بغداد | يبدو أن الحديث عن محاكمة مسلحي تنظيم «داعش» الأجانب في العراق بدأ يُترجم بالفعل على أرض الواقع. قبل أيام، نقلت وكالة «رويترز» عن مصدرَين قانونيَّين قولهما إن «بغداد بدأت إجراءات قضائية بحق 14 فرنسياً يشتبه في انتمائهم إلى داعش»، وأضافت أن «الرجال مثلوا أمام قاضي التحقيق في محكمة مكافحة الإرهاب في بغداد في 6 آذار/ مارس الجاري... في خطوة إجرائية استعداداً لمحاكمتهم». وأشارت إلى أن «الفرنسيين وقّعوا اعترافات تقول إنهم كانوا في الموصل عندما كانت خاضعة لسيطرة داعش»، متوقعة أنه «إذا تمت محاكمة المتهمين في العراق، وأدينوا بارتكاب جرائم ضد البلاد وضد الشعب العراقي، فإنهم قد يعاقبون بالإعدام».وكان الرئيس العراقي، برهم صالح، أعلن أن «المدانين من المسلحين الأجانب قد تصدر بحقهم أحكام بالإعدام»، في حين أشار رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، إلى أن حكومته سترحّل المسلحين الأجانب، وهو ما أكدته وسائل إعلام أجنبية، بنقلها عن مسؤولين عراقيين أن بغداد «ستساعد الأسرى الأجانب من التنظيم على العودة إلى بلادهم، فيما ستحاكم من يشتبه في ارتكابهم جرائم بحق عراقيين».
توضح مصادر حكومية تلك التصريحات بأن الترحيل مرتبط بعوائل المسلحين من النساء والأطفال، وتحديداً من «المتورطين في عمليات إرهابية في العراق، وضدّ العراقيين»، أما الرجال الذين لم يثبت تورطهم في أي عمل مشابه، مِن الذين رُحّلوا من سوريا إلى العراق، فإن العمل سيكون على إعادتهم إلى دمشق مجدداً، أو ترحيلهم إلى بلدانهم. وتقول المصادر، في حديثها إلى «الأخبار»، إن عدد المسلحين الأجانب داخل السجون العراقية يفوق 500 سجين، تتوزّع جنسياتهم بين عربية وأجنبية، أهمها: البلجيكية، والفرنسية، والكازاخية، والسعودية، والتونسية، والمغربية. وترسم المصادر، في حديثها، مسار محاكمات المسلحين الأجانب، والذي هو واقعاً مسار «معمول به». فمع انطلاق عمليات التحرير في تموز/ آب 2014، ألقت القوات الأمنية القبض على عدد منهم، ليستمرّ عددهم في التزايد، ما دفع السلطات العراقية إلى بدء محاكمة مَن كان ملفه «كاملاً» (أي ثمة اتهام واضح ومحدّد مُوجّه إليه) منهم. وتلفت المصادر إلى أن المتهمين لم يكونوا فقط من الرجال بل من النساء أيضاً، وقد تراوحت الأحكام الخاصة بهم بين السجن والسجن المؤبد والإعدام، «حتى ان ذوي بعضهم يزورونهم بشكل مستمر».
وتضيف المصادر أن المحاكم العراقية، التابعة لـ«مجلس القضاء الأعلى»، هي المعنية بمحاكمة هؤلاء، في وقتٍ ستُكلَّف فيه وزارة العدل بتنفيذ تلك الأحكام ضدّ المتهمين، محليين كانوا أو أجانب، على اعتبار أن «المجرمين ارتكبوا جرائم في العراق، وأدينوا في العراق، ويجب أن يحاكموا في العراق». وتلفت المصادر أيضاً إلى أن عملية ترحيل بعض المتهمين ستكون محصورةً فقط بالدول التي تطالب باستردادهم، «وهو أمرٌ لم يحصل حتى الآن»، شرط أن تكون بين العراق وتلك الدول «اتفاقية تبادل سجناء».