إسطنبول | أثارت التصريحات الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن صلاحياته، غضب المعارضة التركية الغارقة بعجزها عن التأثير الجدّي مقابل إمعان أردوغان بتخطّي الدستور.واتهم زعيم «حزب الحركة القومية»، دولت بهشتلي، أردوغان بـ «التحول إلى موسوليني وهتلر وقذافي، جدد»، مؤكداً أن «الشعب التركي سيحاسبه»، وذلك عشية اللقاء بينه وبين زعيم حزب «العدالة والتنمية» أحمد داوود أوغلو اليوم، حيث سيحدد المصير النهائي لتأليف الحكومة الائتلافية.

من جهته، وصف زعيم «حزب الشعب الجمهوري»، كمال كليتشدار أوغلو، أردوغان بأنه «كنعان إيفرين جديد»، في إشارةٍ إلى الجنرال التركي الذي قام بانقلاب عسكري في أيلول ١٩٨٠ قبل أن يحكم تركيا بالحديد والنار لسنوات طويلة.
جاءت أقوال بهشتلي وكليتشدار أوغلو وآخرين من سياسيين وحقوقيين أكراد ردّاً على الدعوة الأخيرة التي وجهها أردوغان للأتراك إلى قبول الواقع المفروض، «لأنه لن يكون رئيساً كالسابقين»، وأنه سيحكم البلاد كرئيس دولة بكامل الصلاحيات «لكونه منتخبا من الشعب مباشرةً وما على البرلمان إلا أن يقوم بالتعديلات الدستورية العاجلة لقوننة هذا الواقع الجديد».
وكان أردوغان قد كرر، يوم الجمعة الماضي، دعوته إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة بهدف تحويل النظام البرلماني إلى رئاسي، «حتى يتسنى للشعب التركي إعادة ترتيب الخارطة السياسية من جديد»، مضيفاً أنه سينزل إلى الشارع ليخاطب المواطن مباشرة «ولن تستطيع أي قوة منعه من ذلك».

شبّهت المعارضة الرئيس بموسوليني وهتلر والقذافي

وعدّت الأوساط السياسة أقوال أردوغان، محاولةً جديدة منه لمنع داوود اوغلو من إبرام أي اتفاق مع زعيم «الحركة القومية» لتأليف حكومة ائتلافية، واصفةً كل ما يجري بـ «المسرحية» التي ألّفها الرئيس قبيل انتهاء المدة الدستورية لتأليف الحكومة (في ٢٣ من الشهر الحالي)، حيث يفرض الدستور على رئيس الجمهورية بعد ذلك حلّ البرلمان والإعلان عن انتخابات برلمانية مبكرة خلال ٩٠ يوماً. كذلك، من المتوقع ألا يلتزم أردوغان الدستور الذي يحتم عليه تكليف زعيم الحزب الثاني («الشعب الجمهوري» في هذه الحالة) تأليف الحكومة إذا فشل زعيم الحزب الأول أي داوود أوغلو في ذلك. وسيطلب أردوغان من داوود أوغلو البقاء في السلطة حتى الانتخابات خلافاً للدستور، الذي يؤكد ضرورة تأليف حكومة وطنية تضم ممثلين عن الأحزاب الأربعة في البرلمان، حتى موعد الانتخابات المقبلة التي ستكون في تشرين الثاني المقبل.
يأتي ذلك في وقتٍ تشهد فيه البلاد نقاشاً واسعاً حول إعلان أردوغان «رئيساً للدولة بكامل الصلاحيات»، في تعدٍّ واضح على الدستور الذي لم يعد أردوغان يحترمه أو يلتزمه، ولا سيما أن المعارضة لا تملك مقومات الردّ عليه دستورياً وقانونياً، لكونه يسيطر الآن على جميع مؤسسات الدولة ومرافقها عبر الحكومة الحالية.
وفي سياق سيطرته على مفاصل الدولة كاملةً، استطاع أردوغان خلال الفترة الماضية وضع يده على المجلس الأعلى للتعليم والمجلس الأعلى للإعلام ومجلس القضاء الأعلى ومجلس الأمن القومي ومجلس الشورى العسكري وجهاز الاستخبارات الوطنية وجميع الأجهزة الأمنية المرتبطة به مباشرة، وكذلك على ميزانية العمل السري التي كانت تابعة لرئيس الوزراء. إلى ذلك، أثير أخيراً الحديث عن العلاقة الشخصية الوطيدة بين أردوغان وبين رئيس الأركان الجديد خلوصي آكار، المعروف بعلاقاته الجيدة بواشنطن.