نواكشوط | فيما تتصاعد وتيرة الاستعدادات لبدء التدخل العسكري الأفريقي الدولي في شمال مالي، لإنهاء حكم الشريعة الذي تفرضه تيارات إسلامية منذ شهور، توقع وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس أن تتوصل باريس وواشنطن إلى اتفاق داخل الأمم المتحدة بشأن قرار أممي يسمح ببدء عمل عسكري دولي في مالي بهدف مطاردة «المجموعات المسلحة». لكن مجموعات قبائلية تقطن في المنطقة هدّدت بهدر دم أي متعاون مع الغزاة. فابيوس، الذي قلل من وجود خلاف مع واشنطن حول القرار، ذهب الى القول إن قراراً دولياً سيقدّم في الأيام القليلة المقبلة إلى الأمم المتحدة «لوضع إطار لهذا الإجراء». وفيما تشكك واشنطن في قدرة باماكو وجيرانها على إنجاز العملية بنجاح، قدمت مالي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا إلى الأمم المتحدة خططاً لتأليف قوة دولية قوامها ثلاثة آلاف وثلاثمئة شخص.
وقال رئيس بنين، توماس بوني يايي، الذي يتولى الرئاسة الحالية للاتحاد الأفريقي، إنه «يجب التركيز بشكل خاص على ضرورة إرسال قوة دولية من دون تأخير من أجل القضاء على الخطر الإرهابي الذي يهدد السلام في منطقتنا».
وكان بوني يايي يتحدث في افتتاح قمة لرؤساء دول مجلس التفاهم، منظمة التعاون الإقليمي (التي تضم بنين وبوركينا فاسو وساحل العاج والنيجر وتوغو).
من جانبه، قال رئيس النيجر محمدو يوسفو «أجدد دعوتنا مجلس الأمن الى السماح في أسرع وقت ممكن بإرسال قوة دولية للمساعدة على تحرير شمال مالي». وأضاف مُحذّراً من أن «منطقتنا تواجه تهديدات لا سابق لها، بينها الإرهاب والجريمة المُنظّمة، اللذان يتضافران لخلق وضع قابل للانفجار ولن يوفّرا أياً من بلداننا».
ووسط هذه التطورات الأخيرة، أهدرت قبائل الشمال المالي دم كل من يتعاون مع الغزاة خلال وثيقة صدرت في ختام اجتماعاتها التي تزامنت مع مناورات عسكرية استُعملت فيها مختلف أنواع الأسلحة المتطورة، وشارك فيها بعض أبناء الطوارق الذين كانوا يقاتلون في ليبيا الى جانب النظام الراحل.
وأكدت المجموعات القبلية، التي تقطن مناطق في شمال مالي تسيطر عليها حركات مسلحة من أبرزها «حركة أنصار الدين»، على وثيقة من تسع نقاط، من أبرزها هدر دم أي متعاون مع الغزاة. وحذرت الوثيقة من خطورة التدخل الغربي في الأراضي «المحررة».
وفي هذه الأثناء، يواصل المفوض الخاص للأمم المتحدة إلى منطقة الساحل رومانو برودي، منذ الاثنين الماضي، زيارته لغرب أفريقيا من أجل إجراء محادثات بشأن الوضع في منطقة الساحل عموماً وشمال مالي في الخصوص.
ويبحث برودي، الذي يرافقه ممثل الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون غرب أفريقيا الجزائري سعيد جنيت، سبل اتخاذ موقف أممي وكيفية المواجهة في إطار «الاستراتيجية الإقليمية المتكاملة للأمم».
ويوم أمس تحدث برودي بعد لقاء مع رئيس النيجر محمدو يوسفو في نيامي، فرأى أن من الضروري الإعداد لإرسال قوة عسكرية أفريقية الى مالي، ومواصلة المفاوضات في آن واحد. وأعلن برودي أنه حيال «خطر الإرهاب يجب أن يكون الإعداد لعمل (عسكري) ذي صدقية. وعندما يتمتع العمل العسكري بصدقية، يجب التقدم من خلال إجراء مفاوضات موازية»، مضيفاً أنه «لن يكون أي حل سلمي ممكناً، من دون الإعداد لعمل عسكري ذي صدقية».
وعلى الصعيد العسكري، دعا برودي إلى «الجدية»، مشيراً إلى أنه «من جهة الاتحاد الأوروبي وفرنسا والولايات المتحدة هناك استعداد للمساهمة في الاستعدادات. لكن يجب أن يكون الأمر محترفاً».