ظلّ المدير السابق لصندوق النقد الدولي، دومينيك شتروس ــ كان، نجماً حتى بعد إخلاء سبيله في نيويورك، لتعود أسهمه السياسية إلى الحياة، على ضوء استطلاع للرأي أظهر أن جزءاً لا بأس به من الفرنسيين يؤيدون عودته إلى الحياة السياسية من بوابة ترشحه للرئاسة الفرنسية في 2012، وهو الذي جرى التعامل معه طوال الشهر الماضي على أنه مجرم جنسي خطير. وكشفت نتائج استطلاع أجرته شركة «هاريس أنتراكتيف» لمصلحة صحيفة «لو باريزيان»، أن 49 في المئة من الفرنسيّين يؤيدون عودة شتروس ــ كان (62 عاماً) إلى السياسة الفرنسية، في مقابل 45 في المئة يعارضونها. وأيّد 65 في المئة تعديل جدول أعمال الانتخابات التمهيدية في الحزب الاشتراكي للسماح لشتروس ــ كان بالمشاركة، بعدما كان الرجل، قبل توقيفه بتهمة الاعتداء الجنسي، من أبرز المرشحين عن الحزب الاشتراكي الفرنسي لمواجهة الرئيس نيكولا ساركوزي سنة 2012. حتى إن 43 في المئة من الفرنسيين رأوا أن مشاركة شتروس ــ كان في الانتخابات الرئاسية المقبلة ستكون مفيدة، علماً بأن أمام الرجل حتى 13 تموز الجاري ليتقدم بترشحه للرئاسيات، بعدما أفرجت محكمة في نيويورك يوم الجمعة عنه.
ومثلما كان نجم عدسات الكاميرات وهو يخضع للمحاكمة، ظل شتروس ــ كان مصدر ملاحقة المصورين الأميركيين وهو يتناول الطعام برفقة زوجته في أحد المطاعم الراقية في نيويورك. يُذكر أنه في انتظار مواصلة محاكمته، أصبح بإمكان شتروس ــ كان التنقل بحرية في الولايات المتحدة، لكنه لا يستطيع السفر إلى الخارج، لأن جواز سفره لا يزال محتجزاً. كما أنه لم يعد يضع في معصمه السوار الإلكتروني للمراقبة، ولا يخضع للمرافقة الأمنية في تنقلاته، كما بات بإمكانه استقبال من يشاء في مقر إقامته.
وفي سياق حملة تبرئته، أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن حديثاً هاتفياً دار بين عاملة التنظيف التي تتهمه بالاعتداء الجنسي، نفيسة ديالو، وصديقها الذي يعمل مهرباً للمخدرات، يثير شكوكاً لدى المحققين في صدقية المرأة. ونقلت الصحيفة عن «مصدر مطلع في الشرطة» أن الحديث جرى بعد 24 ساعة من ادّعاء عاملة التنظيف في فندق سوفيتيل في نيويورك أنها تعرضت لاعتداء جنسي من المسؤول المالي الدولي. وكان الشخص الذي يتحدث إليها يتكلم من سجن للمهاجرين غير الشرعيين في ولاية أريزونا (جنوب غرب). ووفق الخبر نفسه، علم المحققون في مكتب المدعي العام في مانهاتن بأمر هذا التسجيل وعمدوا الى ترجمته من اللغة الغينية، البلد الذي تنحدر منه المدّعية. وحينما ترجمت المكالمة يوم الأربعاء الماضي «بدأ القلق يتسرب إلى المحققين». فبحسب الترجمة، قالت عاملة الفندق «لا تقلق، هذا الرجل يملك كثيراً من المال. أعلم ماذا أفعل». وقد اعتقل الشخص المذكور فيما كان يقايض ملابس ثمينة مقلدة بمادة مخدرة في جنوب غرب مانهاتن، بحسب المصدر. وقائع دفعت بمراقبين إلى اعتبار أنه رغم واقع عدم إسقاط الاتهامات الموجهة لشتروس ــ كان في قرار إخلاء سبيله، إلا أنه «سيكون من الصعب عدم وقف الملاحقة القضائية ضده» نظراً الى ما يصفونه بأنه «مؤامرة» دبّرتها له عاملة التنظيف.
وعن هذا الموضوع، قال المدعي العام السابق جاكوب فرنكل إن «كثيراً من فصول هذه القضية الاستثنائية لم تكتب بعد، لكن متى أسقطت التهم، فإن ذلك سيُظهر أن القضاء يعمل على نحو جيد». وأضاف فرنكل، الذي كان ينظر في جرائم الحق العام في نيو أورليانز، إنّ «التخلي عن ملف ضعيف السند أفضل من إدانة بريء». بدوره، رأى أستاذ القانون الجزائي في جامعة يشيفا في نيويورك، أليكس رينرت، أن «هناك تساؤلاً عن صدقيّة الضحية المفترضة. يمكن أن تكون قد قالت الحقيقة، لكن بات من الصعب تصور أن تدين هيئة المحلّفين شتروس ــ كان».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)