بغداد | على رغم أن المحادثات بين مقتدى الصدر و«الإطار التنسيقي»، سواءً المباشرة التي يخوضها رئيس «تحالف الفتح»، هادي العامري، أو تلك التي تجري بالواسطة عبر قائد «قوّة القدس» في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال إسماعيل قاآني، الذي زار العراق، واجتمع بقادة «الإطار» وبالصدر، لم تتوصّل إلى نتيجة حاسمة حتى الآن، إلّا أن كلاماً كثيراً قيل من جانب مسؤولي «الإطار» عن توافُقات سياسية جرى التوصّل إليها، من دون أن تؤدّي إلى بلورة اتّفاق واضح يُنهي أزمة تشكيل «الكابينة» الجديدة. وكما صار معلوماً، فإن واحدة من نقاط الخلاف الرئيسة هي رفْض الصدر إشراك رئيس «ائتلاف دولة القانون»، نوري المالكي، في الحكومة، وهو ما سيؤدّي عملياً إلى شقّ صفّ «التنسيقي» في حال قبول الأطراف الأخرى في «الإطار»، والتي يوافق الصدر على مشاركتها في ائتلاف واحد، على الدخول في الحكومة من دون المالكي، الأمر الذي سيمثّل مشكلة كبيرة لهذه الأطراف، كون المالكي لديه كتلة نيابية وازنة تشكّل لوحدها نحو نصف الكتلة البرلمانية لـ«الإطاريين».
ثمّة تَوقُّعات بحدوث انفراج سياسي في الأيام المقبلة يؤدّي إلى تشكيل حكومة توافقية

ويقول النائب عن «الفتح»، غريب عسكر المرادلي، لـ«الأخبار»، إن ما يقوم به العامري في اجتماعاته مع الصدر، هو «محاولة لتقريب وجهات النظر بخصوص مشاركة المالكي»، مُتوقِّعاً أن «يكون هناك انفراج في قادم الأيام» يؤدّي إلى تكوُّن «كتلة شيعية موحّدة تدْخل في تشكيل الحكومة». أمّا القيادي في «التنسيقي»، عباس العرداوي، فيلفت إلى أن «الصدر لا يزال متمسّكاً بخيار الغالبية الوطنية»، فيما «يرفض الإطار إجباره على الذهاب إلى المعارضة»، مضيفاً أن المناقشات الجارية حالياً تستهدف «تهيئة الظروف المناسبة لتفاهمات تُنتج على أقلّ تقدير حكومة مستقرّة»، معرباً عن اعتقاده بأن ثمّة تفاهمات بدأت تتشكّل في هذا الاتجاه. لكنّ المحلّل السياسي، مجاشع التميمي، يقول إن «قاآني كما يبدو غادر النجف من دون تحقيق أيّ نتيجة تُذكر مع الصدر، الذي ما زال متمسّكاً بمشروع الغالبية الوطنية الذي يسعى إليه والذي يستبعد المالكي». ويرى التميمي، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «الدور الإيراني في العراق تبدَّل بعد اغتيال سليماني، ودور قآاني يختلف عن الدور الذي كان يؤدّيه سلفه»، مشيراً إلى أن «لإيران مجموعة مصالح في العراق تسعى إلى تحقيقها، وهي تقوم بالتفاوض مع الأطراف كافّة، كونها دولة براغماتية وتعرف جيّداً أن الأوضاع في العراق تَغيّرت»، مضيفاً أن «طهران تحاول تقريب وجهات النظر في البيت الشيعي بطرق ديبلوماسية، لا بالضغط، وتحاول التقرّب أكثر من التيار الصدري الذي فاز في الانتخابات الأخيرة بفارق كبير عن أكبر الكتل في الإطار التنسيقي».
ويأتي هذا الحراك السياسي في وقت أرجأت فيه المحكمة الاتحادية العليا قرارها بشأن الطعن المُقدَّم من «التنسيقي»، لإبطال الجلسة الأولى لمجلس النواب، والتي انتُخب خلالها الحلبوسي رئيساً للمجلس، إلى 25 كانون الثاني الجاري. وسبق للمحكمة أن أجّلت، مرّات عدّة، البتّ في طعْن سابق بشأن الانتخابات النيابية مرّات عديدة، إفساحاً في المجال أمام التوصّل إلى حلّ سياسي للخلاف بشأنها، لكن عندما لم يتمّ التوصّل إلى مثل هذا الحلّ، عمدت إلى تثبيت نتائج الانتخابات.