بغداد | حلّ رئيس الوزراء، حيدر العبادي، ضيفاً على زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، في الحنانة، أول من أمس، حيث أسفر لقاء الساعات الثلاث عن تحالف بين كتلة «النصر» (العبادي) وكتلة «سائرون» (الصدر). زيارة متوقعة هي الثانية منذ إعلان نتائج الانتخابات التشريعية في أيار/ مايو الماضي، تأتي في إطار السعي إلى تشكيل الكتلة النيابية الأكبر (165 مقعداً)، التي ستسمي رئيس الوزاء المقبل. وفي المؤتمر الصحافي المشترك، شدد الطرفان على تشكيل تحالف «عابر للطائفية والإثنية، للإسراع في تشكيل الحكومة المقبلة، والاتفاق على نقاط ومبادئ مشتركة، بما يضمن مصلحة الشعب العراقي»، على أن يساهم التحالف في «بلورة حكومة قوية تخدم تطلعات شعبنا في جميع المجالات».بدوره، أكد المستشار السياسي للصدر، جعفر الموسوي، أن «الكتلة الأكبر سيتم الإعلان عنها قريباً»، مشيراً إلى أن «الاتفاقات السابقة المعلن عنها سارية ونافذة، وأكملتها خطوة تحالف النصر ــ سائرون». وعليه، فإن التحالف مع «النصر» سيكون مكمّلاً للتحالفات السابقة مع «الفتح» (هادي العامري) و«الحكمة» (عمار الحكيم)، أي أن «تحالفاً رباعياً» ــ حتى الآن ــ اتضحت معالمه، في انتظار أن يحسم زعيم «ائتلاف دولة القانون»، نوري المالكي، موقفه بالانضمام إليه أو تشكيل ائتلاف معارض يضمّ إلى جانبه زعيم «ائتلاف الوطنية»، إياد علاوي، الذي لا يزال موقفه من التحالف مع الصدر ضبابياً، والرافض بشكل قاطع الانضمام إلى أي تحالف يحمل بصمة قائد «قوة القدس» في «الحرس الثوري الإيراني»، قاسم سليماني، الذي تفيد المعطيات بدور بارز له في تقريب وجهات النظر بين القوى «الشيعية»، وسعيه إلى إعادة إحياء «التحالف الوطني» بصيغة جديدة، ووفق رؤية تتقاطع مع رؤية «الحكومة الأبوية» التي يروّج لها الصدر؛ ليس من باب الاقتناع الإيراني المطلق بذلك، إنما استيعاباً لانتصار الصدر، وسعياً في إعادة ترتيب «البيت الشيعي» بما يحفظ الدور المحوري لطهران في إدارة الملف العراقي، وأيضاً إفشال أي محاولة التفاف سعودية قد تؤدي لاحقاً إلى إحداث خرق داخل «البيت». وبحسب تلك المعطيات، فإن سليماني أَمِلَ من العبادي ــ كما العامري ــ التوجه إلى الصدر والتحالف معه، الأمر الذي وقع أول من أمس، وجاء تتويجاً لاتصالات مندوبي الطرفين.
ستقتصر إعادة الفرز على المراكز الواردة بشأنها شكاوى أو تقارير رسمية


أما المالكي، الذي لمّا يحسم أمره بالانضمام إلى «التحالف الرباعي» من عدمه، فأمامه خياران لا ثالث لهما: إما الانضمام إلى تحالف الصدر بشرط، أو تشكيل جبهة معارضة إلى جانب عددٍ من رافضي انتصار الصدر ونتائج الانتخابات، وأبرز هؤلاء علاوي. شرط المالكي، وفق مقربين منه، أن يكون «التحالف الخماسي» في سياق «الفضاء الوطني» في العاصمة العراقية بغداد، لا أن يكون تحالفاً قائماً على استرضاء جهة دون أخرى، أو أن تكون جهة ما هي عاموده الفقري بينما تكون القوى الأخرى ملحقةً بها، وعليه فإن أي تحالف ينضم إليه المالكي يجب أن يؤسس على «قاعدة الشراكة والحوار، لا أن يُكرّس حيّاً عاصمة القرار السياسي للبلاد». وإذا أصرّت القوى السياسية الأخرى، وفق المصادر المقربة من المالكي، على «تعزيز منهج استرضاء طرف دون آخر»، فإنه من الطبيعي «الانتقال إلى المعارضة السياسية السلمية، وتأسيس جبهة وطنية مع الذين يشتركون في رؤيتنا».
