحو الانسجام أو التشرذم». ويشير النائب المستقلّ، سجاد سالم، بدوره، إلى أن «الإطار التنسيقي يعاني من اختلالات وتناقضات بين مكوّناته، فمن الطبيعي أن تكون هناك اختلافات مع رئيس الوزراء»، مضيفاً، في تصريح إلى «الأخبار»، إن «الانشقاقات محتمَلة وبوادر الخلاف الآن تتصاعد». ويعتقد سالم أن «السوداني سيكون مضطرّاً إلى الاصطفاف مع جهة داخل الإطار التنسيقي ضدّ جهة أخرى، لأن من الصعب جداً أن يوفّق بين جميع الجهات، ولا سيما أن هناك قوى تمتلك فصائل مسلّحة ولديها باعٌ في تهديد الدولة والهيمنة عليها»، وأن «تصاعد الخلاف سببه توزيع المغانم ووكالات الوزراء والمديرين العامين والهيئات المستقلّة التي تؤدي دوراً في تغذية الصراعات الموجودة بين قوى التحالف الشيعي».
إزاء ذلك، يرى مدير «المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية»، علي الصاحب، أن «الإطار التنسيقي أصبح فيه جناح يميني راديكالي، وآخر يساري ليبرالي، وثالث قد يكون ملتزماً الصمت، وهو ما انعكس على العلاقة مع السوداني الذي حاول تغيير الواقع المتردّي سياسياً واقتصادياً». ويلفت الصاحب إلى أن «تحرّكات السوداني نحو مكافحة الفساد أثارت حفيظة بعض الشخصيات في الإطار التنسيقي، والتي اعتبرت ما قام به تفرّداً بالقرار، واتّهمته بالإقطاعية الحكومية عندما عيّن بعض أقاربه في وظائف حسّاسة»، مضيفاً إن «عُمق الخلافات الحالية قد ينذر بزوال كتلة اسمها الإطار التنسيقي أو قد يؤدي إلى فرْط الحكومة قبل أن تُكمل عامها الأوّل». في المقابل، يستبعد الكاتب والمحلّل السياسي قاسم العبودي وصول الخلافات إلى درجة الوقوف بوجه حكومة السوداني، معتبراً أن «الخلافات مفتعَلة من بعض المغرضين لإسقاط الإطار التنسيقي». ويشير إلى أن «ما حصل هو أن المالكي والخزعلي اختلفا في وجهات النظر حول أحد القرارات التي تخصّ السوداني»، مستدركاً بأنه «تمّ الاتفاق بين الطرفَين المختلفَين، والأمور عادت طيّبة».