بغداد | اقترحت «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات»، على لسان رئيس «مجلس المفوضين» جليل عدنان خلف، وبكتابٍ رسمي أرسلته إلى رئاسة مجلس الوزراء، أن يكون 16 تشرين الأوّل/ أكتوبر المقبل موعداً لإجراء الانتخابات التشريعيّة المبكرة، معلّلة السبب وراء التأجيل بالحرص على «إجراء انتخاباتٍ متكاملة نزيهة وعادلة».وفي كتابها المرسل، قالت «المفوضيّة»، إنّه «نظراً إلى انتهاء المدّة المحدّدة لتسجيل التحالفات السياسية، ولقلّة عدد التحالفات المسجّلة في دائرة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية للفترة المحددة في جدول العمليات، يتطلّب الأمر تمديد فترة تسجيل التحالفات وما يترتب على ذلك من تمديد فترة تسجيل المرشحين، وإفساح المجال أمام خبراء الأمم المتحدة والمراقبين الدوليين ليكون لهم دورٌ في تحقيق أكبر قدر ممكن من الرقابة والشفافية في العملية الانتخابية المقبلة». وأضافت أنّ هذه الخطوة تأتي «لضمان نزاهتها، وانسجاماً مع قرار مجلس الوزراء بشأن توسيع التسجيل البايومتري، وإعطاء الوقت الكافي للمشمولين به وإكمال كافة الاستعدادات الفنيّة».
ورأت المفوضية، أنّ «تمدید فترة تسجيل التحالفات تستدعي تمديد موعد الانتخابات المعلن، وبعد مراجعة الجدول الزمني للعملية الانتخابية المعدّ من الإدارة الانتخابية بمشورة الأمم المتحدة، قرّر مجلس المفوّضين أن يكون الموعد الجديد لإجراء الانتخابات المبكرة في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل».
وكانت "الأخبار" قد نقلت، في وقت سابق، عن مصادر مطلعة، قولها إنّ «مفوضية الانتخابات أبلغت الرئاسات الثلاث والقوى السياسية، خلال اجتماع عُقد الأسبوع الماضي، أنّها غير مستعدّة لإجراء الانتخابات في الصيف المقبل، ولن تكون مستعدّة إلّا في شهر أيلول أو بعده"، مضيفة أنّ "هذا الأمر يحظى بدعم بعض الأطراف السياسيين». فالانتخابات التشريعيّة المبكرة، التي طالبت بها «المرجعيّة الدينيّة العليا» (آية الله علي السيستاني)، أواخر عام 2019، حظيت في «العلن» بدعمٍ سياسيٍّ وشعبي، إذ إنّ الأحزاب والقوى السياسية والمتظاهرين «التشرينيّين»، على حدٍّ سواء، أعربوا عن دعمهم لهذا التوجّه. لكنّ الطبقة السياسيّة، على اختلاف توجّهاتها، دفعت، بعيداً عن الأضواء، باتجاه إجرائها في «موعدها الدوري»، متسلّحةً بإقرار قانونٍ انتخابيٍّ «عصري» يمنح المستقلين تمثيلاً أكبر. وأمام هذا المشهد، المعطوف على الحسابات السياسيّة وإمكانات «المفوضيّة»، تصدّرت خلال الأسابيع القليلة الماضية، مؤشّرات ترجِّح إمكانيّة تأجيل موعد الإجراء حتى خريف 2021.
أُبرمت تفاهماتٍ على دمج موعدَي الانتخابات البرلمانيّة والمحليّة لـ«تسهيل» التحالفات والتصويت


هذا الموعد المحدّد من «المفوضية»، هو الثالث من نوعه. فقد سبق أن حدّد رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي، كانون الأوّل/ ديسمبر من العام الماضي، موعداً «أوّليّاً»، ثم قام خلفه، مصطفى الكاظمي، بتحديد السادس من حزيران/ يونيو المقبل موعداً «ثابتاً». أمّا الموعد الذي أقرّته «المفوضية»، أخيراً، فثمة من يقول إنّه لن يكون في تشرين الأوّل/ أكتوبر، بل في ٢٥ كانون الأوّل/ ديسمبر. ويأتي ذلك في وقتٍ تذهب فيه مصادر واسعة الاطلاع إلى القول إنّ «المواعيد المضروبة حاليّاً ليست إلّا تخديراً إعلاميّاً"، مضيفة أنّ «الجميع يعمل على إجرائها في موعدها الدوري، أي في ربيع 2022».
حتى اللحظة، لم تعلّق النجف، أو المطلعين على أجوائها، على التأجيلات المتكرّرة، بل اكتفت بدعوة السيستاني، قبل أشهرٍ، حكومة الكاظمي بالتزام منهاجها الوزاري، وعلى رأسه إجراء انتخاباتٍ مبكرة.
كذلك، فإن أحزاباً وقوًى عديدة أبرمت تفاهماتٍ على دمج موعدي الانتخابات البرلمانيّة والمحليّة (مجالس المحافظات)، في خطوةٍ من شأنها «تسهيل» التحالفات أوّلاً، والتصويت ثانياً، و«تكريس الأحجام» ثالثاً. وفي الإطار، فإنّ زعماء كُلٍّ من «التيّار الصدري» مقتدى الصدر، و«تيّار الحكمة الوطني» عمار الحكيم، و«منظمة بدر» هادي العامري، على اقتناع تامّ بضرورة الدمج. أما زعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي، والمكوّنات الأخرى لـ«تحالف الفتح» (تكتّل برلماني مؤيّد لخيار «الحشد الشعبي»، وعلى رأسهم قيس الخزعلي وأحمد الأسدي وغيرهما)، فعلى خلاف ذلك.
من جهتها، تقف القوى الكرديّة بعيداً عن ذلك، في وقتٍ يقود فيه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي (وقوى أخرى مكوّنة لـ«البيت السُنّي»)، توجّهاً مؤيّداً للصدر - الحكيم - العامري، يشترك فيه الكاظمي. هذه الحسابات أساسها المصالح المتبادلة، السياسية والاقتصاديّة، تضاف إليها رغبة «إقصاء» الجميع، وهذا ما عبّر عنه الصدر، طوال الأسابيع الماضية، مهوّلاً بأنّ رئاسة الوزراء، هذه المرّة، ستكون من حصّة تيّاره.
وحتى تثبيت موعدٍ نهائيٍ وأخيرٍ للانتخابات التشريعيّة، تبقى التحالفات وشكلها، وآليات «توزيع» أصوات المقترعين بين مكوّناتها على مرشّحيها، حديث الصالونات المُغلقة، في وقتٍ يدور فيه حديثٌ عن تغييراتٍ قد تطال عدداً من الوزراء، في مسعًى من شأنه خفض التوتّر بين الكاظمي والأحزاب والقوى، وهذا ما يمنحه «بعض الهدوء» في الفترة المقبلة، قبيل «الموعد» المرتقب.