لا تزال أسطورة العالم النووي الباكستاني عبد القدير خان تتوالى فصولاً عن علاقات هذا الرجل بالعديد من الدول والمنظمات على صعيد نشر المعرفة والتكنولوجيا المتعلقتين بصناعة القنابل الذريّة.
آخر ما رشح عن هذه الأسطورة، الذي لقّب بأبي القنبلة الإسلامية، أو مهندس القنبلة النووية الباكستانية، ما نشرته صحيفة «واشنطن بوست» عن رشى بملايين الدولارات ومجوهرات، دفعتها كوريا الشمالية الى مسؤولين عسكريين باكستانيين للحصول على تكنولوجيا نووية في أواخر تسعينيات القرن الماضي.
العالم النووي الباكستاني، لعب دور الوسيط لدفع أكثر من ثلاثة ملايين دولار لمسؤولين باكستانيين وافقوا لاحقاً على تسريب معلومات الى نظام بيونغ يانغ.
وزود خان الصحيفة بنسخة من رسالة تعود لعام 1998 وقّعها سكرتير الحزب الشيوعي الكوري الشمالي، جون بيونغ هو، أشارت الى أن «مبلغ الثلاثة ملايين دولار دُفع» لمسؤول باكستاني و«نصف مليون دولار» ومجوهرات أُعطيت لمسؤول باكستاني آخر.
وكتب المسؤول الكوري الشمالي في الرسالة «سلّموا من فضلكم الوثائق (الى مسؤول في السفارة الكورية الشمالية في باكستان) التي ستُعاد لاحقاً عندما تعود طائرتنا بعد تسليم مُركّبات الصواريخ».
وتقول الصحيفة إن الرسالة تشير إلى تزويد باكستان لكوريا الشمالية بأجهزة طرد مركزي وتصاميم معقدة ساعدت بيونغ يانغ على إنتاج قنبلة من اليورانيوم تضاف إلى أسلحة البلوتونيوم التي تملكها.
وقالت الصحيفة إنها لم تتمكن من التأكد من مدى صدقية الرسالة التي حصلت عليها من صحافي بريطاني تلقّاها من خان.
ورداً على سؤال لـ«واشنطن بوست» أكد المسؤولان الباكستانيان اللذان ورد اسماهما في الرسالة أنها مزورة. ونقلت الصحيفة عن المسؤول العسكري السابق في الجيش الباكستاني، جيهانغير كرامات، نفيه صحة الرسالة التي ادعت أنه تلقّى شخصياً مبلغ 3 ملايين دولار أميركي من مسؤولين كوريين شماليين، وقال كرامات في رسالة الكترونية بعث بها الى الصحيفة من لاهور، إنّ خان، في جزء من دفاعه بوجه الادعاءات حول مسؤوليته الشخصية عن الانتشار النووي غير الشرعي «حاول أن يلقي اللوم على الآخرين».
وأوضح كرامات أن «ادعاءات الرسالة كانت خبيثة مع عدم صحتها مهما كانت». أما الجنرال المتقاعد ذو الفقار خان، الذي قالت الرسالة إنه تلقى «نصف مليون دولار وبعض المجوهرات»، فوصف الرسالة بأنها «فبركة».
ورجّح مسؤولون استخباريون غربيون أن تكون الرسالة حقيقية، وقالوا إنها تثبت شكوكاً كانت لديهم منذ فترة طويلة.
وأشارت الصحيفة الى أن الحكومة الكورية الشمالية لم تعلّق على هذه الرسالة. وفي واشنطن، رفضت السفارة الباكستانية التعليق، رسمياً، على ما ورد في الصحيفة، بيد أن مسؤولاً باكستانياً رفيعاً تحدث للصحيفة رافضاً كشف هويته، قال «من الواضح أنها مفبركة»، مضيفاً «إنها ليست رسمية ولا تحمل أختاماً.. (المعلومات) مثيرة للسخرية».
وفي 2004 اعترف (علناً) عبد القدير خان، الذي عدّ بطلاً وطنياً منذ اختبار أول قنبلة ذرية في عام 1998في بلاده، بإرسال أسرار نووية الى إيران وليبيا وكوريا الشمالية في تسعينيات القرن الماضي ووضع في الإقامة
الجبرية.
وكانت المحكمة العليا في إسلام آباد قد أمرت في 6 شباط 2009 بالإفراج عن خان الذي كان مريضاً وفي الـ72 من العمر، لكن قوات الشرطة والجيش استمرت في مراقبة مقر اقامته في إسلام آباد، والحد من تنقلاته لحمايته من التعرض للخطف خصوصاً من أجهزة استخبارات أجنبية أو ناشطين إسلاميين بحسب السلطات، خصوصاً أن الولايات المتحدة أعربت أنها ترغب في استجوابه.
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي)