حمل اليومان الماضيان في العراق مواقف سياسية لافتة، تصدّرتها كلمة رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، الذي بدا أنه يحاول إرسال إشارات طمأنة للشارع، في ظلّ بروز بعض العوامل التي تنذر بحدوث انفجار، ربما لن يستطيع أحد لملمة تداعياته، إذ أعلن الكاظمي تأليف «لجنة تحقيقية عليا»، مهمّتها التحقيق في قضايا الفساد الكبرى والجرائم الاستثنائية، مع منحها كلّ الصلاحيات المطلوبة لـ«تحقيق هيبة القانون في المجتمع واستعادة حقوق الدولة والمواطن من الفاسدين والمعتدين». وكان رئيس الوزراء السابق، عادل عبد المهدي، شكّل، بدوره، «المجلس الأعلى لمكافحة الفساد»، من دون أن تؤتي تلك الخطوة ثمارها.
(أ ف ب )

وشدّد الكاظمي على ضرورة «استعادة هيبة الدولة»، مؤكداً في هذا السياق أن حكومته لن «تتوانى عن تطبيق القانون ضدّ المعتدين على الأملاك العامة والخاصة، والمسيئين إلى مبدأ التظاهر السلمي»، كاشفاً في الوقت نفسه عن «انتهاء المرحلة الأولى من تقصّي حقائق أحداث تشرين (الأول/ أكتوبر)، بجرد أعداد الشهداء والبدء بتسليمهم استحقاقاتهم القانونية». وفي ظلّ بروز دعوات في المحافظات الجنوبية إلى التسلّح للدفاع عن النفس، اعتبر الكاظمي أن «علينا اختيار الدولة أو اللادولة». وإذ جدّد التزامه بإجراء انتخابات تشريعية مبكرة، فهو دعا كلّ العراقيين إلى الاستعداد للمشاركة فيها من خلال التسجيل في البطاقة البايومترية، مشدداً على ضرورة «تهيئة الأرضية للتنافس الشريف، وفق القواعد القانونية».
وفي تعليقه على ذلك، اعتبر زعيم تحالف «الفتح» (تكتل القوى المؤيدة للحشد الشعبي)، هادي العامري، أن خطاب الكاظمي الأخير «يراعي كلّ النقاط التى أكّدت عليها القوى الوطنية في اجتماعها الأخير معه يوم الأربعاء 26 آب/ أغسطس الماضي»، معلناً الدعم الكامل لرئيس الوزراء في سياق تحقيق هذا المنهاج». ودعا العامري، الكاظمي، إلى «عدم التهاون مع كلّ الدعوات التي تطالب بحمل السلاح وتشكيل المجاميع المسلحة، والوقوف بحزم وقوة لإنهاء مسلسل الخطف والاغتيالات وإثارة الرعب بين الناس، والانتقال إلى مرحلة التطبيق الفعلي والسريع لكلّ إجراءات مكافحة الفساد». كذلك، دعاه إلى الإسراع في «وضع جدول زمني لانسحاب القوات الأجنبية من العراق في أقرب فرصة وتحقيق السيادة الوطنية الكاملة». ويمثل بيان العامري جرعة دعم للكاظمي، بعدما سرى حديث خلال الأيام الماضية عن نية قوى من «البيت الشيعي» الانتقال إلى جبهة المعارضة، اعتراضاً منها على تحرّكات رئيس الوزراء. على أن هذا الدعم يظلّ مرهوناً يما سيُقدم عليه الكاظمي من خطوات في المرحلة المقبلة.
على خطّ مواز، بدا لافتاً في كلمة ممثّل «المرجعيّة الدينيّة العليا» (آية الله علي السيستاني)، عبد المهدي الكربلائي، أول من أمس، توجّهه بالشكر لـ«الحشد الشعبي» لمشاركته في حماية مراسم زيارة يوم عاشوراء. وعلى رغم أن الكلمة لم تُخصّص بشكرها فصيلاً دون آخر، إلا أن ذلك لم يمنع من بروز تكهّنات بأن المقصود «ألوية حشد العتبات المقدسة فقط، لا غيرها».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا