خاص بالموقع- باريس | ‎ابتعدت السفن والطائرات الحربيّة الأميركية التي تساعد في جهود الإغاثة عن الساحل الياباني «مؤقتاً»، وهو ما جعل المراقبين يتأكّدون أنّ «نسبة الإشعاعات قد ارتفعت وأنّها تلامس سطح البحر». وأكّدت مصادر في الأسطول السابع الخطوة، لكنها وصفتها بأنها «وقائية» ومؤقتة بسبب الإشعاع منخفض المستوى. وحثّ رئيس الوزراء الياباني، ناوتو كان، مَن يعيشون في داخل مسافة تزيد على ٣٠ كيلومتراً عن المنشأة النووية الواقعة شمالي طوكيو، على البقاء في منازلهم. وقال ناوتو في كلمة للشعب الياباني «إن احتمال تسرّب المزيد من الإشعاع يتزايد». وأضاف «نبذل كل الجهود لمنع التسرب من الانتشار»، وطلب من الجميع التصرف «بهدوء» عقب انفجارين وقعا أمس في مفاعلين بمحطة «فوكوشيما -١» للطاقة النووية رغم جهود حثيثة على مدى يومين لتبريدهما.
التخوف اليوم يدور حول مقدار الضرر الذي لحق بقلب المفاعل رقم 4، حيث ظهر شرخان عرض كل منهما نحو ٨ أمتار بعد الحريق الذي شب في المفاعل أمس، وأعقبه الانفجاران، ما قاد إلى ارتفاع في مستوى الإشعاعات ليشمل كل مناطق الشمال الشرقي وصولاً إلى طوكيو التي تبعد ٢٤٠ كيلومتراً جنوباً، وهو ما اعترف به أخيراً رئيس الوزراء، إذ إن «جزيئات نووية مشعّة قد انطلقت في الهواء مباشرة بعد اندلاع الحريق، ما جعل مستوى الإشعاع يتجاوز عشرة أضعاف النسب المسموح بها طبياً. وجاء ذلك الإعلان ليزيد من هلع المواطنين اليابانيين وقلقهم، خصوصاً سكان العاصمة طوكيو الذين يتجاوز عددهم ١٢ مليون نسمة، لا سيما أن اليابان شهدت أمس أيضاً زلزالاً وإن كان لم يعقبه تسونامي.
وتتركّز المخاوف حول تقدير نسبة الضرر الذي يمكن أن يكون قد لحق بجزء من محيط قلب المفاعل، «بركة التخميد»، وتساعد على تبريد البخار المتصاعد من جراء عمل المفاعل ومحاصرة كميات السيزيوم واليود والسترنشيوم في مياهها. وحجرة الاحتواء التي تحيط بقلب المفاعل تهدف أصلاً إلى حمايته وعزله عن محيطه تجنباً لأيّ تلوث إشعاعي، ويقود انفجارها إلى إطلاق التلوّث.
ورفعت وكالة السلامة النووية اليابانية تصنيف الحادث إلى المستوى ٦ من أصل ٧، مباشرة بعدما أعلن رئيس هيئة السلامة النووية الفرنسية، أندريه كلود لاكوست، أن الحادث النووي يرقى إلى ٦ درجات من الخطورة. وأضاف أن الظاهرة اتخذت «حجماً مختلفاً تماماً عما كانت عليه» قبل يومين، موضحاً أن «حجرة احتواء المفاعل الثاني لم تعد تشكل أي عازل».
وسحبت الشركة التي تشغل المفاعل العاملين فيه وتركت ٥٠ عاملاً فقط، وفرضت منطقة حظر طيران في مسافة ٣٠ كيلومتراً حول المفاعلات النووية.
ومع تصاعد المخاوف من انتشار الإشعاعات النووية فوق طوكيو، ارتفعت المخاوف من الانعكاسات الكارثية على الوضع الاقتصادي لليابان، فقد هبطت الأسهم اليابانية بنسبة وصلت إلى ٩ في المئة. وأدّى التراجع الذي استمر يومين إلى فقدان سوق الأسهم اليابانية نحو ٦٢٦ مليار دولار من قيمتها. ولم تمنع دعوات الهدوء السكان من اللهاث وراء التبضّع وتخزين المواد التموينية، ونفدت بضائع كثيرة من المحال مثل أجهزة الراديو والمصابيح الكهربائية والشموع وأكياس النوم، فيما تتابع فرق الإنقاذ عملاً مضنياً بحثاً عن مفقودين ما زال عددهم يعدّ بالآلاف وسط تكتّم شديد من المسؤولين، ما دفع عدداً متزايداً من المواطنين إلى «التشمير عن سواعدهم والغوص في الوحول» بحثاً عن أقارب لهم فقدوا آثارهم.