في حيٍّ فلوردييّ، تتشابه المنازل حتى يكاد يضيّع صاحب البيت بيته. والبيوت غالباً خشبية يكفي أن تسمع بزلزال أو عاصفة حتى ترتعد فرائص أصحابها. وعلى بعد دقائق من قلب مدينة نيويورك المزدحمة أكثر من القاهرة حتى، تُشعر الحفر زائرها بأنه في مجاهل الهرمل وأبعد، فيما يرجح أن يكون مهندس ولاية فرجينيا الكهربائي خريج حي السلم، نظراً لطريقة تعليقه أشرطة الكهرباء بفوضى خيالية فوق أعمدة خشبية يخيل للبنانيين أنهم ينفردون باقتنائها.
هنا الولايات المتحدة الأميركية. لا يكاد ذهول الزائر من ناطحات سحاب لوس أنجلس يهدأ، حتى يلحظ المتسولين أسفل تلك البنايات. ولا تغيب الشمس معلنةً انتهاء دوام العمل، حتى يفرغ ملايين العمال الناطحات من أضوائها، منسحبين مطأطئي الرؤوس يحملون تعبهم مسافة ساعة وأكثر للوصول إلى منازلهم الصغيرة، حتى لا تخطف سيارات الأجرة أجرة يومهم. تنطق المدينة بنحو مئة وعشرين لغة، تتداخل وسطها اللكنات وطبيعة الأصوات. لكن لا يكاد دوام العمل ينتهي، حتى يعود المكسيكيّ إلى حيّه المكسيكي، والإيطالي إلى little Italy والهندي إلى نيودلهي الأميركية. وكل إلى مجموعته بتقاليدها وعاداتها وهمومها. يولد الفرد هنا وفي رقبته 53 ألف دولار ديناً عاماً، بحسب صندوق النقد الدولي. وتبين لمكتب الإحصاء الأميركي عام 2009 أن 43.6 مليون أميركي يعيشون في حالة فقر. وبعيداً عن مستوى دخل المهاجرين الأوائل، تظهر الأرقام الحديثة أن متوسط دخل العائلات الأميركية من أصل آسيوي (نحو 65 ألف دولار سنوياً) هو ضعف متوسط دخل العائلات الأميركية من أصل أفريقي (نحو 32 ألف دولار سنوياً)، فيما حلت الولايات المتحدة أخيرة، وفقاً لدراسة اليونيسيف الاقتصادية عام 2007 عن رفاهية الأطفال في واحدة وعشرين دولة صناعية. هنا تتمركز 33.4 في المئة من ثروة الأميركيين في قبضة واحد بالمئة من الشعب.
في الباص الواصل مدينة لونغ بيتش بمدينة فيغاس، يغلب على الوجوه الوجوم: حتى الأميركيون الشبان الأربعة من أصل أفريقي يهدأون بعد فاصل موسيقي، ويغرقون في همومهم. وإن كانوا ليسوا بشعب حزين، فإنهم دون شك ليسوا بالشعب السعيد، تكاد تجمع الدراسات الجامعية الأميركية.
بعيداً عن السياسة، كان يفترض بزيارة استديوهات هوليوود في ولاية كاليفورنيا أن تشكل إحدى أبرز المحطات الترفيهية في برنامج الخارجية الأميركية الخاص بالانتخابات الرئاسية، لكن لا يصل الزائر Universal Studios حتى يجد نفسه وسط الآلاف قبالة ما يشبه السور الأميركي العظيم. بنى الأميركيون لأنفسهم هرماً وضريح موسولوس وتمثال زوس وغيرها من أعاجيب الدنيا السبعة وأكثر. عند شباك التذاكر صف بطول خمسين دقيقة، و«نيال من عنده مرقد عنزة» في متاجر التذكارات. تبدأ الجولة بضحك على كثرة الخدع البصرية ودهاء الكاميرا وغيرها، وتنتهي بشفقة على انخداع النفس سنوات ببنايات هي في الأساس صور ورقية ومنازل هي علب كرتونية ومحيطات ليست في الحقيقة أكثر من برك مياه صغيرة، أصغر حتى من بحيرة الكواشرة العكارية. ولا مشكلة هوليوودية في كشف كل هذا الخداع؛ يستعرض Universal Studios قدراته على هذا الصعيد. يصعب التحديد هنا أكثر من اخترع الآخر: الولايات المتحدة أم السينما؟ ثمة شعب أعاد قبل أقل من عشر سنوات انتخاب جورج بوش رئيساً لمرة ثانية، غداة تعرفه إلى مستوى ذكائه في ولايته الأولى. في ولاية نيو هامبشير، تقول أمينة سر الولاية باعتزاز شديد أن أكثرية الناخبين ينتخبون جمهوريين لتسيير شؤون الولاية بوصفهم محافظين، وديموقراطيين لتمثيل الولاية مركزياً وحكم العالم. يشبه ذلك انتخاب طرابلسي التوحيد في الانتخابات البلدية لتسيير شؤون مدينته وتيار المستقبل لتمثيله في المجلس النيابي. أكثر ولايات هذه الدولة كثافة سكانية كاليفورنيا، ديموقراطية بامتياز، لكنها تنتخب حاكماً جمهورياً إلى حد الإشادة بالسعي الإسرائيلي «لجعل العالم أكثر أماناً»، لمجرد أن اسمه أرنولد شوارزنيجر.
