بغداد | قدّم كل من زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، وزعيم «ائتلاف الفتح» هادي العامري، مبادرته لحل العقد المستحكمة بالمشهد السياسي العراقي، والتي حالت إلى الآن دون وصول القوى السياسية على اختلافها إلى رؤية مشتركة يمكن أن تُنتج الكتلة النيابية الأكبر، التي سينبثق منها اسم رئيس الوزراء المقبل. مبادرة الصدر جاءت أشبه بدفتر شروط، فيما حاكت مبادرة العامري عناوين إصلاحية فضفاضة، تمثل «خريطة طريق» يمكن أن تنتهجها قوى «الفتح» في المرحلة المقبلة. على مدى الأسابيع الماضية، أراد الصدر بحراكه السياسي المستند إلى نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة (تصدرتها كتلة «سائرون» بـ54 نائباً) تكريس نفسه كمرجع أوحد للعملية السياسية وفق ما يرى مراقبون. دفتر شروطه، المؤلف من 40 بنداً، ترتسم فيه ملامح مشروع الصدر السياسي، ومعايير اختياره رئيس الوزراء المقبل، والتي تتعارض مع صفات الرئيس المنتهية ولايته حيدر العبادي، الذي بات عملياً خارج خيارات الحنّانة؛ ذلك أن معايير الصدر تنص على أن يكون المرشح مستقلاً، وغير تابع لحزب معين، ومن خارج الحلبة النيابية. هذه الشروط ليس العبادي وحده في عدم انطباقها عليه، بل معه جميع رؤساء الكتل الفائزة؛ لكونهم إما تابعين لأحزاب سياسية شاركت في الحكم طوال السنوات الـ15 الماضية، أو من أولئك «مزدوجي الجنسية». وبذلك، تكون مبادرة الصدر قد حسمت الجدل القائم حول إمكان قيام تحالف جديد بينه وبين العبادي، يزكّي بموجبه الأول، الأخير، لرئاسة الحكومة.
وتوازى إطلاق مبادرتَي الصدر والعامري مع عودة مروحة الاتصالات بين الكتل السياسية المختلفة، وانشغالها مجدداً بحوارات تشكيل «الكتلة الأكبر» التي بدأت ملامحها بالظهور، وسط تكهن عدد من المراقبين بشخص رئيسها وموعد الإعلان عنها. ويأتي ذلك في ظل ترقب لإعلان نتائج العد والفرز اليدوي الأسبوع المقبل، من قِبَل «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات» التي تستمر في إجراء هذه العملية لصناديق الاقتراع في بغداد وخارج البلاد. ويؤكد المحلل السياسي، وائل الركابي، أنه «لم يتبق إلا القليل للإعلان النهائي عن نتائج العد والفرز اليدوي... والذي سيكون مطابقاً للنتائج السابقة»، معتبراً «تأخر النتائج إرباكاً سيصيب تشكيل الكتلة الأكبر». لكن المحلل السياسي، نجم القصاب، يرى أن «جميع الكتل متقاربة ومقتنعة بضرورة حسم الكتلة الأكبر بسرعة، خوفاً من الشارع العراقي والمرجعية الدينية»، لافتاً في حديثه إلى «الأخبار» إلى أن «هذا يعني دنو موعد تشكيل الحكومة المقبلة».
توقعات بإعلان نتائج العدّ والفرز اليدوي الأسبوع المقبل


وفي هذا السياق، تشير مصادر «الأخبار» إلى أن «اللمسات الأخيرة على الخريطة السياسية قد وضعت، على أن يشغل نوري المالكي رئاسة تحالف الكتلة الأكبر»، مؤكدة أن نقاش الحقائب الوزارية قد انطلق أيضاً، مع تقديم الكتل المختلفة مطالبها عبر وفودها التفاوضية. وتوضح المصادر أن «ائتلاف دولة القانون (المالكي) يفاوض على حقيبتين وزاريتين إحداهما التربية، فضلاً عن إحدى الهيئات المستقلة»، مضيفة أن «رئيس الوزراء المقبل سيكون من الخط الثاني لحزب الدعوة، وليس من قياداته الرئيسة». وتبيّن أن مستشار الأمن الوطني، فالح الفياض، طُرح اسمه كـمرشح تسوية لرئاسة الوزراء، في وقت يجري النقاش حول إمكان منح العبادي منصب نائب رئيس الجمهورية.
أما «منظمة بدر» فتفاوض على أن تنال منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الأمنية، مع احتفاظها بحقيبة الداخلية. وتتابع المصادر أن «تيار الحكمة (عمار الحكيم) اشترط إحدى وزارتي النقل أو النفط، مع تمسّكه بحقيبة الشباب والرياضة»، لافتة إلى أن القوى الكردية ستحتفظ برئاسة الجمهورية، ونيابة رئيس الوزراء عن الشؤون المالية والاقتصادية، فضلاً عن منحها حقيبة الخارجية ورئاسة هيئة النزاهة. وعلى مقلب «البيت السني»، يبرز التمسك برئاسة البرلمان، مع نيل 4 وزارات بينها الدفاع والتعليم العالي، إضافة إلى هيئتين مستقلتين.
أمنياًَ، كثّفت القوات الأمنية من انتشارها حول سجن الناصرية المركزي (الحوت)، مع ورود معلومات عن هجوم إرهابي محتمل. وقال قائد عمليات الرافدين، إبراهيم دعبون، إن «أطواقاً أمنية عدة وُضعت لحماية السجن، إضافة إلى طلعات جوية لكشف التحركات المحيطة به»، لافتاً إلى «التوجيه بتشديد الإجراءات الأمنية حول السجن، واتخاذ أعلى درجات الحيطة والحذر، فضلاً عن التأكيد على الجاهزية الأمنية واتخاذ التدابير الاحترازية الكفيلة بحمايته».