وفيما دعت «المرجعية» المتظاهرين إلى ضرورة «مساندة القوات الأمنية، وتشجيعها على القيام بدورها»، حذّرت من تكرار سيناريو مدينة الناصرية (مركز محافظة ذي قار، جنوبي بغداد) إضافة إلى مدينة النجف (مقرّ «الحوزة الدينية» و«المرجعية»، جنوبي بغداد)، أي «إشاعة الفوضى» عندما فشلت القوّات الأمنية في «القيام بما يتوقع منها»، مشيدة في الوقت عينه بـ«رجال العشائر الذين حموا السلم الأهلي ومنعوا الفوضى والخراب».
فرضت واشنطن عقوبات مالية على 4 قيادات، بينهم الخزعلي والخنجر
وحذّر «البيان»، الذي وصفته القوى السياسية بـ«الإيجابيّ جدّاً»، من «الذين يتربّصون بالبلد ويسعون الى استغلال الاحتجاجات لتحقيق أهداف معيّنة تنال من المصالح العليا للشعب». فقد شدّد على اختيار رئيس جديد للحكومة وأعضائها ضمن المدة الدستورية، أي 30 يوماً، ووفقاً لتطلّعات الشعب «بعيداً عن أي تدخل خارجي»، في رفض صريح للدورين الإيراني والأميركي على هذا الصعيد. إلا أنّه كان لافتاً، في هذا الإطار، اتهام واشنطن طهران أمس بـ«التدخل في مشاورات تأليف الحكومة»، واعتبار ذلك «انتهاكاً كبيراً لسيادة العراق». وختم السيستاني بيانه بالقول إن «المرجعية ليست طرفاً في أي حديث بهذا الشأن، ولا دور لها فيه بأي شكل من الأشكال».
ومع اتسام البيان بـ«الإيجابية الكبيرة» بالنسبة إلى الأطراف كافة، وانعكاسه الكبير على الشارع سريعاً، فإن بعض القوى السياسية تذهب إلى القول بأن دور «المرجعية» خلال الأيام الماضية كان مؤثراً في إعادة ضبط الساحة، والدفع قدماً بعملية تكليف رئيس جديد للوزراء، رغم أنّ النقاشات الدائرة حتى الآن لم تسفر عن أي جديد، لتختم الوصف بالقول إن «السيستاني مارس دوراً من الولاية العامة للفقيه»، في تلميح إلى اختلاف الرؤية بين النجف وقم (مقر «الحوزة الدينية» في إيران) إزاء صلاحيات «الفقيه» (المرجع الديني).
لكن دعوة «التهدئة» سرعان ما تلاشت أصداؤها في بغداد، وتحديداً في ساحة الخلاني، بالقرب من جسر السنك. ثمة من يقول إنّه حادث أمني عرضي، وثمة من رأى في المقابل أنّه «ليس كذلك، مع تحوّل بعض ساحات العاصمة إلى ميدان حرب، وسماع أصوات الرصاص في كل مكان، بالتوازي مع حملة إعلامية ممنهجة لاتهام الحشد الشعبي بالاعتداء على المتظاهرين، والترويج لشائعات حول انفلات الوضع الأمني في معظم المحافظات الجنوبية». مصادر أمنيّة أكّدت لـ«الأخبار» أن «ما يجري على الأرض مخالف للشائعات المتداولة، والمشهد الأمني في معظم المحافظات الجنوبية هادئ نسبيّاً مقارنة بالأيام الماضية». وفيما رفضت مصادر «الحشد» تحمّل مسؤولية ما يجري، حمّلت «سرايا السلام» (الجناح العسكري لـ«التيّار الصدري» بزعامة مقتدى الصدر) مسؤولية الدم الذي سفك، وتحويل «إشكال» بين المتظاهرين السلميين والمخربين إلى مواجهة دامية اندفع فيها «الصدريون» إلى الخلاني لـ«الدفاع عن المخربين الذين طردوا من الساحة قبل ساعات من عودتهم إليها برفقة المحسوبين على سرايا السلام».
وفي تطوّر لافت، فرضت واشنطن، أمس، عقوبات مالية على الأمين العام لـ«عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي وأخيه ليث، ومدير «مديرية الأمن» في «الحشد» أبو زينب اللامي، بحجّة «التورّط في الحملة الأمنية ضد المتظاهرين». كذلك، شملت العقوبات الأميركية الأمين العام لـ«المشروع العربي» خميس الخنجر، لتقديمه رشى لرموز سياسية، مطالبة الحكومة بمحاسبة من شملتهم العقوبات.