بغداد | في أعقاب إقرار «المحكمة الاتحادية العليا» (أعلى سلطة قضائية في العراق) إعادة فرز أصوات الانتخابات التشريعية يدوياً أول من أمس، عقد المجلس النيابي، أمس، برئاسة سليم الجبوري، جلسة استثنائية بهدف إقرار قانون يُمدَّد من خلاله «عمر السلطة التشريعية، ومن دون أن تترتب على الدولة أي أعباء مالية، على أن يكون ذلك متوازياً مع عمر السلطة التنفيذية لدرء الفراغ التشريعي، والحفاظ على توازن مسار الدولة، في ظل دور الأجهزة القضائية للإشراف على عملية العد والفرز»، وفق البيان الصادر عن مكتب رئيس البرلمان، والذي شدد على أن هذه الخطوة لا تندرج في إطار «الأهداف الذاتية للأحزاب والأشخاص أو القوائم، وإنما ضمن الحرص السيادي للمجلس على شرعية ومشروعية مؤسسات الدولة، والحفاظ على المسار الديموقراطي للعراق».جلسة الأمس الاستثنائية، والتي قرر المجتمعون استئنافها يوم غد الأحد، وإن حُدّد الهدف منها بـ«تمديد عمل البرلمان للإشراف على عملية العد والفرز اليدوي لنتائج الانتخابات، وعدم إدخال البلاد في فراغ دستوري»، إلا أن مراقبين رأوا فيها بداية محاولة من قبل الجبوري، ومن خلفه القوى السياسية المناهضة لرئيس الوزراء حيدر العبادي، لتقييد الأخير، وذلك بعدم إعطائه فرصة الانفراد بالحكم - وإن كانت مرحلية - تحت عنوان «تصريف الأعمال»، الذي سيجعل مهمة إدارة الدولة محصورة بيد رئيس مجلس الوزراء، إلى أن تُحسم نتائج الانتخابات في شكل نهائي من جهة، وتنجز القوى السياسية استحقاق تشكيلها الكتلة الأكبر من جهة أخرى. وعلى رغم أن خطوة البرلمان أُدرجت في إطار «الحرص على ديمومة العمل المؤسساتي للدولة العراقية»، إلا أن ثمة تشكيكاً داخل الأروقة السياسية في خلفياتها، وحذراً من إمكانية أن تكون «غير مأمونة الجانب». وعليه، يفترض بحسب مراقبين الانتظار حتى يوم غد، لتبين ما ستسفر عنه اتصالات الساعات المقبلة في شأن إمكانية تمديد عمر البرلمان الحالي من عدمها.
وفي هذا السياق، كان لافتاً، أمس، قول القيادي وعضو المكتب السياسي في «الحزب الديموقراطي الكردستاني»، هوشيار زيباري، إن «مسلسل إلغاء نتائج انتخابات العراق 2018 لم يكتمل بعد، فهناك دعوة لعقد جلسة استثنائية أخرى لمجلس النواب الذي لم يبق على ولايته إلا 8 أيام بحسب الدستور»، مضيفاً أن «رئاسة البرلمان سوف تقوم باختراع بدعة جديدة لتمديد ولاية البرلمان حتى نهاية العام، حتى لا تتحول الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال فقط، بل تتمدد صلاحياتها». وختم بالقول إنه «إذا ما حصل هذا فسيشكل خرقاً دستورياً خطيراً، وانقلاباً على النظام السياسي الديموقراطي والاتحادي برمته».
طالب «التيار الصدري» بضمان عدم التلاعب مجدداً في الفرز اليدوي


وعلى خط مواز لخطوة الجبوري، التي عدّها البعض استكمالاً لقرار «الاتحادية»، ومحاولة لإطالة عمر البرلمان أطول فترة ممكنة من أجل ترتيب عودة رئيسه إلى المشهد النيابي، جاء هجوم زعيم «تحالف الفتح»، هادي العامري، على العبادي و«المفوضية العليا المستقلة للانتخابات»، ليضيف تعقيداً جديداً إلى المشهد. إذ حمّل العامري، العبادي و«المفوضية»، مسؤولية الخروقات الانتخابية، ووصف إدارتهما للعملية الانتخابية بـ«الفاشلة»، مضيفاً أن «الفتح، ومنذ البداية، طالب بإجراء العد والفرز اليدوي لطمأنة الشركاء السياسيين والناخبين». ووفق معلومات «الأخبار»، فإن قرار «الاتحادية» لم تستسغه مكونات في «الفتح»، قد تخسر عدداً من مقاعدها وإن كان محدوداً، لامتلاك عدد من القوى السياسية إثباتات تصفها بـ«الدامغة» ضد بعض الفصائل «التي حازت على تمثيل أكبر من حجمها، نتيجة تزوير أو حجز بطاقات (في المحافظات الجنوبية)» بحسب زعم تلك القوى. ورد مكتب العبادي على اتهامات العامري بالقول إن «الخروقات التي رافقت العملية الانتخابية أنتجها نظام المحاصصة الحزبي في اختيار مجلس المفوضين»، معتبراً أن «الإساءة إلى العملية الانتخابية كانت بسبب التدخل الفاضح في عمل المفوضية، والتزوير، وخروق الأنظمة الانتخابية، والذي مارسته كتل سياسية تتحمل مسؤولية سرقة أصوات المواطنين، ولم تكن أمينة على مصالح العراق».
وضمن الردود التي سُجّلت، أمس أيضاً، على قرار «الاتحادية»، اعتبر الأمين العام لـ«حركة عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، أن القرار «سيجنبنا خطر الدخول في الفراغ الدستوري»، في وقت أعرب «تيار الحكمة» بزعامة عمار الحكيم عن دعمه قرار «الاتحادية»، وإن «جاء بخلاف رؤيتنا التي عبرنا عنها في مناسبات مختلفة قريبة». وأكد أن موقف «الحكمة» لا يزال داعياً ومؤيداً لعقد «لقاء وطني جوهري يتجاوز الأطر الشكلية الجامدة»، يجمع القيادات الأساسية والأطراف السياسية إلى طاولة واحدة من أجل إنضاج رؤية ترسم مساراً واضحاً للخروج من الأزمة. أما مسؤول المكتب السياسي لزعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، ضياء الأسدي، فقد طرح جملة من التساؤلات حول «إمكانية ضمان عدم التلاعب أثناء إعادة فرز أصوات الناخبين مجدداً»، لافتاً إلى أن «أي انتخابات تجرى لا تخلو من تزوير أو اختراق لعملية التصويت... فالضغوطات والتأثيرات كانت حاضرة أثناء الانتخابات وبعدها».