هنا جامعة كاليفورنيا، لا يكاد الزائر يفوز بسباق الحصول على كرسي حتى يخوض سباقاً آخر للفوز بأحد الكتب المهمة. أما المساحات الخضراء الملونة بطالب يدرس تحت شجرة هنا وآخر يستلقي قرب دراجته الهوائية وثالث يراقص الموسيقى المنبعثة من حاسوبه وسط جمعة أشجار، فاستثنائية الجمال.
في المقابل، تبدو تجمعات المتطوعين لدعم مرضى السرطان أو نصرة هذا المرشح على خصمه أو دعم حق المثليات بتسجيل الأبناء أو غيرها صغيرة هزيلة، لا تثير اهتمام الناشطين أنفسهم فيها. ثمة شيء ناقص في تلك الجامعة، تتحدث الإدارة عن مستوى التعليم الاستثنائي، والناشطون الديموقراطيون كما الجمهوريون عن تنظيمهم المناظرات وبعض النشاطات الترفيهية وغيرها، لكن يبقى شيء ناقص. مسؤولة النادي الديموقراطي في جامعة كاليفورنيا، تكشف أن 13 في المئة فقط من الطلاب يعتبرون أنفسهم معنيين بالشأن العام رغم الأزمة الاقتصادية والحدة الانتخابية وإدخال القضايا الطالبية وإصلاح النظام التربوي ضمن العناوين الانتخابية الأساسية لمرشحي الرئاسة الأميركية.
بعيداً عن معدلات جرائم القتل الأعلى في العالم، ونسبة المساجين الأولى في العالم أيضاً، وملامسة البطالة معدل تسعة في المئة من الشباب الأميركي مع ما يستتبعها من آفات، ثمة شعب يحرص في يومياته على الظهور بمظهر المسالم المحب الدمث. ها هم السائقون ينتظرون المارة حتى يعبروا من رصيف إلى آخر، حتى بعد تحول الضوء الأحمر أخضر. وها هن السيدات خصوصاً يبقين باب المتجر أو الفندق أو غيره مفتوحاً حتى يدخل من يقف بعدهم. وأياً كانت الهموم، لا بدّ أن يبتسم المار حين تصادف عيناه ماراً آخر. وأكثر من ذلك، لا بدّ من التذكير دائماً وخصوصاً في اللقاءات الرسمية، أن مصائب الشعب الأميركي المستجدة تشغله عن أزمات العالم، ويحل سعيه وراء فرص العمل محل متابعته نتائج سياسة الولايات المتحدة الخارجية سواء في الشرق الأوسط أو في دول الخليج الديموقراطي أو غيرها. الشعب إذاً طيب، كل ما في الأمر أن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش وغالباً كل الجمهوريين الذين سبقوه أساؤوا تقديم الولايات المتحدة للعالم، تقول الدعاية الديموقراطية. أما أوباما، تتابع الدعاية نفسها، فيعكس الوجه الأميركي الحقيقي: لا عنصرية هنا ولا حدود لتحقيق الأحلام وعدالة وديموقراطية استثنائيين. سينما مجدداً. كل غمزة يغمزها مرشح هنا سواء إلى موقع قائد الشرطة أو رئاسة الجمهورية تقف خلفها مؤسسة تدريب، تدرب المرشح ماذا يقول وكيف، أين يتنفس وأين يقطع أنفاسه، لمن يبتسم ولماذا يقطب فجأة حاجبيه. والهدف الدائم: مصلحة الولايات المتحدة العليا. لا يمكن الولايات المتحدة أياً كان حاكمها التفكير بغير مصلحة الولايات المتحدة. ليست مصلحة الولايات المتحدة أن تكون صورتها حلوة، مصلحتها أن تكون قوية ومهيمنة على العالم بما فيه الكفاية. يمكن استخدام صورة بوش الحلوة لتحقيق ذلك أو صورة أوباما.
