نيويورك | نقلت واشنطن أمس قضية اتهام طهران بالضلوع في «مؤامرة موجّهة من أعضاء في الحكومة الإيرانية»، لاغتيال السفير السعودي لدى الولايات المتحدة عادل الجبير، إلى مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة بموازاة دعوة البيت الأبيض إلى عقوبات وإجراءات دبلوماسية لعزل إيران، وعدم استبعاده أي خيار من على الطاولة. إلا أن طهران على لسانَي وزارة الخارجية والحرس الثوري الإسلامي نفت أي علاقة لها بهذه القضية.
وغداة توجيه وزير العدل الأميركي إريك هولدر ومدير مكتب التحقيق الفدرالي روبرت مولر، التهم إلى كل من منصور أربابسيار (56 عاماً) الذي يحمل الجنسيتين الأميركية والإيرانية، وغلام شاكوري العضو في (فيلق القدس) التابع للحرس الثوري في إيران، أُخذت الشكوى الأميركية في مجلس الأمن بمنتهى الجدّية؛ لكونها تتهم إيران لأول مرة بممارسة «إرهاب» على أرض الولايات المتحدة. لكن مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين وصف «المؤامرة» بأنها «تبدو غريبة جداً».
الشكوى الأميركية استُبقت برسالة إيرانية غاضبة وجّهت إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، ورئيسة مجلس الأمن الدولي مندوبة النيجر جوي أوجو. في رسالته عبّر مندوب إيران الدائم محمد خزاعي، عن غضب حكومته الشديد من هذه «الفبركة التي تخلق سوابق خطيرة في العلاقات الدولية». وإذ أدان الإرهاب بكافة أشكاله؛ لأن إيران كانت من ضحاياه باغتيال العلماء على أرضها، فضلاً عن التفجيرات التي تضرب أجزاء منها، اتهم «النظام الصهيوني» في فلسطين المحتلة بالضلوع فيها.
وتوقع دبلوماسيون في نيويورك أن تعرض سوزان رايس ومساعدوها على أعضاء مجلس الأمن القرائن الاستخبارية بشأن خطة العملية الإرهابية الإيرانية «المزعومة»، حسب تعبير وسائل الإعلام الأميركية.
أما وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، فقد وصفت خلال مؤتمر صحافي «المؤامرة» بأنها «عمل متهور»، وأن بلادها تنظر في «عمل للرد عليه»، وأنها تُجري لقاءات مع دبلوماسيين أجانب بشأن الردّ الذي يجب ـــــ بحسب رأيها ـــــ أن يتضمن فرض عقوبات على المزيد من أفراد الحرس الثوري الإيراني بين أمور أخرى «لتحميل إيران المسؤولية»، مشددة على أنه «يجب محاسبة إيران على أعمالها».
بدوره، قال نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، إن من الأهمية بمكان «توحيد العالم من أجل عزل طهران»، مضيفاً أن هذه العملية «تجاوزت كل الحدود».
ولقد استدعى الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس السفير السعودي إلى مكتبه، حيث وصف «مؤامرة الاغتيال» بأنها «انتهاك فاضح للقانونين الأميركي والدولي». وأعرب عن تضامنه مع السعودية وضمانه لأمن الدبلوماسيين الأميركيين، حسب المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني. وقال البيت الأبيض إنه لا يستبعد «أي خيار من على الطاولة» في التعامل مع إيران، لكنه قال إن السياسة الأميركية تركز على تشديد العقوبات على إيران.
وأبلغ كارني الصحافيين بأن الولايات المتحدة تعمل مع حلفائها وفي الأمم المتحدة «لمواصلة عزل إيران».
وفي السياق، قال رئيس مجلس النواب الأميركي جون بينر، إنه يتعين على إدارة الرئيس أوباما اتخاذ إجراءات ضد إيران «تجعلها تشعر بالألم».
وقال مسؤولون أميركيون إن من المحتمل أن يكون هناك مسعى لمجموعة جديدة من العقوبات على إيران بسبب هذه القضية. أما المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي، فقال: «في ما يتعلق بهذه القضية، فإنها مسألة قضائية ودبلوماسية».
أما الموقف السعودي الذي لم يذكر طهران بالاسم، فأكد على لسان مصدر مسؤول أن «المملكة العربية السعودية تدين وتستنكر بشدة المحاولة الآثمة والشنيعة لاغتيال السفير لدى الولايات المتحدة الأميركية، التي لا تتفق مع القيم والأخلاق الإنسانية السوية ولا مع الأعراف والتقاليد الدولية».
بدوره، ندد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني، بـ«المؤامرة» الإيرانية لاغتيال السفير السعودي، وقال إنها ستضر بشدة بالعلاقات بين طهران ودول الخليج.
في المقابل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست، إن «العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية تقوم على الاحترام المتبادل، وإن مثل هذا الاتهام الذي لا أساس له لن يؤدي إلى أي نتيجة».
من جهته، أعلن وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي بعد جلسة لمجلس الوزراء: «نحن لا نسعى إلى المواجهة؛ فسياستنا تقوم على التعاون والتفاعل. ولكن إذا فرضوا المواجهة على الأمة الإيرانية، فستكون عواقب هذا الأمر أشد قسوة عليهم»، بحسب وكالة الأنباء الطلابية.
بدوره، قال نائب قائد الحرس الثوري، الجنرال حسين سلامي، إن «المزاعم الأميركية عن ضلوع بعض أعضاء الحرس الثوري في الخطة الإرهابية المفبركة (التي تستهدف) دبلوماسياً من بلد عربي في واشنطن، سخيفة ولا أساس لها من الصحة».
التضامن الدولي أتى سريعاً من الحلفاء الأوروبيين التقليديين؛ فلندن سارعت إلى تهنئة السلطات الأميركية على «إحباط المؤامرة لمهاجمة دبلوماسيين»، فيما رأت باريس أن «القضية بالغة الخطورة».