بغداد | شهدت مدينة قم في إيران اجتماعاً أمس ضمّ قادة فصائل المقاومة العراقية لبحث «آليات إخراج قوات الاحتلال الأميركي من البلاد»، حضره زعيم «التيّار الصدري»، مقتدى الصدر، والأمين العام لـ«منظمة بدر»، هادي العامري، والأمين العام لـ«حركة النجباء»، أكرم الكعبي، والمعاون الجهادي للأمين العام لـ«عصائب أهل الحق»، ليث الخزعلي، والأمين العام لـ«كتائب سيد الشهداء»، أبو آلاء الولائي، والأمين العام لـ«كتائب حزب الله ــــ العراق». بينما اتفق المجتمعون على «تشكيل لجنة تنسيقية تنظّم عمل فصائل المقاومة»، و«تفعيل التنسيق الإعلامي والاجتماعي بينها»، قالت مصادر سياسية إن «الاجتماع أسفر فقط عن موقف موحّدٍ يؤكّد ضرورة إخراج القوات الأجنبية»، مضيفة في حديث إلى «الأخبار»، أن «الإشارة الحقيقية لبدء العمل المقاوم هو الردّ الرسمي الأميركي على دعوة الحكومة العراقية لجدولة انسحاب قواتها»، وأن طبيعة هذا «الردّ» ستكون «إنهاءً للجهود الدبلوماسية، وإيذاناً بالعمل المقاوم». وفي غضون ذلك، صدر تحذير عن «كتلة الفتح» (تجمّع برلماني يضمّ القوى والنوّاب المؤيدين لـ«الحشد») من تصعيد شعبي ومواجهات عسكرية في حال «مماطلة» القوات الأميركية، حيال مطالبة الحكومة بـ«اتخاذ التدابير لإنهاء وجود القوات الأجنبية، ولا سيما بعد قرار البرلمان».إذاً، تترقّب القوى والفصائل نتائج جهود رئيس الوزراء المستقيل، عادل عبد المهدي، في تنفيذ القرار البرلماني، وقدرته على إلزام، أو التفاهم مع، واشنطن على ذلك وفق مدّة محدّدة. ولذا، يأتي اجتماع قيادات «الحشد» لبحث الأولويّات الأمنيّة والعسكرية. لكن ذلك لا يخفي «تضارب» الاستحقاقات بالنسبة إلى الفريق الحاكم، إذ ثمّة من يسعى إلى حسم الجدل القائم إزاء الحكومة المستقيلة، بين التمديد لها بحجّة «الأمر الواقع»، والبحث عن خيار «غير متوافرٍ» حتى الآن.
تترقّب القوى والفصائل نتائج جهود الحكومة المستقيلة، في تنفيذ القرار البرلماني


في المقابل، تسعى واشنطن إلى استيعاب «الغضب» العراقي، والالتفاف على القرار البرلماني، شاهرة أسلحتها التقليدية: التهويل بالعقوبات، وورقة التقسيم، والفتنة، في محاولة لـ«شراء الوقت»، ما يتيح لها «البحث عن أماكن مناسبة لإعادة التموضع/انتشار قواتها» إن أصرّت بغداد على خروج تلك القوات. فالمؤشّرات تعكس نيّة واشنطن إعادة التموضع/الانتشار، وليس الانسحاب، رغم تمسّك بغداد بقرار البرلمان. هنا، ترجّح مصادر حكوميّة عراقيّة انتشار تلك القوات في المحافظات الغربية والشماليّة، والابتعاد عن «مرمى» نيران الفصائل في المحافظات الوسطى والجنوبية، وهذا ما أكّده وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، عندما قال أمس إنهم سيعملون مع القادة العراقيين على «تحديد المكان الأنسب إزاء نشر القوات الأميركية». على الخطّ نفسه، تسعى واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون إلى أن يتصدّر خطاب حلفائهم المحليين المشهد السياسي، وهو الخطاب الداعي إلى بقاء القوات الأميركية بحجّة «ضرورتها»، واعتبار انسحابها مطلباً إيرانيّاً وليس عراقيّاً. وعند هذه النقطة، قال بومبيو: «أجريت اتصالات بـ50 شخصية عراقية، من كل الطوائف، بما فيها شخصيات شيعيّة، وكلّها تقدّر، لو بشكل غير علني، الدور الأميركي في ‫العراق».
هذا المسعى توازيه تحضيراتٌ داخلية تخدم الرؤية الأميركية، وتقضي بـ«الاستعداد» لأي طرح تقسيمي للبلاد على أساس الأقاليم الطائفية. فما جرى في الإمارات يؤكّد ذلك. مقرّبون ممن حضر الاجتماع، من رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وزعيم «حزب الحل» جمال الكربولي، ومحافظ صلاح الدين السابق النائب أحمد الجبوري، وسعد البزاز، وآخرين، أكّدوا أن المجتمعين ناقشوا «استعداداتهم اللوجستية لإقامة إقليم سُنّي، في أي لحظة»، خاصّة أن البعض يُمَنّي نفسه بأن يكون العراق جزءاً من «صفقة القرن» الأميركية. وما يعزّز هذا الطرح أن هذا «الإقليم» سيشكّل «البيئة الحامية» لقواعد القوات الأميركية التي ستنتشر هناك، خاصّةً أن الأخيرة عمدت منذ الصيف الماضي إلى تدريب عدد كبير من شباب محافظة الأنبار بـ«حجّة» مواجهة تنظيم «داعش». هذا الحراك رفضته «دار الإفتاء العراقي»، التي قالت في بيانٍ أمس إن «أمراء القبائل وشيوخ العشائر في المحافظة الغربية جميعاً، والمتمثلة بالمذهب السُنّي، تعلن رفضها القاطع لما صدر عن بعض أعضاء تحالف القوى، وترفض رفضاً قطعياً وجود أي قوات عسكرية في العراق، أو فقرة اسمها أقاليم»، معتبرة ذلك «خيانةً لتاريخ العراق، وإضعافاً لمكانته بين العالمين العربي والإسلامي». كذلك، علّق الخزعلي على هذا الحراك بالقول إن «أرض العراق واحدة غير قابلة للتقسيم، بشعبها ومدنها ومحافظاتها».