منذ خسر حزب «العدالة والتنمية» أغلبيته البرلمانية في انتخابات حزيران الماضي، ليعجز عن الحكم منفرداً، للمرة الأولى منذ وصوله إلى السلطة عام 2002، سعى داود أوغلو إلى البحث عن تشكيل ائتلاف حكومي مع شريك سياسي أصغر. لكن المتحدث باسم «العدالة والتنمية»، بشير أتالاي، أعلن أمس أن داود أوغلو سيعيد التفويض (بتشكيل حكومة جديدة) للرئيس، رجب طيب أردوغان، وأن الحزب سيعقد مؤتمراً في 12 من أيلول المقبل، من المتوقع أن يحسم فيه استراتيجيته، قبل الانتخابات المبكرة المتوقع إجراؤها في المستقبل القريب.
وكان داود أوغلو قد التقى يوم الأول من أمس مع دولت بهجلي، زعيم حزب الحركة القومية المعارض، وذلك في محاولة أخيرة للاتفاق على تشكيل حكومة ائتلافية، إلا أن بهجلي رفض كل الخيارات التي طرحها داود أوغلو. «بعد محادثات الأمس لم يبق أي خيار أمام الحزب (العدالة والتنمية) لتشكيل ائتلاف، ومن ثم سيعيد داود أوغلو التفويض إلى الرئيس (مساء أمس)»، قال مسؤول بارز في «العدالة والتنمية»، رفض الكشف عن هويته. ونظرياً، يمكن أردوغان الآن منح التفويض لتشكيل حكومة جديدة لحزب الشعب الجمهوري، ثاني أكبر حزب في البلاد، لكن يُطرح السؤال إن كان الأخير قادراً على تشكيل ائتلاف حاكم قبل مهلة تنتهي في 23 من الشهر الجاري.

بث «داعش»
تسجيل فيديو يدعو الأتراك إلى الثورة على أردوغان

ويراهن مسؤولون في «العدالة والتنمية» على أن القوميين، الذين يعارضون بشدة منح أي نفوذ سياسي أكبر للأكراد، سيفعلون أي شيء لتجنب سيناريو يحصل فيه حزب الشعوب الديمقراطي على حقائب وزارية، وأنهم بالتالي قد يؤيدون حكومة أقلية مؤقتة بقيادة «العدالة والتنمية»، تدير البلاد حتى إجراء انتخابات جديدة. لكن بهجلي استبعد ذلك، ليبقى خيار تشكيل حكومة مؤقتة تتقاسم فيها الأطراف السلطة. لكن الخيار الأخير يبدو صعباً، وفق العديد من المراقبين، ذلك أن تقسيم الحقائب الوزارية بين أربعة أحزاب متنافرة من شأنه أن يشل آلية اتخاذ القرار، ويزيد من زعزعة الاستقرار في البلاد التي تشهد أحداثاً أمنية واسعة، وحيث سجلت الليرة انخفاضات قياسية. وبإمكان البرلمان أيضاً السماح للحكومة الحالية بمواصلة العمل، إلى أن تجرى انتخابات جديدة، لكنّ حزب الحركة القومية وأحزاباً أخرى قالوا إنهم سيصوتون ضد هذه الخطوة. ميدانياً، قُتل جندي تركي وأصيب ثلاثةٌ آخرون يوم أمس، في محافظة دياربكر، جنوب شرق البلاد، وذلك في أعمال عسكرية نسبها الجيش إلى حزب العمال الكردستاني. وأوضح الجيش أن القتال اندلع بسبب عملية «أسر وقتل» حاول عناصر «الكردستاني» تنفيذها. وبحسب وكالة «دوغان» للأنباء، شن نحو 800 عنصر من قوات الأمن التركية عملية واسعة ضد «الكردستاني» في إقليم «سيلفان» في محافظة دياربكر في وقت مبكر من يوم أمس، وذلك بعدما نصب المسلحون الحواجز وحفروا الخنادق وسيطروا على مركز صحي؛ وقتل أحد المسلحين وأصيب آخر في اشتباكات سيلفان، حيث فرضت السلطات حظر تجوال، بحسب الوكالة. وبث «داعش» تسجيل فيديو يدعو الأتراك إلى الثورة على أردوغان، واصفاً إياه بالـ«خائن» و«الوثني» الذي صادق الولايات المتحدة و«الملحدين» من حزب العمال الكردستاني. وجاء في الفيديو أن غرب تركيا سيصبح قريباً في أيدي «الصليبيين»، في إشارة إلى الأميركيين، بينما سيصبح شرق الأناضول تحت سيطرة «الكردستاني». ودعا التنظيم الأتراك إلى إعلان ولائهم لزعيمه، وإلى أن «لا يضيعوا الوقت»، ويهبوا إلى القتال «ضد الملحدين وجميع من جعلوكم عبيداً للصليبيين».
(رويترز، أ ف ب)