بات عادل عبد المهدي أول رئيس للوزراء يترك منصبه قبل نهاية ولايته في «عراق ما بعد 2003». الرجل الاقتصادي المتحدّر من مدينة الناصرية الجنوبية، والذي أكد مراراً - مع تسلّمه منصبه - أن «كتاب الاستقالة في جيبي»، لم يخرجه إلا بعد شهرين من الحراك المطلبي، تحت ضغط من «المرجعية الدينية العليا» (آية الله علي السيستاني)، والقوى السياسية التي تبنّت موقف الأخيرة، ودعت إلى «ضرورة التغيير». كان الرهان على عبد المهدي، الذي تسلّم منصبه في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، والمعروف بأنه صاحب باعٍ طويل في السياسة العراقية، هو أن ينجح في خطّ مسار مختلف للعراق على مدى أربع سنوات، وأن يتحكم بالتناقضات الكبيرة التي تحول دون تحقيق استقرار في هذا البلد. لكن الرئيس السبعيني بدا وكأنه «الحلقة الأضعف» في وجه الأحزاب المتناحرة على مقدّرات دولة ينخرها الفساد والمحسوبية. وفي هذا الإطار، يقول أحد كبار المسؤولين، من الذين عملوا لفترة طويلة مع عبد المهدي، إن الأخير «كان يعلم بأنه لا يستطيع أن يكون ثورياً»، ولذا فهو تمسّك بحلفائه السياسيين لافتقاده الدعم الواضح، حزبياً كان أم سياسياً. ويضيف المسؤول أن رئيس الوزراء المستقيل «يحب الإجماع ويكره اتخاذ قرارات جذرية»، لكنه في مواجهة الأحداث الأخيرة «كان مقتنعاً بأن عليه أن يقاتل ضدّ انقلاب».