خاص بالموقع| نيويورك | مع اضطراب الأوضاع في الشرق الأوسط وتفشّي الانتفاضات من ركن إلى آخر، ازداد اهتمام الدول الكبرى بالمنطقة، وازدادت خشيتها على إسرائيل، التي تحدثت عن ضرورة وضع خطة «مارشال» لإنعاش الشرق الأوسط والحدّ من المد الثوري الذي ينذر بتحريك انتفاضة فلسطينية ثالثة. ما جرى في الأمم المتحدة أمس من تطورات مفاجئة دلّ على أن الكبار بدأوا يتحركون من أجل إنقاذ «العجوز».
رئيس مجلس الأمن الدولي الحالي ومندوب الصين، لي باودونغ، بعد تشاوره مع أعضاء المجلس الخمسة عشر كلاً على حدة، استدعى بصورة عاجلة سفراء كل من إسرائيل والأردن ومصر وفلسطين ولبنان وسوريا ومندوب الجامعة العربية لدى الأمم المتحدة، وعقد اجتماعات ثنائية مع كل مندوب على حدة. كانت الغاية الاطلاع على موقفهم من الاقتراح الروسي المدعوم صينياً، الذي يقضي بزيارة أعضاء المجلس الشرق الأوسط مجتمعين، والاطلاع على الأوضاع في الدول المعنية عن كثب لتحريك عملية التسوية المتوقفة.

إلا أن واشنطن عارضت الفكرة، كذلك إسرائيل، بحجة أن أي تحرك غير مدروس من جانب المجلس قد يعطل فرص استئناف المفاوضات الثنائية المباشرة. وكانت فرنسا وبريطانيا تسيران في ظل الموقف الأميركي ـــــ الإسرائيلي الممانع، لكن باستحياء وبعض القلق.

وبعد مشاورات روسية ـــــ صينية، وجلسة مشاورات مغلقة لأعضاء المجلس مجتمعين، وبناءً على تأخير عقد الجلسة المقررة للجنة الرباعية لمدة شهر عن موعدها الذي كان مقرراً الثلاثاء الماضي، بدأ رئيس مجلس الأمن مشاوراته مع السفراء العرب. ودعا في تصريح خص به مندوب وكالة أنباء الصين، إلى استئناف المباحثات الفلسطينية ـــــ الإسرائيلية لتحقيق «سلام شامل دائم في الشرق الأوسط في وقت قريب». وعبّر عن قلق أعضاء مجلس الأمن مما وصفه بـ«جمود عملية السلام»، مضيفاً إن مجلس الأمن الدولي يأمل أن تزيل «فلسطين وإسرائيل العقبات أمام استئناف المفاوضات المباشرة من أجل تحقيق هدف (إنشاء) دولتين تعيشان بسلام معاً فضلاً عن تحقيق السلام الشامل والعادل في منطقة الشرق الأوسط».

وفيما لم يظهر جديد في هذا الموقف الذي لطالما كررته بيانات اللجنة الرباعية، قال دبلوماسي عربي لـ «الأخبار» إن اجتماعات نيويورك «عُقدت بناءً على طلب من مجلس الأمن الدولي بهدف الاطلاع على المواقف من الزيارة إلى الشرق الأوسط فقط. ووافق السفراء العرب بوجه عام على الزيارة، لكنهم طلبوا معرفة جدول أعمالها أولاً. وأبدوا الحرص على أن تشمل أماكن محتلة حساسة، مثل القدس والمستوطنات وجدار الفصل العنصري وقطاع غزة والجولان السوري والأراضي اللبنانية المحتلة».

ولمس رئيس مجلس الأمن أن إسرائيل ترفض الزيارة رفضاً قاطعاً. أما الولايات المتحدة، فقدمت أعذاراً لرفضها من نوع أن الوضع في الشرق الأوسط مضطرب جداً ولا يسمح بالانحراف عن الاهتمام بالأوضاع المتوترة السائدة في غير دولة.

ورغم الرفض الأميركي والإسرائيلي، لمس السفير الصيني لي استعداداً لدراسة الفكرة إذا كانت ستقتصر على أمور بروتوكولية والتقاط صور تذكارية. أمر ترفضه معظم الوفود العربية بما في ذلك المندوب الفلسطيني المراقب لدى المنظمة رياض منصور.

وبناءً على ردود فعل جميع الأطراف، من المنتظر أن يعود مجلس الأمن الدولي إلى عقد جلسة مشاورات قريبة يقرر في نهايتها خطواته التالية.

في غضون ذلك، أعلنت اللجنة الرباعية ومسؤولون أوروبيون إرجاء اجتماع اللجنة الرباعية حتى الشهر المقبل، نافيةً أن تكون بصدد انتظار مبادرة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وعزا الأوروبيون أسباب التأجيل إلى إنشغالهم بالأوضاع السائدة في العالم العربي، ولا سيما في ليبيا. ونسب مراسلون أجانب إلى مسؤول دولي قوله إن بريطانيا وفرنسا تودان رؤية «خطوات عملية»، فيما لا تزال الإدارة الأميركية ملتزمة بتحديد موعد أيلول المقبل لإعلان الدولة الفلسطينية.

من جهة أخرى، عقد وفد من اللجنة الرباعية يقوده مستشار المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، دايفد هيل، اجتماعاً مع صائب عريقات في رام الله، بمشاركة نائبة الأمين العام للاتحاد الأوروبي الجديدة لشؤون العمل الخارجي، هيلغا شميت، وممثل روسيا الخاص لشؤون الشرق الأوسط سيرغي ياكوفلوف، ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة ومنسق عملية التسوية روبرت سيري، إضافةً إلى رئيس مكتب القدس للرباعية، غاري غرابو، نيابةً عن مبعوث الرباعية طوني بلير. وسيعقد الوفد اجتماعاً اليوم مع مبعوث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إسحق مولكو، في القدس. وكان الوفد قد عقد اجتماعاً مماثلاً في بروكسيل الأسبوع الماضي، لكن إسرائيل رفضت إرسال مولكو إليه، متذرعةً بأمور شكلية.