بغداد | في الساعات القليلة الماضية، سقط عدد من المدنيين والعسكريين (قتلى وجرحى) من جرّاء هجمات متفرّقة شنّتها خلايا «داعش» في محافظات بغداد وصلاح الدين وديالى. وكانت هذه الهجمات قد تزايدت في «مثلث الموت»، أي المناطق الواقعة بين محافظات كركوك وصلاح الدين (شمال البلاد) وديالى (شرقها). لكن المتحدث باسم وزارة الدفاع، تحسين الخفاجي، أكّد في تصريحات إعلاميّة، أن «القوات الأمنية طاردت العناصر الإرهابيين باتجاه الجبال»، من دون أن يعلن نتائج العملية، محذّراً من أن «داعش» قد استغّل جائحة كورونا والأوضاع الاقتصادية والسياسيّة لشن عملياته. وقال الخفاجي: «داعش فشل في هجومه الأخير، فلم يستطع أن يسيطر على قرية مبارك (شمال قضاء خانقين، في ديالى)»، لافتاً إلى أن «قيادة العمليات المشتركة لن تسمح للتنظيم بالسيطرة على أي جزء من أراضي العراق كما حدث في السابق».في السياق، يرى الخبير بالجماعات المتطرّفة هشام الهاشمي، أن «داعش» لا يسعى إلى السيطرة على القرى أو المدن بقدر إرهاق القوات، «لأنه عبّر عن ذلك في منشورات صادرة عنه أواخر العام الماضي». يقول الهاشمي لـ«الأخبار»: «غزوات رمضان أقرب أن تكون روتيناً، فهي تقليدٌ متّبع منذ 2011». ويستهدف «داعش» صنوف القوات العسكريّة والأمنيّة (الجيش، الشرطة، الحشد الشعبي...)، إلى جانب المدنيين. وتقول مصادر أمنيّة إن «الغزوات» تشنّها خلايا التنظيم النائمة والمنتشرة في المحافظات الشماليّة والغربيّة، وبعضها وصل أخيراً قادماً من سوريا. واللافت في تكتيكاتها، وفق المصادر، هو «ملاحظة الجهد الحكومي»، إذ حيث تولي «العمليات المشتركة» اهتماماً لمنطقة ما يُرجّح وجود عناصر/خلايا للتنظيم فيها، يسارع الأخير إلى «تجفيف حركته» وإطلاق عمليّات في منطقة أخرى «ليست في الحسبان». كما تتصف الهجمات بسرعتها وتكبيد خصوم التنظيم أكبر الخسائر الممكنة، علماً بأن رأياً مقابلاً يقول إن التنظيم كان يسعى إلى السيطرة على مناطق لكنّه أخفق، فانتقل إلى تكتيك «اضرب واهرب».
يعمل التنظيم بمبدأ «اضرب واهرب» بعدما أخفق في السيطرة على مناطق


في محاولة لـ«فهم» التكتيك الجديد، تُوجّه أسئلة إلى «العمليات المشتركة» على اختلاف صنوفها، عن جدوى عمليّات التطهير وتعقّب الخلايا في المحافظات الشماليّة والغربيّة، خاصّة أن بعض العمليات بات استعراضيّاً وإعلاميّاً، وأخرى أشبه بـ«شطب المهام». وثمّة من يسأل عن الأعداد المشاركة في عمليات مماثلة، خاصّة أن الأرقام «المعلنة» منافية للواقع، وأقرب إلى أن تكون كذبة إذا ما قورنت بما يجري على الأرض. فالتكاليف المرفوعة تذهب إلى جيوب بعض الضبّاط وشركائهم، وهذا ما يؤكّده أكثر من مصدر أمني تحدّث إلى «الأخبار»، آسفين لتحوّل هذه العمليّات من «مواجهات للحفاظ على الأرواح إلى محطّة لمراكمة الثروات». هكذا، يبدو التحدّي الأمني واحداً من وجوه مكافحة الفساد المستشري في البلاد. فحجم الإنفاق العسكري مقارنة بما يجري اليوم، يوجب السؤال عن جدوى الكثير من العمليات التي أُطلقت أخيراً.