باريس | عقد وزير الخارجية الفرنسي، ألان جوبيه، لقاءً في الكي دورسيه، أمس، مع وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، وقد بادر الأول إلى إرسال «رسالة تضامن مع الشعب الإسرائيلي بعد الاعتداء الإرهابي في القدس»، بحسب بيان صادر عن الناطق الرسمي للوزارة، برنار فاليرو. وذكّر البيان بأن فرنسا كانت قد «شجبت بقوة إطلاق الصواريخ على الأهداف المدنية في جنوب إسرائيل»، مضيفاً إن الشجب يطال أيضاً «نتائج العمليات العسكرية الإسرائيلية التي أدت إلى مقتل أربعة فلسطينيين». وقال فاليرو إن الوزير شدد على «ضرورة تجنب كل تدهور للأوضاع التي يمكن أن تكون لها نتائج كارثية»، وأعاد التذكير في الوقت نفسه بثابتة الدبلوماسية الفرنسية منذ سنوات، وهي أن «أمن إسرائيل لا يخضع لأي تفاوض». إلا أن مصادر أكدت لـ«الأخبار» أن الوزير أشار إلى أن «تطور الأحداث في المنطقة يخلق أملاً وظروفاً يجب انتهازها للتقدم نحو حل للصراع الإسرائيلي ـــــ الفلسطيني»، وأن «الستاتيكو» بات غير مقبول.
لكن بحسب فاليرو، يبدو أن جوبيه أراد تمرير رسالة قوية للسطات الإسرائيلية عندما تطرق إلى موجة الاحتجاجات التي تجتاح العالم العربي، مفادها أنه يجب احترام «التطلعات نحو الحرية والديموقراطية». ورأى بعض المراقبين أن هذه الرسالة تشير بقوة إلى تصرفات إسرائيل، وخصوصاً عندما شدد على أن «فرنسا تدين العنف وتطالب بفتح سبل الحوار».
بالطبع، لا يغيب عن بال الدوائر الفرنسية أن «عيون العالم مفتوحة» على ردود فعل الغرب بعد القصف العنيف الذي تعرض له قطاع غزة بواسطة الطائرات، فيما الحملة الغربية على ليبيا تتم تحت شعار حماية المدنيين من إغارة الطائرات الحربية. كذلك، فإن تردد العرب يمكن أن يتوسع إذا بان للعلن وجود «كيل بمعيارين» في تصرفات القوى الغربية. ويقول أحد المصادر إن «عودة العنف إلى غزة تأتي في وقت صعب جداً»، وخصوصاً رد إسرائيل من خلال الطيران الحربي، الذي يمكن أن يستحوذ على ذهن عدد متزايد من المتابعين.
من جهته، يرى مصدر آخر أن جوبيه استطاع أن يتعامل بصورة «طبيعية» للتغطية على طابع زيارة ليبرمان، ما يمكنه من «التعبير عن شعوره الحقيقي وانتقاد «الرد العنيف غير المتوازن»، بخلاف برنار كوشنير (وزير الخارجية السابق) الذي كان يهدّد بالعمل على تنشيط المجموعات المناهضة لليبرمان والتردد في استقباله في الكي دورسيه، علماً بأن كوشنير دخل تاريخ الكي دورسيه، باعتباره الوزير الذي قدم أكبر عدد من التنازلات لإسرائيل، والذي قبل بإهانة دبلوماسييه على الحواجز الإسرائيلية من دون أن تتجاوز الاحتجاجات إطار «الفتور في رد الفعل».
ويشكك المراقبون بقوة في أن «يسمح جوبيه لإسرائيل» بأن تهين أياً من دبلوماسييه. حتى إن عدداً من المراقبين المقربين من الطروحات الإسرائيلية يرون أن «شخصية قوية مثل جوبيه تستطيع أن تقول لا لتل أبيب، وتظهر بصورة أفضل من وزير غوغائي، كان يتكلم كثيراً ويترك تل أبيب تفعل ما تريد. وبالطبع، فإن استقبال جوبيه لليبرمان (الذي كان مبرمجاً منذ شباط الماضي) سيسمح له بأن يضغط عليه بهدف «ترويض ردود الفعل الإسرائيلية»، والاستعلام عن سبب «رفض إسرائيل لأي تقارب بين فتح وحماس». كذلك يتوقع البعض أن يبدأ جوبيه بفتح أبواب إمكان «عودة المراقبين الأوروبيين إلى معبر رفح في غزة، ما يمكن أن يساهم في «تخفيف الضغوط على النظام المصري الجديد».