في حادثة هي الأولى من نوعها منذ دخول القوات التركية إلى الشمال العراقي عام 2015، بدعوى «تدريب قوات البيشمركة لمحاربة تنظيم داعش»، شهدت الساعات الماضية تطوّراً أمنياً خطيراً تمثّل في مقتل كرديين وجرح سبعة آخرين، على أبواب معسكر تركي في ناحية شيلادزي، شمال محافظة دهوك، المتاخمة للحدود العراقية ـــ التركية. ووقعت حادثة القتل أثناء تظاهر محتجّين أكراد أمام المعسكر المذكور، في ردّ فعل شعبي «غير عفوي» ـــ بوصف مراقبين ـــ على استمرار أنقرة في استهداف «حزب العمّال الكردستاني» في المنطقة الحدودية الواقعة بين العراق وتركيا وسوريا. وهو استهداف لا تزال بغداد تغضّ الطرف عنه، ضمن تفاهم ضمني تعزّز خلال الزيارة الأخيرة لرئيس الجمهورية، برهم صالح، لأنقرة، ولقائه المسؤولين الأتراك هناك. وترسم المواجهة الأخيرة علامات استفهام عديدة حول منحى المواجهة بين «العمال الكردستاني» وأنقرة (ومعها أربيل)، خصوصاً أن إقليم كردستان يبدو ماضياً في دعم الإجراءات التركية، في وقت تكتفي فيه بغداد بالإجراءات الدبلوماسية المعتادة.وفق الرواية الرسمية الصادرة عن وزارة الدفاع العراقية، فإن عدداً من المتظاهرين الأكراد تجمّعوا، السبت الماضي، بالقرب من معسكر للقوات التركية، احتجاجاً على مقتل 4 مواطنين بالقصف الجوي التركي. وأضاف بيان الوزارة أن «التظاهرة اتخذت منحىً آخر بعد إطلاق النار على المتظاهرين من قِبَل القوات التركية من داخل المعسكر، ما أدى إلى مصرع 2 وجرح 7 من المتظاهرين»، متابعاً أن «ذلك دفع المحتجين إلى اقتحام المعسكر، وإحراق عددٍ من الآليات العسكرية... غير أن الموقف عاد إلى طبيعته بعد تدخل قوات الآسايش».
استدعت وزارة الخارجية العراقية السفير التركي وسلّمته مذكرة احتجاج


في المقابل، سارعت أنقرة إلى اتهام «حزب العمال الكردستاني» بتحريض المتظاهرين، واصفة «الأضرار» الناجمة عن الحادثة بـ«الجزئية»، في وقت حذّر فيه رئيس وزراء «إقليم كردستان»، نيجيرفان برزاني، «بعض قوات المعارضة من استخدام أراضي الإقليم للاعتداء على دول الجوار... أو العبور إلى مناطق حزب العمال»، داعياً إلى «تشكيل لجنة تحقيق للوقوف على أحداث شيلادزي، ومنع تكرارها»، ومؤكداً أن سياسة حكومته «تتجسد في عدم استخدام أراضينا لزعزعة أمن دول الجوار».
أما الخارجية العراقية فبادرت إلى استدعاء السفير التركي لدى بغداد، وتسليمه مذكرة احتجاج «حول الحادث والمطالبة بعدم تكراره». ونقلت وكالة «الأناضول» عن مصادرها أن «مسؤولين في الوزارة أبلغوا السفير فاتح يلدز انزعاج بغداد من الغارات التي تنفذها تركيا ضد إرهابيي (بي كا كا) في الأراضي العراقية»، في حين قال يلدز إن بلاده «تنتظر من العراق اتخاذ الخطوات اللازمة ضد الخطر الذي يمثّله (بي كا كا) على تركيا». وكان وزير الخارجية التركي، مولود تشاويش أوغلو، أشار إلى أن «سلاح الجو يشنّ عمليات ناجحة ضد مواقع العمال الكردستاني»، محمّلاً الأخير مسؤولية «تحريض المجتمع المحلي، والوقوف خلف أعمال العنف الأخيرة». ونقل المسؤول التركي عن نيجرفان بارزاني تأكيده، في اتصال هاتفي، «أنه سيتخذ الإجراءات الضرورية... وقد أبلغنا أربيل أن من الضروري ألا يسمحوا بتحريض مماثل». كذلك، اعتبر وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، أن الاعتداء محاولة «إيقاع بين الجيش التركي والأهالي... غير أننا نجحنا في إفشال ذلك»، رابطاً ما جرى بفشل «العمّال الكردستاني» في مواجهة الجيش التركي، الذي ستستمر عملياته بـ«فعالية... لتطهير المنطقة من الإرهابيين وإحباط استفزازاتهم».