بحسب دائرة الإحصاء عام 2010 فإن 16.3 في المئة من الأميركيين هم من أصل هسباني أو لاتيني، و12.6 في المئة من أصل أفريقي، رغم ذلك لا تسأل أكثر من قلة ناخبة قليلة المرشحين عن هموم أفريقيا ودول أميركا اللاتينية، ومسؤولية الولايات المتحدة عمّا يحصل هنا وهناك. يكاد لا أحد يسأل عما تفعله دولة الولايات المتحدة العظمى لدولته الأم إلا اليهود الأميركيون. كل المهاجرين يطلقون على أنفسهم هنا صفة أميركي من أصل أفريقي أو عربي أو آسيوي أو غيره، إلا اليهود يصفون أنفسهم باليهود الأميركيين، وليس أميركيين من أصل يهودي، لأنهم بكل بساطة يهود أولاً، ولأن الدول الأخرى ستبقى موجودة سواء التفت إليها المهاجرين إلى الولايات المتحدة أم لم يفعلوا، أما دولة الإسرائيليين المفترضة فتحتاج إلى عناية اليهود الأميركيين الفائقة دائماً.
الأكيد أن الولايات المتحدة تختلف عن قرب كثيراً عما يفترضه كثيرون من بعيد. ثمة شعب يصدق الأساطير، يقدس الرموز ومن قيمة الإنصات لمحاوره والقراءة. يستغل اليهود الأميركيون كل ذلك بمهارة ودهاء كبيرين، أما العرب فمشتتون، يستعرضون مهاراتهم في «خوزقة» بعضهم البعض، ولا يكاد أوباما أو غيره يضحك عليهم بكلمتين حلوتين حتى يغدو أوباما أو غيره مرشحهم الشخصي. ليس حسين عربي؛ باراك حسين أوباما قناع جميل لبوش البشع، غير المخيف.



بفضل المرأة... فاز أوباما

في آخر أسبوع من حملة انتخابات الرئاسة الأميركية، كان هناك إعلان تجري إعادته كثيراً في ولاية ويسكونسن المتأرجحة يتضمن ثلاث نساء يتحدثن عن سبب اختيار كل منهن ميت رومني منافس الرئيس باراك أوباما.
وكان الجمهوريون يأملون أن تحذو نساء أميركا حذو النساء الثلاث، لكن أوباما تمكن من الإبقاء على شعبيته بين الناخبات.
وأظهر استطلاع «لابسوس/رويترز» يوم الانتخابات أن 55 في المئة من النساء انتخبن أوباما مقابل 43 لرومني.
ومن المجالات التي يحقق فيها أوباما نجاحاً كبيراً القضايا الاجتماعية، إذ تظهر بيانات استطلاعات الرأي أن عدد النساء اللاتي يعتبرن قضايا مثل حقوق الإجهاض وزواج المثليين من القضايا الرئيسية التي تحدد الموقف من الانتخابات بلغ ضعف عدد الرجال الذين يفكرون بالطريقة ذاتها.



