في الثامن من الشهر الحالي، أعلن وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، أن بلاده ستبدأ مع العراق عملية عسكرية مشتركة ضد المسلحين الأكراد في شمال بلاد الرافدين. عقب ذلك التصريح بيومين فقط، بدأت القوات التركية تنفيذ ضربات، مدعومة بسلاح الجو، ضد مواقع «حزب العمال الكردستاني» في منطقتي هاكورك وكاني راش وغيرهما. ضربات يعلن الجيش التركي، بشكل شبه يومي، إسفارها عمّا يسميه «تحييد إرهابيين من البي كا كا»، ليُتوَّج ذلك التصعيد، أمس، بتلويح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بـ«دخول سنجار»، مدفوعاً بالحماسة التي ولّدتها سيطرة قواته على مدينة عفرين السورية. وفيما يشدد مسلحو «بي كا كا» على جاهزيتهم لأي تصعيد، تلتزم حكومة حيدر العبادي الصمت، في ما قد يكون موافقة ضمنية على خطوات أنقرة، لحسابات متصلة بعملية «التأديب» الجارية ضد الأكراد منذ استفتاء الانفصال.وتعهد أردوغان، أمس، بـ«الإجهاز بقوة قريباً على الإرهابيين» في شمال العراق، لافتاً إلى «(أننا) نبحث عن الخلايا الإرهابية هناك في كل فرصة ممكنة». ولمّح، في كلمة خلال حفل بالمجمع الرئاسي في أنقرة، إلى احتمال تنفيذ بلاده عملية عسكرية في قضاء سنجار العراقي، قائلاً إنّ «من الممكن أن ندخل سنجار على حين غرّة، ونطهّرها من عناصر البي كا كا». ويأتي تهديد الرئيس التركي في وقت تواصل فيه قواته تنفيذ عمليات ضد معسكرات «حزب العمال» في شمال العراق. وكان آخر ما أعلنه الجيش التركي في هذا الإطار يوم الأحد، بحديثه عن «تحييد 5 إرهابيين في منطقتي هاكورك وكاني راش»، في عملية مدعومة جوياً. وأشار البيان الصادر عن الجيش، يومذاك، إلى ارتفاع «عدد الإرهابيين الذين جرى تحييدهم» منذ انطلاق العملية في 10 آذار/ مارس الجاري إلى 18.
اتهم برلمانيون الحكومة بإهمال الوجود التركي في بعشيقة


وجاء انطلاق تلك العملية بعد يومين من تصريح لوزير الخارجية التركي تحدث فيه عن «عمليات مشتركة مع الحكومة العراقية في الفترة القادمة»، محتملاً البدء بها بعد الانتخابات البرلمانية المقررة في العراق في 12 أيار/ مايو المقبل. تصريح التزمت بغداد إزاءه الصمت، تماماً كما فعلت أمس عقب خروج موقف أردوغان، وقبله إبان العمليات التركية الجارية شماليّ البلاد. وإذ رفض مكتب العبادي التعليق على كلام الرئيس التركي الأخير، اكتفى مصدر مقرب من رئيس الوزراء بالقول لـ«الأخبار» إن «العبادي لن يسمح بتحول العراق إلى ساحة صراع»، وهو موقف «ضبابي» لا يُفهم منه ما إذا كان هناك تنسيق، فعلاً، بين أنقرة وبغداد، وما إذا كانت الحكومة العراقية ستنخرط علناً في العمليات المرتقب توسيعها ضد الـ«بي كا كا»، لكن إحجام السلطات عن إصدار موقف واضح، يعزّز الرأي القائل برضاء عراقي مضمر بالتصعيد التركي.
هذا الرأي يتبنى ما يقترب منه برلمانيون كانوا قد نددوا بتصريحات أوغلو التي سبقت موقف أردوغان، ليعيدوا أمس تجديد كلمتهم الداعية إلى «إغلاق الباب أمام دخول أي قوات أجنبية». واتهم مقرر البرلمان، عضو لجنة الأمن والدفاع، عماد يوخنا، أمس، الحكومة، بـ«إهمال الوجود التركي في بعشيقة»، قائلاً إن «دخول تركيا إلى العراق لم يُجابَه برد حكومي صارم وحازم، وسيفتح المجال أمام الوجود العسكري الأميركي والإقليمي». وأشار يوخنا إلى أن «أنقرة لم تسحب قواتها بعد الانتهاء من الحرب على عناصر داعش الإرهابي، والحكومة الاتحادية غضت النظر عنها»، مضيفاً أن «بغداد لم تبرم أي اتفاق عسكري مع أنقرة يسمح لها بوجودها داخل الأراضي العراقية».
وفي اتجاه الحكومة أيضاً، كان موقف «حزب العمال»، الذي رأى مصدر قيادي فيه، في حديث إلى «الأخبار»، أن «من واجب الحكومة العراقية حماية سنجار باعتبارها مدينة عراقية»، مؤكداً في الوقت نفسه «(أننا) جاهزون لأي مواجهة مع تركيا، لكننا نتمنى أن لا تقع أي مواجهة». ولفت المصدر إلى أن «لدينا اتصالات غير مباشرة مع الحكومة العراقية، وتواصلاً مع أغلب القوى السياسية».



العبادي «يفرج» عن رواتب كردستان

أعلنت الحكومة العراقية، أمس، أنها أرسلت إلى إقليم كردستان رواتب جميع موظفي الإقليم، بعد أقل من أسبوع على رفعها الحظر الجوي الذي كان مفروضاً على مطارَي السليمانية وأربيل. وقالت رئاسة الوزراء، في بيان، إن «وزارة المالية الاتحادية أطلقت رواتب جميع موظفي إقليم كردستان ومن ضمنهم البشمركة»، مؤكدة «استمرار التدقيق لضمان وصول الرواتب إلى مستحقيها». وأوضح المتحدث باسم الحكومة العراقية، سعد الحديثي، في تصريح صحافي، أن «مجلس الوزراء حوّل 317.5 مليار دينار إلى إقليم كردستان لدفع الرواتب»، مضيفاً أن «هذا المبلغ يأتي ضمن آلية دفعات شهرية ستُرسل دورياً إلى الإقليم، استناداً إلى مراجعة وتدقيق السجلات والكشوفات، للتأكد من تطابقها مع قانون موظفي الدولة». وكان رئيس الوزراء، حيدر العبادي، قد قرر، الأسبوع الماضي، إعادة فتح المطارَين الرئيسين في كردستان أمام الرحلات الدولية، بعد موافقة حكومة الإقليم على إخضاعهما لسلطة الحكومة الاتحادية.