اكتسح حزب الـ «بري» أو حزب الثورة المؤسساتي، انتخابات الولايات التي جرت أول من أمس في 3 ولايات مكسيكية من بينها ولاية مكسيكو. وبهذه النتيجة، تحول حزب الـ «بري» إلى الحزب المُرجّح فوزه في الانتخابات العامة ـــــ الرئاسية والنيابية ـــــ المنوي إجراؤها السنة المقبلة.وتوجهت كل الأنظار نحو انتخابات ولاية مكسيكو، الأهم من حيث وزنها الديموغرافي والاقتصادي بين ولايات المكسيك الـ32. فيها يسكن 10 في المئة من السكان، وفيها ينتَج 10في المئة من الناتج القومي.
والتأكيد على ولاية مكسيكو يعود أيضاً إلى أن وراء المرشحين للحاكمية كان يقف ثلاثة لاعبين كبار في رئاسيات السنة المقبلة.
تدل نتائج ولاية مكسيكو على أن مرشّح الـ «بري» نال 61 في المئة من الأصوات، فيما نال مرشح «حزب الثورة الديموقراطية» اليساري 21 في المئة ومرشح «حزب العمل الوطني» اليميني (حزب الرئيس فيليبي كالديرون) نحو 11 في المئة. وفي الولايتين الأخريين، ناياريت وكوهويلا، فاز أيضاً مرشح الـ «بري» بفارق كبير.
أما انتخابات ولاية مكسيكو، فقد تميزت بمقاطعة قدرت بـ 57 في المئة من الناخبين، ما يضفي قيمة اضافية على إنجاز الـ «بري»، لأن أصوات مؤيديه ارتفعت بالرغم من تراجع المشاركة، بعكس ما حصل مع أصوات الأحزاب الأخرى.
يعود الفضل بالتأكيد إلى الحاكم السابق، هنريكي بينيا نييتو، المرشح شبه المؤكد لتمثيل الـ «بري» في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
في المقابل، تمثل النتائج هزيمة نكراء للرئيس كالديرون وحزبه، وتدل بوضوح على أن الرئيس بات يمثّل عبئاً انتخابياً لليمين، بعدما فجّر لحظة وصوله إلى السلطة، حرباً شاملة على مافيات المخدرات، بغية تبرير فوز انتخابي مشكوك في صحته من دون أن يكون جاهزاً لخوضها. وقد أصبح مع مرور الأيام عاجزاً عن السيطرة على نتائجها وعلى تفاعلاتها.
أيضاً كان هناك هزيمة لزعيم اليسار، مانويل لوبيز أوبرادور، الذي خسر انتخابات عام 2006 بنصف نقطة مئوية، فرفض الاعتراف بنتائجها، معلناً نفسه «الرئيس الشرعي». وصار منذ هذا التاريخ يجول في البلد في محاولة منه لترك ترشيحه حياً من دون الاهتمام بمترتبات هذا التكتيك على انتظارات المواطنين.
وبالعودة الى عام 2000، بعد استمراره في الرئاسة خلال 7 عقود من دون انقطاع، خسر حزب الـ «بري» الوسطي ـــــ حزب الثورة المكسيكية في بداية القرن العشرين ـــــ الرئاسة، وخرج من السلطة التنفيذية. وفي عام 2006، تلقى إهانة مضاعفة فحل ثالثاً في الرئاسيات.
لقد بقي حزب الـ «بري» حزباً ذا نفوذ كبير في الولايات، إلا أن فقدانه شخصية كاريزمية في صفوفه حالت دون عودته إلى السلطة المركزية بعد سنوات حكمه الطويلة.
وإلى أن أتى كالديرون و«حربه المرتجلة»التي أغرقت المكسيك في كابوس مُعتم، ولحقه أوبرادور و«تكتيكه المُفتعل» الذي فجّر اليسار إلى مئة قطعة، انكشف أوتوستراد عريض أمام طموحات الـ «بري».
ودلت جميع الانتخابات التي أجريت منذ انتخاب كالديرون ـــــ إن في البلديات أو في الحاكميات ـــــ على تقدم الـ «بري»، وعلى تراجع خصميه.
كأن من وُصف قبل عقد بـ «الديناصور» تحول مجدداً إلى ملجأ مطمئن ليحتمي فيه المكسيكيون، ومن صار رمزاً لماض تخطاه المكسيكيون، عاد وتأهل كمستقبل صاروا يتمنونه.