بحسب التوقيت الشرقي (14 شعبان/ 1 أيّار)، استحضر العراقيون الذكرى السنوية الرابعة لإعلان المرجعية الدينية فتوى «الجهاد الكفائي» عقب سقوط مدينة الموصل وغيرها بيد «داعش». استجاب العراقيون لنداء المرجعية، منتظمين في نسقٍ عسكري ــ شعبي رديف سُمّي لاحقاً «الحشد الشعبي». 4 سنواتٍ من القتال، أثمرت انتصاراً على أكثر التنظيميات الإرهابية تطرّفاً في العالم. اليوم، مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي (12 أيّار المقبل)، ينتظر العراقيون عامّةً، وائتلاف «الفتح» خاصّةً، خطاب المرجعية غداً، والمتوقّع أن يكون لافتاً على غرار «فتوى الدفاع»، وفق مصادر «الأخبار».أكثر من تفسيرٍ لخطاب المرجعية يوم غد، ذلك أن تأويل «المجرَّب لا يجرَّب»، يراها البعض إشارةً إلى الطبقة السياسية الحاكمة منذ عام 2005، فيما يريدها آخرون تلميحاً إلى «الفتح»، باعتباره ائتلافاً مشكّلاً من الفصائل المكوّنة لـ«الحشد»، و«مخالفٌ» لتوجهات المرجعية الداعية إلى «عدم استثمار الجهاد والانتصار في اللعبة السياسية القذرة».
أبرز المستفيدين من هذه المقولة «التيّار الصدري» وزعيمه مقتدى الصدر، الساعي إلى «تسقيط» خصومه من خلال هذه المقولة، والعزف على وتر انتماء شريحة شعبية كبيرة تؤمن برؤية المرجعية وتلتزم توجيهاتها. وتبرز هنا رسائل الزعيم الشاب السياسية من خلال أجوبته عن أسئلة مؤيديه، على مدى الأيام الماضية، ودعواته المتكررة إلى العزوف عن «انتخاب قوائم الفصائل المسلّحة»، طارحاً تحالف تيّاره «سائرون نحو الإصلاح» كـ«مخلّصٍ» من الطبقة السياسة من جهة، وبديلاً يحظى برضى ومقبولية المرجعية الدينية من جهةٍ أخرى.
قابل الحراك الصدري، وخطابه الهجومي ــ اليومي على «الفتح»، رسائل عدّة، وجّهها الأمين العام للعتبة العباسية أحمد الصافي، إلى رئيس «ائتلاف الفتح» هادي العامري، في الأيام الماضية. وتشير معلومات «الأخبار» إلى أن الصافي دعا العامري إلى غضّ الطرف عن الصدر وخطابه، والابتعاد عن الرد أو التصريح، لضبط المناخ قدر الإمكان قبيل إجراء الانتخابات، حفاظاً على سلامتها بالدرجة الأولى، وتجنّب أي احتكاكٍ قد يقع بالدرجة الثانية، ذلك أن الشارع بلغ من الاحتقان والتشنج، نتيجة الخطاب الاتهامي، درجةً عالية. قيادة «الفتح» تلقّفت الرسالة بعناية، في وقتٍ اعتبرها البعض منهم، طمأنةً من النجف إلى أن خطاب الجمعة لن يكون موجّهاً إلى «الفتح»، أو داعياً إلى ضرورة فرط عقده.
طمأن العامري النجف إلى أن ائتلافه لن يُدخل اسم «الحشد» في أي مهاترةٍ سياسية


ووفق مصدرٍ مسؤولٍ في «الفتح»، ردّ العامري على الصافي، مطمئناً إلى أن ائتلافه لن يُدخل اسم «الحشد» في أي مهاترةٍ سياسية، أو خطابٍ اتهامي يُسيء إليه أو إلى تضحيات شهدائه، متوعداً أن يكون (العامري، وكتلته النيابية) مدافعاً عن حقوق «الحشد» في البرلمان، ضمن رؤية المرجعية وتوجهاتها. وتضيف المعلومات أن العامري ملتزمٌ برنامجه الانتخابي، مشدداً على المرشحين ضمن قائمته، لالتزام أيضاً بخطابٍ جامعٍ يحثُّ على بناء الدولة وحماية الإنجازات ومكافحة الفساد، دون المساس بأي فريقٍ سياسي، مراعاةً لحساسية المرحلة.
ويقود الحديث أيضاً، إلى السؤال عن توقعات «الفتح» لخطاب الجمعة وإمكانية دعوة المرجعية ــ كما يروّج ــ «الفتح» إلى الانسحاب من النزال الانتخابي، وهو أمرٌ ينفيه المصدر في حديثه إلى «الأخبار»، واصفاً المرجعية بأنها «أبو الجميع»، مضيفاً أنها «دائماً ما تكون على مسافةٍ واحدةٍ من مختلف الأطراف السياسية، ولا تنحاز إلى أحدٍ على حساب أحد». وتتوقّع المصادر أيضاً، أن خطاب المرجعية سيكون في حدّه الأدنى «دعوة حثيثة للمشاركة بالانتخابات بقوّة»، على غرار دعواتها السابقة في أعوام (2006، 2010، 2014)، في ترجمةٍ لحرصها على ديمومة العملية الديموقراطية في البلاد، ووضع معايير تساعد الناخب على اختيار ممثله في السلطة.
بدوره، نفى المكتب الإعلامي لرئيس «المجلس الأعلى الإسلامي» همام حمودي، خبر انسحابه من الانتخابات البرلمانية، واصفاً «أنباء الانسحاب بالمحاولة اليائسة لإفشال العملية الانتخابية الديموقراطية». إذ عمدت مواقع خليجية عدّة، على مدى اليومين الماضيين، إلى ترويج أخبارٍ إمكانية دعوة المرجعية إلى فرط عقد تحالف «الفتح»، باعتباره مخالفاً لتوجهات المرجعية. وقال البيان إننا «ننفي ما تداولته بعض المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي بشأن انسحاب الشيخ حمودي من خوض الانتخابات النيابية»، مؤكّداً أنه «ما زال مرشحاً ضمن قائمة الفتح في بغداد – تسلسل 2». ولفت إلى أن «كل ما يروج له ما هو إلا كذب ليس له أساس على أرض الواقع، ويأتي ضمن أجواء الحرب الدعائية الانتخابية، والتشويش على إرادة الناخب العراقي، ومحاولة يائسة لافشال العملية الانتخابية الديموقراطية في البلاد».