أعلنت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، أمس، وصول 40 ألف جائع إلى مقديشو منذ بداية شهر تموز بحثاً عن الغذاء والماء، في آخر تطورات كارثة المجاعة التي حذرت منها المنظمات الدولية والإنسانية في القرن الأفريقي، فيما يرى مراقبون أنّ جهود الإغاثة غير كافية وتأتي متأخرة، ويطرحون شكوكاً حول عمل منظمات الإغاثة في القرن الأفريقي منذ ما يزيد على 20 عاماً.وقالت المتحدثة باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، فيفيان تان، للصحافيين إن «نحو 30 ألف شخص آخرين وصلوا إلى مخيمات على بعد 50 كيلومتراً من وسط العاصمة الصومالية»، مشيرة إلى أن ما لا يقل عن 100 ألف شخص وصلوا إلى مقديشو في الشهرين الأخيرين.
وبحسب المفوضية، يصل يومياً نحو ألف شخص من النازحين بسبب المجاعة إلى مقديشو، حيث مخزون الغذاء لا يكفي. وأوضحت تان أن «هذا الأمر يسبب تدافعات خطيرة، وكذلك عمليات نهب». وأضافت: «نتيجة لذلك، العديد من الأشخاص بين الأكثر ضعفاً والأكثر تعرضاً للأذى يجدون أنفسهم صفر الأيدي، رغم كل الجهود التي تبذلها الوكالات الإنسانية والجمعيات الخيرية».
والجفاف المتفشي حالياً في القرن الأفريقي، وهو الأسوأ منذ 60 عاماً، أدى إلى عشرات آلاف القتلى ويهدد 12 مليون شخص في الصومال وكينيا وإثيوبيا وجيبوتي والسودان وأوغندا. ويبقى الوضع حرجاً للغاية في الصومال، حيث أعلنت الأمم المتحدة المجاعة رسمياً في منطقتين جنوبيتين تسيطر عليهما حركة «الشباب» الموالية لتنظيم «القاعدة»، التي تمنع وصول بعض المنظمات الإنسانية، وتقول إن التحذيرات بوقوع المجاعة غير صحيحة.
ومنذ أن اجتاح الجفاف منطقة القرن الأفريقي وإعلان المجاعة في أجزاء من الصومال، تسابقت منظمات الإغاثة على السفر إلى مخيمات اللاجئين والمناطق النائية. ويرى محللون أن هذا السيرك الذي تشارك فيه منظمات الإغاثة والكيانات الدبلوماسية والإعلام ضروري في كل مرة يعاني فيها سكان أفريقيا الجوع؛ لأن الحكومات، سواء الأفريقية أو الأجنبية، نادراً ما تستجيب قبل بدء الكوارث بفترة كافية.
في المقابل، هناك من ينتقد جهود الإغاثة، ويرى أنها تأتي متأخرة. ويقول المحلل في معهد «أوفرسيز ديفلوبمنت» للأبحاث، سيمون ليفن: «على الرغم من أن هيئات الإغاثة تتأهب للاستجابة، فإن هذا جاء متأخراً كثيراً لعلاج أي شيء بخلاف أسوأ الأعراض». ويضيف: «الإجراءات التي كان يمكنها الإبقاء على حياة الحيوانات وتقديم الحليب والدخل لشراء الغذاء، كانت ستكون أرخص كثيراً من تغذية الأطفال الذين يعانون سوء التغذية، لكن وقت تلك الإجراءات ولّى مع عدم الاستثمار فيها على نحو كاف».
ويشير مستشار إنساني في منظمة تابعة للأمم المتحدة في المنطقة إلى أنه «يبدو مرة أخرى أن الكوارث البطيئة لا تنال الاهتمام إلا عندما تصبح حرجة». ويضيف: «يمكن أن نتفهم هذا الأمر مع الكوارث السريعة لأنها تظهر فجأة، لكن الجفاف رأيناه من قبل وسنراه مرة أخرى».
وبالنسبة إلى الكثير من المحللين، فإن هذا المهرجان الذي تحدثه منظمات الإغاثة ووسائل الإعلام يسرد القصة في القرن الأفريقي بنحو ساذج ومضلل. ويقولون إن من الواضح أن هناك جفافاً، لكن سبب فرار عشرات الآلاف من منازلهم بحثاً عن الغذاء هو أيضاً تزايد العنف في الصومال، إلى جانب أن التجنيد القسري للقاصرين يزيد المشكلة تفاقماً.
كذلك يرى محللون أن جزءاً من المشكلة هو أن أغلب التمويل الذي يحصل عليه برنامج الأغذية العالمي وبعض أجهزة الإغاثة الأخرى مصدره الولايات المتحدة، ما يفتح المجال لاتهامات بالانحياز. ويقول عامل إغاثة سابق في منطقة القرن الأفريقي: «ما يهمهم حقاً هو الأمن في الصومال. منذ هجمات 11 أيلول جاءت التنمية مقابل أهداف أمنية من جهات مانحة كبيرة مثل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وإدارة التنمية الدولية (البريطانية)».
(أ ف ب، رويترز)