مع إعلان «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات»، يوم أمس، وبشكل رسمي، انتهاء العدّ والفرز اليدويين للصناديق المطعون في نتائجها في المحافظات الـ18، يكون العراق يوم غد الأربعاء «على موعد مع إعلان النتائج النهائية»، وفق تأكيد مصادر مقربة من «المفوضية». إعلان من شأنه تزخيم التحركات الجارية بشأن تشكيل الكتلة النيابية الأكبر، وهوية رئيس الوزراء المقبل، وكذلك رئيس البرلمان. وفي هذا الإطار، تقول مصادر من داخل «المفوضية»، لـ«الأخبار»، إن رئيس البرلمان السابق، سليم الجبوري، فشل في العودة إلى الميدان البرلماني، رغم «الضغوطات الهائلة» التي مارسها بهدف تصعيده مجدداً في عملية إعادة احتساب الأصوات. وتضيف المصادر أن «احتمال رجوعه ضعيف»، موضحة أن «الأمر بات صعباً من الناحية الفنية». لكنها تستدرك بالقول إنه «لا يمكن التنبّؤ في خفايا اللعبة السياسية العراقية»، لتبقي بذلك الباب «مشرّعاً.. ولو قليلاً» أمام إمكانية عودة الجبوري إلى البرلمان نائباً، فرئيساً له. ولأن الجبوري رجل تتقاطع عنده المصالح المختلفة (محلياً وإقليمياً)، وفق ما يرى كثيرون، فقد كان من المرجّح أن يعود رئيساً للبرلمان لدورة ثانية، لكنّ تتالي المؤشرات إلى فشله في العودة إلى مجلس النواب دفع بكتل «البيت السنّي» إلى طرح أسماء مغايرة لهذا المنصب، إذ قال القيادي في «تحالف القرار»، طامي أحمد، إن «هناك أربع شخصيات مرشحة لتولي منصب رئيس مجلس النواب، وهي رئيس مجلس النواب الأسبق أسامة النجيفي، ورئيس لجنة النزاهة البرلمانية طلال الزوبعي، ومحافظ الأنبار محمد الحلبوسي، والقيادي في تحالف القوى محمد تميم»، مضيفاً في تصريح صحافي أن «المنافسة تدور حالياً بين النجيفي والزوبعي، لكن الأخير هو الأوفر حظاً لتولّي رئاسة البرلمان، لما يحظى به من مقبولية لدى جميع الكتل السياسية، عكس النجيفي الذي لديه خصومات سياسية كثيرة، قد تمنعه من تولي هذا المنصب». وفي السياق نفسه، يحاول وزير الدفاع السابق، والمرشح الفائز في الانتخابات النيابية ضمن «ائتلاف النصر» في محافظة نينوى، خالد العبيدي، الترويج لنفسه كمرشح لتولّي رئاسة البرلمان، إذ يقول أمام زواره إن «جهات سياسية رشحتني لمنصب رئيس البرلمان المقبل».
على خط مواز، لا يبدو أن اقتراب إعلان نتائج العدّ والفرز اليدويين سيعفي المفوضية من الاتهامات الموجهة إليها، ومن بينها المسؤولية عن تأخير إعلان التحالفات السياسية، وبالتالي تشكيل «الكتلة الأكبر»، وفق القيادي في «تيار الحكمة» علي البديري، الذي تحدث عن «تعمّد مفوضية الانتخابات تأخير إعلان نتائج الانتخابات، خصوصاً مع انتهاء عمليات العد اليدوي». ورأى أن «هذا التعمّد هدفه تأخير تشكيل الكتلة الأكبر، والتي ستُكلَّف بتشكيل الحكومة الجديدة»، مضيفاً أن تياره لا يستبعد وجود «جهات سياسية تدفع بتأخير إعلان نتائج الانتخابات بشكل نهائي، حتى تستفيد من الوقت في إعادة بناء نفسها، والدخول في مفاوضات وحوارات، حسب مصالحها الحزبية».
من جهته، أعلن «ائتلاف دولة القانون»، بزعامة نوري المالكي، أن الأخير سيكون «على رأس» القوى السياسية التي ستطرح «الكتلة الأكبر»، بالتوازي مع تأكيد قياديين في «تحالف الفتح» وجود تقارب كبير بين «دولة القانون» و«النصر» و«الفتح» لتشكيل هذه الكتلة، وترجيحهم «لجوء تحالف سائرون وتيار الحكمة إلى المعارضة النيابية»، في وقت يواصل فيه مقرّبون من رئيس الوزراء، حيدر العبادي الترويج لـ«وجود دعم إقليمي ودولي لإبقائه لولاية ثانية»، على اعتبار أن «من الصعب أن تحظى شخصية بديلة بمقبولية الدول الإقليمية والدولية». في المقابل، أعلن «تحالف سائرون» تبنّيه «الشروط الأربعين التي وضعها زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، لاختيار رئيس الوزراء المقبل والتحالف مع الكتل الأخرى الفائزة في الانتخابات». وقال المتحدث باسم «سائرون»، قحطان الجبوري، إن تحالفه سيعمل على «بلورة رؤية وطنية تستند إلى هذه الشروط التي حددها الصدر، والتي تمثل خريطة طريق من شأنها ترجيح كفة طرف على آخر».
في غضون ذلك، بدأ عشرات الشبان في محافظة البصرة، أمس، اعتصاماً مفتوحاً أمام مدخل «حقل غرب القرنة 2» النفطي (تتولى شركة «لوك أويل» الروسية تطويره)، ضمن الاحتجاجات المطالبة بتوفير الخدمات العامة وفرص العمل ومكافحة الفساد.