دخل الزلزال الذي ضرب محافظة فان التركية ذات الغالبية الكردية في جنوب شرق البلاد، أول من أمس، في خانة التدويل والتسييس من الباب العريض، وسط استنفار تركي عام وإصرار على رفض أي مساعدة خارجيةلا تزال حصيلة قتلى زلزال محافظة فان في تركيا ترتفع، مع استمرار توقع مصادر طبية أن تصل إلى الألف، بينما تحاول حكومة رجب طيب أردوغان إقفال الباب أمام المساعدات الخارجية، وخصوصاً الإسرائيلية منها، رغم النقص في التجهيزات والإمكانات الذي تعانيه المحافظة المذكورة. وقد اعترفت أنقرة بوصول عدد ضحايا الزلزال إلى نحو 270، في مقابل 1300 جريح على الأقل حتى عصر أمس، وسط استمرار عمليات البحث عن ناجين محتملين تحت الأنقاض الكثيرة للمحافظة التي يبلغ عدد سكانها 380 ألفاً. وعكست صحف المعارضة التركية حالة التململ السائدة لدى الوسط الطبي العامل في مستشفيات محافظة فان ومحيطها في جنوب شرق البلاد من نقص التجهيزات، وهو ما نفى أردوغان ووزراؤه وجوده.
وتحولت فان وجوارها إلى شبه مخيم كبير للناجين وللجرحى الذين زاد عددهم عن الـ 1300، بحسب نائب رئيس الوزراء التركي بشير أتالاي، نظراً إلى أنّ عدداً هائلاً من المباني والمستشفيات دمرت نتيجة الزلزال الذي بلغت قوته 7.2 على مقياس ريختر، ودام 25 ثانية.
وركزت صحف المعارضة على تعاطي وزراء الحكومة الذين قضوا ليلتهم في المحافظة المنكوبة؛ فقد أشارت صحيفة «حرييت» إلى أن الوزراء قضوا ليلتهم في فنادق الخمس نجوم الناجية من الزلزال، بينما كان المواطنون يفترشون أرض تلك الفنادق.
وقد أعلنت الحكومة بعض الإجراءات لمساعدة المنكوبين، كإعفاء سكان المحافظة من كافة الضرائب لمدة عام كامل، إضافة إلى تأكيد وزير الصناعة التركي نهاد ارغون أن حكومته ستساعد المؤسسات والشركات الصغيرة المتضررة. وأُرسل نحو 1300 مسعف من 38 مدينة في البلاد، و145 سيارة إسعاف و6 ألوية من الجيش، و6 مروحيات، إضافة الى طائرة شحن إلى المكان، كما وُضع الهلال الأحمر التركي في حال تعبئة، وأرسل خيماً ومتطوعين الى المنطقة المنكوبة. وأفادت وسائل اعلامية أن أكثر من 200 معتقل هربوا من السجن الإقليمي في فان، مستفيدين من الزلزال، إلا أن 50 منهم عادوا الى السجن بعد زيارة عائلاتهم.
في غضون ذلك، استنفرت معظم عواصم العالم لتعرض المساعدة على تركيا، التي واصلت إصرارها على رفضها. وكان لافتاً إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك أن أنقرة رفضت عرض المساعدة الذي قدمته تل أبيب. وقال باراك «لدي انطباع بأن الأتراك لا يريدون قبول مساعدتنا. في الوقت الراهن، ردّهم سلبي، لكن إذا رأوا أنهم يحتاجون إلى مزيد من المساعدة ولا يجدونها، أو إذا أعادوا النظر في الأمر، فقد قدمنا العرض وسنظل مستعدين للمساعدة».
وفي السياق، سُجل اعتراف مكتب أردوغان بأن نظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتصل به هاتفياً لتقديم واجب العزاء، ولتجديد عرض تل أبيب تقديم المساعدة.
وكشفت وزارة الخارجية التركية أنها تلقّت عروضاً بالمساعدة من عشرات الدول، لكنها أحجمت عن قبول المساعدة من أي دولة. وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون قد اتصلت بنظيرها التركي أحمد داوود أوغلو لتقديم التعازي، ولتعرض المساعدة الأميركية، وهو ما فعله الرئيس باراك أوباما والرئيس الروسي ديمتري مدفيديف ورئيس حكومته فلاديمير بوتين، ووزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتّيني، ومفوضة السياسات الأمنية والخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون. وفي خطوة لافتة، أرسلت إيران فرق إنقاذ وعربات إسعاف ومستشفى ميدانياً إلى المحافظة التركية المنكوبة للمساعدة في عمليات الإنقاذ، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الإيرنية الرسمية.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)