بغداد | قبل أن تنتهي معركة نتائج الانتخابات النيابية العراقية، في ظلّ الطعون الكثيرة التي تَقدّم بها «ائتلاف دولة القانون» والأذرع السياسية لفصائل «الحشد الشعبي» وحلفاؤهما، فُتحت على مصراعَيها المعركة على تسمية رئيس الحكومة الجديد الذي يحرص «التيار الصدري» على التأكيد، حتى الآن، أنه سيكون من داخل بيته، فيما يرى «ائتلاف دولة القانون»، الذي يتزعّمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، أن مجموعة من الكتل مع مستقلّين ستتمكّن من تشكيل الكتلة الكبرى في البرلمان، وستسمّي هي رئيس الحكومة. ويستند ائتلاف المالكي، في ذلك، إلى قرار المحكمة الاتحادية الرقم 25 لسنة 2010، والذي ينصّ على أن الكتلة المؤتلفة في الجلسة الأولى من العدد الأكبر من النواب هي الكتلة الكبرى، ومنها يتمّ اختيار رئيس الحكومة، في إشارة إلى تجربة المالكي نفسه حين كان يتقدّمه ائتلاف يقوده إياد علاوي بنائب واحد، لكنّ المالكي تمكّن من جمع كتلة كبرى في الجلسة الأولى للبرلمان في حينه، ليَصدر حكم المحكمة لمصلحته، ويتولّى هو رئاسة الحكومة. وفيما يعطي المالكي الأولوية للبتّ في الطعون الانتخابية، والمصادقة على النتائج النهائية قبل الحديث عن تشكيل الحكومة، يقرّ «التيار الصدري» بأن مشاورات التأليف تواجه عراقيل بسبب التناقض الموجود في مطالب بعض الكتل. ومما تقدّم، يبدو أن هذه العملية لن تكون سهلة، خصوصاً أنها تتزامن مع توسّع التظاهرات في الشارع احتجاجاً على النتائج الأولية، والتي ينظّمها «الإطار التنسيقي» الذي يضمّ «دولة القانون» و»تحالف الفتح» وفصائل المقاومة العراقية المقاتلة مِن مِثل «كتائب حزب الله العراق» ومستقلّين، للمطالبة بتصحيح نتائج الانتخابات التي يُشتبه في حصول عمليات تزوير واسعة فيها.وفي هذا الإطار، يلفت القيادي في «التيار الصدري»، عصام حسين، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أنه «حتى هذه اللحظة، لا توجد تفاهمات ترتقي إلى مستوى التحالفات (لتشكيل الحكومة)، خصوصاً أن التناقض الموجود في مطالب بعض الكتل يعرقل سير هذه التفاهمات، وربّما يؤخّر قليلاً نضوج التحالفات الحقيقة التي قد تَنتج منها الكتلة الكبرى التي تشكّل الحكومة»، مستدركاً بأنه «حتى الآن، المرشّح لرئاسة الوزراء هو من الكتلة الصدرية». ويشير حسين إلى أن «الكتل الشيعية الأخرى لديها مشاكل في ما بينها، وأيضاً مشاكل مع مفوّضية الانتخابات. لذلك، لم يحزموا بعد أمرهم في قضية التحالفات. أمّا الإطار التنسيقي فلا يمكن أن نطلق عليه تسمية أكبر كتلة، لأنه اجتمع على فكرة محدّدة هي الطعن في نتائج الانتخابات، بالنظر إلى أن هذه الكتل ترى أنها غُبنت في النتائج، وأن لديها حقوقاً سُلبت منها، وطبعاً هذا يدخل في السياق القانوني. لذلك الكتلة الوحيدة المستقرّة سياسياً هي الكتلة الصدرية بالطبع».
«التيار الصدري»: حتى هذه اللحظة لا تفاهمات ترقى إلى مستوى التحالفات لتشكيل الحكومة


في المقابل، يقول النائب المنتخَب والقيادي في «دولة القانون»، محمد الصيهود، لـ»الأخبار»، إن «العمل يتركّز الآن على الطعون المقدَّمة إلى المفوضية، وهي طعون كثيرة جداً على نتائج الانتخابات، التي لم تأتِ مثلما كان متوقّعاً، على اعتبار أنه يشوبها كثير من الغموض وكثير من التزوير. ولذلك، أغلب الطعون تطالب بإعادة الفرز والعدّ اليدوي لكلّ محطّات الاقتراع، بغية الوصول إلى النتائج الحقيقية. أمّا موضوع تشكيل الحكومة، فأعتقد أنه من السابق لأوانه الحديث عنه. يمكن أن نتحدّث عن تشكيل الحكومة بعد المصادقة على نتائج الانتخابات». ويُذكّر الصيهود بأن»رئاسة الحكومة تأتي من الكتلة النيابية الأكثر عدداً، وهناك رأيان في هذا الموضوع، والرأي الأرجح هو رأي المحكمة الاتحادية في القرار 25 لسنة 2010، الذي ينصّ على أن الكتل المؤتلفة في الجلسة الأولى، والتي لديها أكبر عدد من النواب، هي الكتلة النيابية الأكثر عدداً، ومنها يأتي رئيس الحكومة. الآن، القوى السياسية المنضوية تحت الإطار التنسيقي، لديها أعداد تُمكّنها من أن تكون هي الكتلة النيابية الأكثر عدداً، ومنها ينبثق رئيس الوزراء»، مضيفاً «أننا ننتظر ردّ مفوضية الانتخابات على الطعون، وعلى مطالب المتظاهرين، ولكن أنا أعتقد أن هذه النتائج أصبحت بغضّ النظر عن ما يشوبها من تزوير وغبن كبير، أمراً واقعاً ولا بدّ من التعامل معها من قِبَل الكتل السياسية».
ونُظّمت في بغداد وعدد من المدن العراقية، أمس، تظاهرات حاشدة، لليوم الثالث على التوالي، احتجاجاً على نتائج الانتخابات، وللمطالبة بإعادة الفرز يدوياً لكلّ المحطات الانتخابية، بدعوة من القوى المنضوية في «الإطار التنسيقي». وتشتبه هذه القوى في أن الفرز الإلكتروني أتاح عمليات تزوير واسعة النطاق، خاصة أن «السيرفيرات» موجودة خارج العراق، وتحديداً في الإمارات كما يقول بعض المحتجّين، الذين يتّهمون الولايات المتحدة بالتلاعب بالنتائج. ولذا، تخلّلت التظاهرات هتافات «كلا كلا أميركا» «كلا كلا إسرائيل».