ويشي حديث المصادر عينها بانزعاج شديد من «الطريقة السائدة في التعامل مع الواقع السياسي المستجد»، و«تكريس الصدر حاكماً سياسياً للبلاد» كما يعبّر أحدهم، الأمر الذي سينعكس سلباً ــ وفق عدد منهم ــ، وفي القريب العاجل، على الحكومة المرتقبة وشكلها وأدائها، فضلاً عن أنه «سيضعف قدرة الإيرانيين على إدارة الملف العراقي» إذا ما كُرّست معادلة «الرجل الأقوى» في المرحلة المقبلة، خصوصاً وأن الصدر بدأ يشدد على ضرورة «الانتقال السلمي للسلطة»، قاطعاً بذلك على البرلمان محاولاته التمديد لنفسه، في وقت تزداد فيه المؤشرات إلى أنه لن يكون هناك تغيير جوهري في نتائج الانتخابات، مع إعلان «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات»، أمس، أن عملية إعادة فرز الأصوات «ستكون جزئية، وفي المراكز الانتخابية الواردة بشأنها شكاوى مقدمة للمفوضية، أو تقارير رسمية بشبهات تزوير، فقط دون غيرها».
وإلى جانب رفضه محاولة تمديد عمر البرلمان الحالي (الذي لم يستطع أمس حسم وجهة المشروع، ما حمله على إرجاء مناقشته حتى الخميس المقبل، وسط توقعات بفشله في تمريره)، يحمل تشديد الصدر على ضرورة «الانتقال السلمي للسلطات» رسائل إضافية، من بينها بحسب مراقبين تهديد مبطن بأن أي قرار بإطالة عمر البرلمان سيعرّض البلاد لموجة جديدة من المظاهرات السلمية، قد يزداد معها الوضع الأمني «هشاشة»، وقد يُستفاد منها أيضاً في إشعال فتنة في البلاد. ومن جهة أخرى، يرى هؤلاء المراقبون أن رئيس الوزراء الحالي باق في منصبه حتى حين، لسببين: الأول عدم استعجال طهران (وحتى واشنطن) حسم تسمية رئيس الحكومة المقبل، ورفضها الضغط على القوى السياسية في هذا الإطار (وبالتالي سيظلّ العبادي على رأس حكومة تصريف الأعمال)، والثاني تعزّز حظوظ الرجل في ولاية ثانية بعد تحالفه مع الصدر، وموافقة إيران المبدأية على تمديد ولايته.



بنود اتفاق الصدر ــ العبادي:
نصّ اتفاق تحالف مقتدى الصدر ــ حيدر العبادي، على ثمانية بنود هي:
1- الدعوة إلى تحالف عابر للطائفية والإثنية، يشمل جميع المكونات العراقية.
2- الاستمرار في محاربة الفساد، وتعزيز دور المؤسسات الرقابية، وتقديم الفاسدين للقضاء العراقي، وإبعادهم عن المواقع الرسمية والحكومية.
3- تشكيل حكومة تكنوقراط، بعيداً عن المحاصصة الضيقة.
4- دعم الجيش، والشرطة، والقوات الأمنية، وحصر السلاح بيد الدولة.
5- وضع برنامج إصلاحي لدعم الاقتصاد الوطني بمختلف قطاعاته.
6- الحفاظ على علاقة متوازنة مع الجميع، بما يضمن مصالح العراق، ويحفظ سيادته واستقلاله، وعدم السماح بتدخل الآخرين في شؤوننا.
7- دعم مشروع إصلاح النظام القضائي، وتفعيل دور الادعاء العام.
8- الحفاظ على وحدة العراق، والتأكيد على التداول السلمي للسلطة.