بحسب مسودة جدول أعمال القمة الأوروبية التركية التي انعقدت في بروكسل يوم أمس، فإن الاتحاد اقترح على ما يبدو على تركيا إعفاء مواطنيها من التأشيرات اعتباراً من تشرين الأول 2016، مقابل التزام أنقرة بتنفيذ بنود معاهدة إعادة اللاجئين، التي تنص على إعادة الأخيرين إلى بلدانهم، وفي حال تعذر ذلك، إعادتهم إلى آخر بلد عبروه قبل دخولهم إلى حدود الاتحاد الأوروبي.
وبحسب جدول أعمال القمة، التي يمثل الجانب التركي فيها رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو، ناقش المجتمعون تأسيس صندوق دعم لتركيا في مسألة استيعاب اللاجئين السوريين، تبلغ قيمته المبدئية 3 مليارات يورو. وغداة وصوله بروكسل، رأى داوود أوغلو في القمة «بداية جديدة» لعملية انضمام تركيا إلى الاتحاد، معتبراً يوم أمس «يوماً تاريخياً»، ومعرباً عن «امتنانه» للقادة الأوروبيين. وقال داوود أوغلو إن أنقرة «ستقتسم مع قادة الاتحاد الأوروبي مصير قارتنا والتحديات الدولية للأزمة الاقتصادية، إلى جانب التحديات الجغرافية السياسية التي تواجهنا، بما في ذلك قضايا الهجرة»، وأيضاً «التطورات الاخيرة» المتعلقة بإسقاط الاتراك لمقاتلة روسية قرب الحدود السورية.
«الهدف الرئيس من قمة تركيا والاتحاد الأوروبي هو وقف تدفق اللاجئين إلى أوروبا»، قال رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، يوم أمس، مضيفاً أن القمة «ستبحث الواجبات المترتبة على كل من تركيا والاتحاد الأوروبي في هذا الشأن»، موضحاً أنه سبق أن «جرت مباحثات مطولة بين تركيا والاتحاد، توصلنا في نهايتها إلى اتفاق، نأمل أن توافق عليه جميع الأطراف»، من دون الخوض في تفاصيل الاتفاق. وكان توسك، الذي قال إن ما يقارب 1.5 مليون شخص قد دخلوا دول الاتحاد «بشكل غير مشروع» هذا العام فقط، قد دعا إلى عقد القمة بضغط من المستشارة الالمانية أنغيلا ميركل، الراغبة في تخفيف عبء اللاجئين عن بلادها.
لن تحسم القمة
مصدر أموال «المساعدة» لأنقرة

وتوقّع توسك أن يحصل خفض كبير وفوري في أعداد اللاجئين والمهاجرين الوافدين إلى القارة العجوز، إن تم التوصل إلى اتفاق مع أنقرة، موضحاً أن القمة ستبحث «خاصة تنشيط علاقات الاتحاد مع تركيا، بما في ذلك عملية قبول عضويتها». ولفت توسك إلى أن تركيا ليست المفتاح الوحيد لحل أزمة المهاجرين، مشيراً إلى مسؤولية الدول الأوروبية وواجبها في حماية الحدود الخارجية للاتحاد، وإلى أن من غير الممكن «تكليف أي دولة ثالثة بذلك... (وإلا) سيكون اتفاق الشنغن في خبر كان».
وبعد هجمات باريس الأخيرة، زاد الأوروبيون من إلحاحهم في الطلب على تركيا التشدد في مراقبة حدودها مع أوروبا، بعدما تبين أن بعض الانتحاريين الذين نفّذوا الهجمات قد تسللوا عائدين إلى أوروبا في صفوف اللاجئين، علماً بأن بعض المهاجمين قد وُلد وترعرع في أوروبا، قبل ذهابهم إلى سوريا «للجهاد»، تحت أنظار أجهزة الأمن الأوروبية.
«أحد العناصر الرئيسية في خطة العمل التركية الأوروبية سيكون كيف يمكننا استبدال الهجرة غير الشرعية بالهجرة الشرعية، وكيف يمكن أن نحسّن وضع اللاجئين في تركيا»، قالت ميركل أمس، معتبرة أن الاتفاق سيسهم بشكل كبير في الحد من التدفق العشوائي للاجئين والمهاجرين إلى دول الاتحاد. وكانت المستشارة الألمانية قد تعهدت، قبل بدء القمة، بتقديم مساعدات أوروبية شاملة إلى أنقرة، معتبرة أن تركيا حصلت حتى الآن على القليل من الدعم الدولي. ومن جهته، رأى الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، أن التوصل إلى اتفاق مع تركيا «يصبّ في مصلحة الجميع»، قائلاً إن «مصلحة اللاجئين البقاء على مقربة من بلادهم، ومصلحة تركيا الحصول على دعم من أوروبا، ومصلحة أوروبا في عدم استقبال لاجئين بأعداد أكبر مما هي اليوم».
في المقابل، تحدث مصدر أوروبي عن تحفظات لدى اليونان وقبرص على «المقايضة» بين الاتحاد وتركيا، كما تحدث عن خشية لدى دول أوروبية أخرى من أن ترى أنقرة في الاتفاق «تنازلاً» يفتح شهيتها لنيل تنازلات أخرى. أما عن المساعدة الاوروبية البالغة قيمتها 3 مليارات يورو، فيشير المصدر إلى أن القمة لن تحسم مسألة مصدر هذه الاموال، علماً بأن المفوضية الاوروبية اقترحت أن تدفع هي 500 مليون يورو، على أن تتولى الدول الاعضاء تأمين بقية المبلغ. وكان رئيس الوزراء البلجيكي، شارل ميشيل، قد صرّح بأنه لن يوافق على إعطاء تركيا «شيكاً على بياض»، فيما يتردد العديد من القادة الأوروبيين في الالتزام باستضافة قسم من اللاجئين الموجودين حالياً في تركيا، انطلاقاً من رفضهم لخطة توزيع اللاجئين الذين وصلوا إلى اليونان وإيطاليا على بقية دول الاتحاد.
(الأخبار، أ ف ب،
الأناضول، رويترز)