تستمرّ المحاولات في العراق للخروج من النفق المسدود الذي وصلت إليه العملية السياسية، في ظلّ شكوك في إمكانية تحقيق الاختراق المطلوب. ومن المفترض أن تنعقد اليوم جلسة استثنائية لمجلس النواب، يقسم خلالها النواب الجُدُد الذين سيحتلّون مقاعد نوّاب «التيار الصدري» المستقيلين، اليمين الدستورية، لترتسم بذلك - إذا ما كُتب النجاح للجلسة - صورة مغايرة للبرلمان، تحتلّ الغالبية فيه قوى «الإطار التنسيقي». وتأتي الجلسة المفترضة هذه وسط بروز لهجة مهادنة إزاء إيران، اعتمدها بصورة مفاجئة زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، الذي نفى أن يكون انسحاب تيّاره من العملية السياسية بسبب ضغوط إيرانية، قائلاً في بيان إن «إيران هذه المرّة لم تمارس أيّ ضغوط على أيّ طرف شيعي، وما يُشاع عن أن سبب انسحابنا كان تهديداً إيرانياً، هو كذب ولا صحّة له»، مضيفاً أن «هنالك ما قد يسمّيه البعض أذرع إيران، (والتي) تمارس انتهاكات سياسية ضدّ القضاء العراقي وتحاول تجييرها لصالحها، كما وتحاول ممارسة ضغوط ضدّ الكتل السياسية الأخرى سواءً المستقلّين أو الكتل غير الشيعية، خصوصاً أن جلسة الغد (اليوم) على الأبواب». واعتبر أن «بعض الكتل الأخرى تتخوّف من ازدياد الضغوطات غير المشروعة من عنف وقرارات قضائية وشائعات كاذبة»، داعياً إيّاها إلى «موقف شجاع من أجل الإصلاح وإنقاذ الوطن، وعدم مسايرة الضغوطات الطائفية».وكان 50 نائباً من «الإطار التنسيقي»، في البرلمان المكوَّن من 329 مقعداً، تقدّموا بطلب إلى رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، لعقد «جلسة طارئة» تحت عنوان مناقشة «الاعتداءات التركية» على العراق، لكن انعقاد الجلسة يظلّ موضع شكّ؛ كونه مرهوناً بحضور القوى السياسية الأخرى لتحقيق نصاب الثلثَين المطلوب. وإلى الآن، لم يتأكّد إلّا حضور «التنسيقي»، الذي لا يستطيع وحده تأمين النصاب اللازم لتمرير النواب البدلاء الذين ينتمون بغالبيتهم إلى قوى الإطار. وإذ يتوقّع «التنسيقي» أن يصبح عدد مقاعده 160 بعد أداء البدلاء اليمين، فإن تَحقُّق هذه الخطوة الأخيرة يتوقّف خصوصاً على مواقف «الحزب الديموقراطي الكردستاني» و«تحالف السيادة» والمستقلّين الذين كانوا الرابح الثاني من الاستقالة الصدرية، بعدما ارتفع عددهم من نحو 40 نائباً إلى نحو 58، إذا ما احتُسب من ضمنهم أعضاء كتلة «حركة امتداد» التي ازدادت حصّتها من 9 إلى 16 مقعداً.
يرتبط فتح ثغرة في العملية السياسية بمواقف «الحزب الديموقراطي» و«تحالف السيادة» والمستقلّين


وفي ما يتعلّق بـ«الديموقراطي الكردستاني» تحديداً، فقد ساد تضارب في شأن موقفه من التطوّرات الأخيرة بعد انسحاب الصدريين، خصوصاً على إثر كلام زعيمه، مسعود بارزاني، التصعيدي الأخير، والذي اعتبر فيه أن «إقليم كردستان بُني بدماء الشهداء وسندافع عنه بالدم»، وذلك على خلفيّة الصراع بين بغداد وأربيل على استئثار جماعة بارزاني بالموارد النفطية للإقليم، وبيعها خلافاً للقانون العراقي، عبر عقود مع شركات تابعة للزعيم الكردي. وفيما نقل موقع «كردستان 24» عن بارزاني قوله، في رسالة بعث بها إلى قادة «الإطار التنسيقي»، إن «التزام الأطراف السياسية العراقية بالمبادئ الثلاثة: الشراكة، والتوازن، والتوافق، هو شرط أساسي لمشاركة الإقليم في الحكومة العراقية المقبلة»، نفى مسؤول الشؤون العراقية في مكتب الزعيم الكردي، عرفات ستوني، أن يكون بارزاني قد بعث بأيّ رسالة من هذا النوع، قائلاً إن «ما نُشر خبر كاذب، وننفيه نفياً قاطعاً».
وسواءً انعقدت جلسة البرلمان أم لا، فإن الأدوار في العراق انقلبت عن ما كانت عليه غداة الانتخابات التي جرت في تشرين الأول الماضي. حينها، كانت قوى الغالبية التي يتصدّرها الصدر تسعى لتشكيل الحكومة، فيما لجأت قوى «التنسيقي» إلى الشارع أولاً اعتراضاً على نتائج الانتخابات، ثمّ لفرض حكومة توافقية. أمّا اليوم، فتملك الأخيرة فرصة لتشكيل الحكومة، فيما تسود المخاوف من لجوء الصدر إلى الشارع.