هدوءٌ نسبي ساد المحافظات الجنوبية من العراق على مدى الأيام الماضية، لكن الصخب ما لبث أن عاد إليها مجدداً، مع عودة التظاهرات المنددة بالواقع المعيشي والخدمي يوم أمس. عودة يُتوقع أن تتصاعد مظاهرها اليوم في محافظات البصرة، وبغداد، وميسان، وذي قار، والنجف، وكربلاء، والمثنى، للضغط على الحكومة الاتحادية، برئاسة حيدر العبادي، كي تُسرع في اجتراح حلول للأزمة المتفاقمة. وفيما تجددت أمس التظاهرات في محافظة البصرة، حيث طالب حوالى ألف معتصم بإيجاد فرص عمل لهم، فضّت القوات الأمنية اعتصاماً احتجاجياً على سوء الخدمات الحكومية، بعدما أغلق العشرات الطريق المؤدي إلى حقل «غرب القرنة 2» شمالي المحافظة، أضخم الحقول النفطية في البلاد، والذي تديره شركة «لوك أويل» الروسية، وتبلغ قدرته الإنتاجية حوالى 400 ألف برميل يومياً.وتنذر عودة التظاهرات بإمكانية وقوع ضحايا جدد، جراء التعامل الموصوف بـ«الخشن» من قبل القوات الأمنية مع المتظاهرين. ويشير آخر إحصاء صادر عن «المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان» إلى ارتفاع عدد قتلى الاحتجاجات إلى 14 متظاهراً، موضحاً أنه «تم تسجيل 14 حالة وفاة في صفوف المتظاهرين نتيجة إطلاق الرصاص الحي، أو الاختناق بالغاز المسيل للدموع، الذي أطلقته القوات الأمنية وقوات مكافحة الشغب»، مضيفاً أن «729 شخصاً أصيبوا ضمن صفوف المحتجين والقوات الأمنية، خلال التظاهرات التي استمرت لعدّة أسابيع». ولفت الإحصاء، الذي نُشر أمس، إلى أن «السلطات أفرجت عن جميع الموقوفين على ذمة الاحتجاجات في محافظات بابل وواسط وذي قار، حيث تجاوز عددهم 757 موقوفاً».
في هذا الوقت، تواصل حكومة العبادي محاولاتها استيعاب النقمة الشعبية باستقبال رئيسها وجهاء المحافظات والمعنيين فيها، وحرصه شخصياً على إطلاق حزمة من المشاريع الإصلاحية التي تصب في إطار «الحلول السريعة» والتخفيف من حدة السخط الشعبي. وفي هذا الإطار، قررت الحكومة، عقب لقاء العبادي عدداً من أهالي محافظة ميسان، تخصيص عدد من الوظائف الحكومية للمحافظة، وتسييل أموال لإقامة مشاريع خدمية (من دون الإعلان عن قيمتها)، واستئناف العمل في مشاريع أخرى (ري، إنشاء طرق وجسور ومجار لمياه الصرف الصحي... ) كانت قد عُلّقت جراء النقص في السيولة. كما قرر العبادي دراسة تأجيل تسديد قروض المزارعين، ومعالجة موضوع الفوائد المستحقة، على أن تتولى وزارة الكهرباء تأمين الحصة المقررة للمحافظة من الكهرباء، مع مراعاة الأحوال الجوية خلال فصل الصيف. وشملت قرارات رئيس الوزراء، أيضاً، إعطاء المحافظة مستحقاتها من البترودولار، يما يعادل منحها دولاراً واحداً عن كل برميل نفط يُستخرج من الحقول النفطية الواقعة داخل حدودها الإدارية. أما في محافظة النجف، فقد أعلن مجلس المحافظة، أمس، إطلاق أكثر من 69 مليار دينار لإقامة المشاريع الخدمية فيها، داعياً المتظاهرين من أبناء المحافظة إلى إعطاء الفرصة للحكومة المحلية لتنفيذ مطالبهم.
وعلى خطّ الانتخابات التشريعية ونتائجها، أعلنت «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات» انتهاء عملية العدّ والفرز اليدويّين لأصوات الناخبين في 16 محافظة من أصل 18، عقب الانتهاء من فرز الأصوات في محافظة بابل وسط البلاد. وقال المتحدث باسم «المفوضية»، ليث جبر، إنه لم يتبقَّ سوى محافظتي بغداد وديالى، حيث تجري المفوضية عمليات العد والفرز اليدويّين في ديالى منذ الإثنين الماضي، على أن تباشر في احتساب الأصوات المشكوك فيها في بغداد قريباً. وعلمت «الأخبار» من مصادرها داخل «المفوضية» أن النتائج جاءت إلى الآن مطابقة بنسبة 100%، وأن عملية احتساب أصوات الخارج ستبدأ في خلال الأيام المقبلة، بعدما أرسلت «المفوضية» وفوداً من «مجلس المفوضين» (أعلى سلطة في المفوضية) وموظفين إلى 3 دول هي تركيا، وإيران، والأردن، للتدقيق في أصوات الناخبين بشكلٍ يدوي.