بغداد | تتحرّك مياه أزمة الانسداد السياسي العراقي بسرعة، مع اقتراب التاسع من كانون الثاني 2022، وهو الموعد المخصّص لعقد أوّل جلسة نيابية للبرلمان الجديد، حيث لم تبق أمام الأطراف السياسيين إلّا نحو خمسة أيام للاتفاق على الرئاسات الثلاث، في وقت يبدو أن حظوظ حكومة «الأغلبية الوطنية» أو ما يُعرف بـ»تحالف الأقوياء»، بين «التيار الصدري» و»تحالف تقدم» و»التحالف الكردستاني»، عادت إلى الارتفاع. إذ مع فشل الاجتماعات الداخلية لتشكيل جبهات موحّدة، سواءً داخل «البيت الشيعي» أو نظيره «السُنّي»، أرسل «الصدريون» وفداً من الحنانة إلى أربيل، استمرّت اجتماعاته يومَين متتاليَين. وبحسب مصادر مطلعة تحدثت إلى «الأخبار»، فقد استطاع الوفد الذي ترأسه حسن العذاري، استمالة معسكر أربيل لصالح «التيار الصدري»، الذي يبدو أنه عزم أمره على المُضيّ نحو حكومة أغلبية، على رغم أن الطرف الكردي لا يزال غير مطمئن إلى التوافق مع كتلة «شيعية» على حساب «الإطار التنسيقي». في الوقت نفسه، وصل رئيس تحالف «تقدم»، محمد الحلبوسي، إلى مدينة الحنانة حيث يقيم الصدر، الذي أغرى الحلبوسي بتسهيل حصوله على ولاية ثانية في رئاسة البرلمان، فيما لو آثر التحالف معه على حساب «التنسيقي» أيضاً. وتأتي هذه التطورات بعدما أفضى الاجتماع بين وفد «التنسيقي» برئاسة هادي العامري، وزعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، في أواخر كانون الأول 2021، إلى تقديم الصدر مقترحاً بتشكيل تحالف بين كتلته وبين «الفتح» وبقية قوى الإطار، شريطة أن يذهب «ائتلاف دولة القانون» ورئيسه نوري المالكي نحو المعارضة، وهو أمر رفضه العامري، مقاطعاً الصدر بأن الإطار كيان واحد لا يمكن تجزئته، وذلك وفق مصدر مطّلع تحدّث إلى «الأخبار». ويضيف المصدر أن الطرفَين اتفقا على 22 نقطة تتعلق بتأليف الحكومة الجديدة حتى في حال عدم الاتفاق على «الكتلة الأكبر»؛ إذ سيصار إلى ذهاب «التنسيقي» و»الصدري» منفردَين إلى الجلسة الأولى للبرلمان، حيث سيقدّمان أوراقهما لرئيس السنّ بوصف كلّ طرف منهما يمثّل «الكتلة الأكبر»، على أن يختار الرئيس الورقة التي تتضمّن أعلى عدد من أسماء النواب.
يرى «عزم»، بقيادة خميس الخنجر، في «التنسيقي» مفتاحاً لحلّ عُقد رئاسة مجلس النواب


وسبق ذلك التعقيدَ اتفاقٌ هشّ بين أطراف «البيت السُني»، وتحديداً تحالفَي «تقدم» و»عزم» على الدخول في مفاوضات تشكيل الحكومة في جبهة واحدة، لكن سرعان ما نشب الخلاف بين الطرفين بسبب منصب رئيس مجلس النواب، والذي ما زالت المباحثات بشأنه تُراوح مكانها. وعلى إثر هذا الشقاق، وبالتزامن مع زيارة الحلبوسي الحنانة ولقائه بالصدر، تحرك تحالف «عزم» بوفدَين منفصلَين، الأول قاده خالد العبيدي ليلتقي العامري، فيما الثاني طار إلى أربيل تحت قيادة محمود المشهداني، الذي قد يستطيع إقناع قيادة أربيل بالتحالف مع «التنسيقي».
ويرى «عزم»، بقيادة خميس الخنجر، في «التنسيقي» مفتاحاً لحلّ عُقد رئاسة مجلس النواب، كون كتلة الخنجر التي تضمّ غالبية «صقور السُنة» تمتلك علاقات سياسية متينة مع أغلب قيادات الإطار، وهو الأمر الذي يراه فريق الخنجر عاملاً مسهّلاً في الحصول على أغلبية أصوات مريحة، في ما لو قرّر «عزم» تقديم مرشّحيه الثلاثة لمنصب رئيس البرلمان. ويقول مصدر في التحالف، لـ»الأخبار»، إن فريق الخنجر رشّح خالد العبيدي وزير الدفاع الأسبق، وثابت العباسي رئيس تحالف «الحسم الوطني»، ومحمود المشهداني لمنصب رئيس البرلمان، وهذه الأسماء الثلاثة ستواجه الحلبوسي، مرشّح «تقدم» الوحيد للمنصب. لكن مصدراً آخر أفاد «الأخبار» بأن «عزم متمسك بقوة بترشيح ثابت العباسي».
وفي خضمّ هذا الجدل، أنهى المكتب السياسي لحزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» اجتماعه في كركوك ظهر أمس، بالاتفاق على تقديم برهم صالح مرشحاً وحيداً لرئاسة الجمهورية، وهو أمر يرفضه «الحزب الديموقراطي الكردستاني»، ممّا دفع الحزبَين الكرديين إلى تشكيل لجنة مشتركة تتولّى عقد اجتماع حاسم يوم الخميس المقبل لاختيار مرشح يرضي الطرفين. وفي حال انهارت المفاوضات في «البيتَين السُني والكردي»، فإنهما سيكونان مجبرَين على تقديم مرشّحيهما لرئاستَي الجمهورية والبرلمان بشكل منفرد أيضاً، ليخضع كلّ منهما للتصويت، ويكون الفائز بأعلى الأصوات، الأقرب إلى تولّي المنصب.