نيويورك| ثلاث زيارات قام بها وزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، إلى السعودية خلال شهر واحد، وكان آخرها أول من أمس، فسرها كثيرون بأنها محاولات لرأب الصدع بين الإدارة الأميركية والرياض، بعد إسقاط الرئيس المصري السابق حسني مبارك. لكن حقائق كثيرة تشير إلى وضع مختلف تغيّر من خلاله أسلوب تعاطي الولايات المتحدة مع الأزمات بإيكال العبء الأكبر للحلفاء الإقليميين المحليين والتخلي عن الضعفاء منهم. غير أن غيتس تحدث، في الطائرة التي أقلته من الرياض إلى بغداد، أن الملك عبد الله «ليس خائفاً بنوع خاص» من امتداد الانتفاضات إلى مملكته، نظراً إلى أن التحركات التي تمت في السعودية اقتصرت على بؤر صغيرة، مشيراً بذلك إلى ما جرى من تظاهرات في بعض المدن في المنطقة الشرقية، ولا سيما في القطيف.
وربط دبلوماسيون متابعون بين زيارة غيتس للمملكة العربية السعودية، وبين التوجه الأميركي الجديد في المنطقة، الذي يعتمد على تقوية الحلفاء ليتولوا الأمور بأنفسهم بالنيابة عن الولايات المتحدة، التي وسعت تدخلها العسكري بما يفوق قدراتها الفعلية.
لذا أتت صفقة السلاح السعودية الضخمة مع الولايات المتحدة لتعزيز قدرات السعودية الهجومية. شملت صفقة الستين مليار دولار 84 مقاتلة من طراز «أف ـ 15» و190 طائرة هليكوبتر، فضلاً عن تطوير الطائرات السعودية القديمة من طراز «أف ـ 15» وعددها سبعون. كذلك شملت تزويد السعودية بأنواع مختلفة من الصواريخ والقذائف المتطورة، وأعتدة أخرى تشمل الاتصالات والرادارات ونظم التصدي للصواريخ.
وذكر المراسلون أن غيتس حاول إقناع الملك بتطوير نظام الدفاع الصاروخي من طراز باتريوت، مؤكداً له في الوقت نفسه أن الأسلحة التي أوصت المملكة عليها لن تتأخر عن مواعيدها. وحاول أيضاً تسويق نظام دفاعي مكلف جديد وافقت الإمارات مبدئياً على شرائه، يختص بالتصدي للصواريخ الموجهة البعيدة المدى.
أسلحة تبدو الرياض في حاجة متزايدة إليها، وهي تسعى إلى تعزيز دور عسكري في المنطقة في مواجهة تهديدات إقليمية تمتد من اليمن جنوباً إلى إيران شمالاً، ومن عُمان شرقاً إلى الأردن ومصر غرباً، وهو ما دفعها إلى خوض حرب استباقيّة في البحرين.
تدخّل كان عنوان تقرير مجموعة الأزمات الدولية الأخير، الذي حذر من أن «التدخل العسكري السعودي في البحرين من شأنه أن يحوّل حركة إصلاح ديموقراطي شعبية إلى نزاع مسلح»، ومن الممكن أن يصبح «نزاعاً إقليمياً».
مجموعة الأزمات قالت إن القمع في البحرين «خطوة خطرة من شأنها تقويض الأمل في تحقيق انتقال سلمي للسلطة في البحرين». وفسرت المجموعة التدخل السعودي بأنه يأتي في إطار الدفاع عن الذات من تحول المكتسبات السياسية لشعب البحرين إلى مثل يحتذى به بين الدول الأخرى، بما في ذلك في المنطقة الشرقية، وثانياً يمنح إيران ثقلاً قويّاً في التأثير على مجرى الأمور في المنطقة.
وردّ التقرير على النقطتين بالقول إنهما «لا يستندان إلى قرائن فعلية، بل إن التدخل العسكري نفسه يمكن أن يحرّك اضطرابات في المنطقة الشرقية أو يقوّي مشاعر الإيرانيين المناوئة للسعودية ويعجّل بالصدام». ورأت مجموعة الأزمات أن «الردّ على هذا الأسلوب القمعي يتم بإجراء إصلاحات فعلية تلبي التطلعات المشروعة لشعب البحرين»، محذرة من أن «الوقت يمرّ بسرعة، والرياح تهب في الاتجاه المعاكس».