باريس | فاز فرانسوا هولند في الدورة الثانية من الاقتراع الخاص باختيار مرشح الحزب الاشتراكي لانتخابات الرئاسة الفرنسية 2012، وتفوق بذلك على منافسته الأمينة العامة للحزب الاشتراكي مارتين أوبري. وأظهرت نتائج جولة إعادة الانتخابات التمهيدية للحزب، التي شارك فيها حوالى 3 ملايين ناخب، أن هولند فاز بنسبة 56% من الأصوات، مقابل 44% لمنافسته مارتين أوبري.وشدد هولند، في أعقاب إعلان فوزه، على «أنه تلقى تفويضاً إجبارياً بقيادة الاشتراكيين إلى الفوز بالانتخابات الرئاسية المقبلة». وقال إنه سيخصص لها كل جهده وسيبذل من أجلها كل طاقته. وكان لافتاً أن مختلف المرشحين الذين تنافسوا في هذه الانتخابات كانوا حاضرين إلى جانب هولند، على المنصة التي تحدث من عليها في مقر الحزب الاشتراكي الفرنسي لحظة إعلان فوزه، وفي مقدمة هؤلاء مارتين أوبري، التي رفعت إلى جانب هولند شارة النصر، بالرغم مما طبع التنافس بينهما خلال الدورة الثانية من شطط لفظي. ودعت أوبري الحزب إلى «دعم» هولند، معتبرة أن الانتخابات التمهيدية جعلته أكثر شرعية وأكثر قوة في المعركة ضد اليمين واليمين المتطرف.
وبالرغم مما حدث من تراشق خلال الحملة الانتخابية، إلا أن الحزب الاشتراكي الفرنسي نجح في توحيد صفوفه، فور انتهاء الاقتراع. بذلك تفادى تكرار ما حدث من تجاذبات داخلية أدت إلى إضعاف مرشحة الحزب لانتخابات الرئاسة الماضية، سيغولين روايال. وخرج هولند من هذا المعترك الانتخابي بتأييد شعبي قوي تجاوز حدود أنصار الحزب الاشتراكي، ليشمل أغلب تيارات اليسار، حيث استقطبت هذه الانتخابات في دورتيها أكثر من 6 ملايين مقترع، بينما لا يتجاوز عند المنتمين رسمياً للحزب الاشتراكي 200 ألف. الشيء الذي اعتبره المحللون مؤشراً على وجود رغبة قوية في التغيير لدى غالبية الفرنسيين، بعد خمس سنوات من حكم اليمين.
هذه التزكية الشعبية القوية لمرشح اليسار، تزامنت مع انخفاض قياسي في شعبية الرئيس ساركوزي، حيث لا تتجاوز نسبة المؤيدين له حالياً 28 في المئة. وبيّن استطلاع للرأي أُجري الأسبوع الماضي أن 68 في المئة من الفرنسيين لا يحبّذون ترشيح ساركوزي لولاية ثانية.
هذه المعطيات دفعت الرئيس الفرنسي إلى إرجاء حسم قراره في ما يتعلق بالترشيح لولاية ثانية إلى غاية كانون الثاني المقبل. الشيء الذي أطلق التكهنات بخصوص احتمال حدوث انشقاقات في صفوف اليمين، على غرار ما حدث في انتخابات الرئاسة عام 1995، حين ترشح إدوار بالادور ضد «صديقه منذ ثلاثين سنة»، جاك شيراك. ولا يستبعد العارفون بالسياسة الفرنسية أن تظهر ترشيحات يمينية منافسة لساركوزي، إذا بقيت شعبيته متدنّية بهذا الشكل، حيث بدأ الحديث يدور عن احتمال ترشيح رئيس الحكومة، فرانسوا فيون، أو وزير الخارجية، ألان جوبيه، اللذين يحظيان بشعبية أقوى لدى ناخبي اليمين الفرنسي.
من جهة أخرى، يُرتقب أن يؤدي اختيار ناخبي اليسار فرانسوا هولند بدلاً من مارتين أوبري، إلى تعقيد مهمة مرشح اليمين، وخصوصاً أن هولند ينتمي إلى تيار وسطي، الأمر الذي سيسهل عليه استقطاب مخزون ضخم من أصوات تيارات الوسط. وخاصة بعدما أحجم أحد أبرز رموز الوسط أخيراً عن الترشح، وهو وزير البيئة السابق جان لوي بورلو.