معطيات عدة بدأت تشير إلى فشل تشكيل حكومة ائتلافية، مرجّحة الذهاب إلى انتخابات برلمانية مبكرة، يبني الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حملة حزبه فيها على التطورات العسكرية المتواصلة منذ إعلان الحرب على تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) وعلى حزب «العمال الكردستاني». وفيما ترتفع حدة العمليات المتبادلة بين «الكردستاني» والقوات المسلحة التركية، لا سيما مع اتساع نطاق العمليات إلى شمال البلاد، أعلن حزب «الحركة القومية» قبوله بـ«حكومة أقلية» مؤقتة، تكون مهمتها الإعداد لانتخابات برلمانية مبكرة.
وغداة انتهاء مشاورات تشكيل الحكومة بين حزب «العدالة والتنمية» وحزب «الشعب الجمهوري» من دون التوصل إلى نتيجة، قال نائب رئيس حزب «الحركة القومية» سميح يالشين الذي كان مرجّحاً أن يتحالف مع «العدالة والتنمية» لتشكيل الحكومة، إن حزبه يدعم «العدالة والتنمية» من أجل تشكيل «حكومة أقلية» للإعداد لانتخابات مبكرة، مؤكداً في الوقت نفسه أنه لا يدعم تشكيل حكومة أقلية دائمة. موقف «الحركة القومية» ينسجم مع الأجواء الداخلية المتنامية في تركيا، منذ إعلان أنقرة «الحرب على الارهاب»، إذ عادت لغة استعداء الأكراد إلى الواجهة من جديد، رغم فوز حزب «الشعوب الديموقراطي» بـ80 مقعداً في البرلمان، للمرة الأولى في تاريخ الجمهورية التركية. الواقع الجديد المبني على التجييش ضد الأكراد، ساهم في تقوية موقف القوميين الأتراك من جديد، حتى وصلوا إلى الموافقة على الذهاب باتجاه انتخابات مبكرة، قد تقصي الأكراد عن البرلمان.
وفي هذا السياق، أكد يالشين أمس أن حزبه يدعم الحزب الفائز في الانتخابات (العدالة والتنمية)، «على أساس الإعلان عن انتخابات مبكرة في شهر تشرين الثاني، أو أي شهر محدد سيلتزم فيه بإجراء الانتخابات».

ارتفع عدد القتلى
في صفوف قوات الأمن إلى 18 شخصاً على الأقل

وكان وزير الثقافة التركي عمر جيليك، المشارك في وفد «العدالة والتنمية» للتشاور مع «الشعب الجمهوري»، أكبر الأحزاب المعارضة، قد اكتفى ليل أول من أمس بالتلميح إلى عدم التوصل إلى أي نتيجة بعد اللقاء الأخير مع وفد الحزب المعارض، مؤكداً أن ثمة نقاطاً فيها اختلاف عميق ونقاطاً تم التوافق عليها.
في هذا الوقت، تبدو الضغوط الدولية على أنقرة في ازدياد، بعدما ظهرت بوادرها منذ اجتماع «حلف شمال الأطلسي»، لحضّ الحكومة التركية على عدم وضع «داعش» والمقاتلين الأكراد في خانة الاستهداف نفسها. ودعت واشنطن أمس «العمال الكردستاني» إلى التخلي عن العنف، واستئناف محادثات السلام، مطالبةً الحكومة التركية بالرد «بشكلٍ متكافئ»، وهو الطلب نفسه الذي أبداه الاتحاد الاوروبي أمس. وأعرب المفوض الاوروبي لسياسة الجوار الأوروبي ومفاوضات التوسع، يوهانس هان، عن «قلقه البالغ» حيال تصاعد العنف، داعياً إلى «تحديد هدف الردّ الذي عليه ألا يشكل خطراً على الحوار السياسي الديموقراطي في البلاد».
على المستوى الميداني، واصل سلاح الجوي التركي عملياته ضد مواقع «الكردستاني»، مستهدفاً أمس إقليم داجليجا القريب من الحدود العراقية. أنقرة وضعت هذه العمليات في خانة الردّ على مقتل ثلاثة من قوات الأمن إثر تفجير لغم في إقليم شرناق، إذ اشتبهت في وقوف مسلحين أكراد وراءه في محيط بلدة أراكوي. وبذلك ارتفع عدد القتلى في صفوف أفراد قوات الأمن التركية في الهجمات التي بدأت في 20 تموز الماضي، إلى 18 شخصاً على الأقل، عقب انهيار الهدنة التي أبرمها «العمال الكردستاني» مع الحكومة عام 2013.
وفي إسطنبول، أطلقت الشرطة التركية أمس حملة دهم جديدة، بعد اعتقال أكثر من 1300 شخص، يشتبه في صلاتهم بحزب «العمال الكردستاني» وبـ«جبهة التحرير الشعبي» اليسارية، وبتنظيم «داعش». وذكرت قناة «سي أن أن ترك» أن العملية تستهدف في الدرجة الأولى ناشطين يساريين.
كذلك، شنّ مسلحان مجهولان هجوماً مسلحاً، يوم أمس، بقذائف صاروخية وأسلحة طويلة المدى، على مديرية أمن قضاء يوكساك أوفا، في محافظة هكاري، لم يؤدّ الهجوم إلى خسائر بشرية، قبل أن تطلق قوات الأمن عملية أمنية في المنطقة للقبض عليهما.
وتعرض خط أنابيب شاه دنيز في محافظة قارص (شمال) لهجوم أمس، وهو الخط الذي ينقل الغاز الطبيعي من آذربيجان إلى تركيا، ما تسبب في وقف تدفق الغاز إلى المدن والمناطق المجاورة. وفي محافظة أغري شرق البلاد، تمكنت السلطات من إحباط هجوم مماثل، إذ تم تفكيك عبوة ناسفة زرعت على خط الغاز الذي يمر في أراضي المحافظة.
إلى ذلك، أوقفت قوات الأمن التركية، أمس، شخصين أجنبيين، في محافظة كيليس جنوبي البلاد، بشبهة الانتماء إلى تنظيم «داعش»، أثناء تسللهما إلى تركيا، قادمين من سوريا.