... في أميركا «ما يستحق القتال لأجله»





في ساحات لوس أنجلس، يصعب التصديق أن باراك أوباما يمكن أن يكون مجرد رئيس للولايات المتحدة الأميركية. كل ما في تلك الساحات من موسيقى وسواعد وعيون وحتى أحاديث لا توحي بذلك أو لا تريد تصديق ذلك. عجز ميت رومني في حملته عن القول إنه أمل الولايات المتحدة، تصرف دائماً كأن الأمور بألف خير. وهي ليست كذلك في الولايات المتحدة. أما أوباما فكان واضحاً: حاولت، نجحت مرة وفشلت مرات. لكن لا بد أن نستمر في المحاولة. لدينا أمل. تلك كانت كلمة سر أوباما. قوته. لا يريد هؤلاء الوافدون من كل الأمكنة، بكل اللغات والثقافات والألوان والخلفيات والهموم والأحلام أن يفقدوا الأمل. لا يريدون مرشحاً يكذب عليهم أو ينبئهم يومياً أن الأمور ستزداد سوءاً؛ يريدون رئيساً يصارحهم: حققت هذه، بدأت تنفيذ هذه وعجزت في المقابل عن تحقيق هذه الوعود لهذه الأسباب. ولا تريد بعض أحاديثهم رئيساً يزيد الهوة بينهم وشعوب العالم. «يكفيهم ما فيهم». أوباما يبني في نظرهم أكثر مما يهدم، يصلح أكثر مما يخرب ويصارح أكثر مما يكذب. لا يمكن لأربع سنوات، أياً كان شاغلها، أن يمحي جورج بوش من الذاكرة. ليس بوش العراق فحسب، بوش الداخل الأميركي أسوأ أكثر بكثير بنظرهم. يريدون رجلاً يقول لهم قاطباً حاجبيه: ثمة مشكلة يجب أن نسعى إلى معالجتها، لا رجل يتبسم أبداً بثقة العارف بكل شيء، يحمّلهم شخصياً مسؤولية التعثر الاقتصادي في سياق دفاعه الغريب عن استمرارية النظام الرأسمالي. ليس تعثر ما تمر به الولايات المتحدة الأميركية في نظرهم، بل قضية موت أو حياة، فلا يملك هؤلاء وسيطاً ينقذهم من قروضهم المصرفية ولا أراضي يبيعونها عندما تشتد الحاجة ولا منازل في البلدان التي هاجر غالبيتهم منها.
في اليوم الانتخابي الطويل تمر الساعات ببطء ممل. تستمر الإدارة الأميركية كما الشركات الخاصة والجامعات ومختلف المؤسسات بالعمل كأنه مجرد يوم طبيعي. الأمر الذي يزيد كثافة الاقتراع عند فتح صناديق الاقتراع في ساعات الصباح الأولى، وبعد انتهاء دوام العمل عصراً. وتتحدد مسبقاً مراكز الاقتراع التي لا يمكن الناخب الاستدلال عليها دون مساعدة الماكينات الانتخابية، فهي غالباً صغيرة، تحشر في موقف سيارات أو صالة كنسية أو ناد رياضي أو أية قاعة أخرى تتسع لنحو سبعة متطوعين في اللجان الانتخابية. ولا شرطة تحرس مراكز الاقتراع أو ما يشبهها. يدخل الناخب المسجل، يعلم أحد المتطوعين باسمه ويحصل على قائمة نصف إلكترونية، يذهب بها إلى زاوية لا يخفيها ستار عن الأعين، يختار الأسماء التي يريدها من دفتر تجتمع فيه أسماء المرشحين على مختلف المناصب سواء في الولاية أو السلطة المركزية. ولا يلبث أن يسقط الورقة في صندوق إلكتروني يعمد على فرز نتيجتها مباشرة. لا شيء مميزاً هنا، قلة قليلة من الأموات ينتخبون، يقول مسؤول اللجنة الانتخابية في ولاية نيو هامشر، وقلة قليلة من المرضى في أسرتهم أيضاً. لا تحمل الأكتف المرشحين على غرار بتغرين ولا طائرات وبطاقات سفر للمغتربين، فيما لم يسمع المسن الهامبشريّ بعبارة «باصات المجنسين» من قبل. يحتاج الأميركيون إلى أن ينظم لهم النائب ميشال المر الانتخابات مرة حتى يتذوقوا طعمها.
لاحقاً، تكاد تكون صورة المغيب في جامعة كاليفورنيا الجنوبية الشيء اللافت الوحيد في تلك الجامعة الضخمة قبيل إقفال صناديق الاقتراع في ولاية كاليفورنيا الديموقراطية بنحو ساعة. فلا شيء هنا، فقط عشرات الطلاب يتناولون العشاء قبالة شاشة ضخمة، دون أن يعيروا المتناوبين على شرح ما حصل ويحصل في يومهم الانتخابي أي اهتمام. وعلى مقربة منهم، تعلو من بعض السيارات الصغيرة موسيقى صاخبة يحتشد حولها الآلاف ممن يزينون سياراتهم تحضيراً لسباق شهري، يتبارى على هامشه الطلاب في تقديم أجمل سيارة. ولا بأس أن يسأل الطلاب بعضهم البعض بين نصف ساعة وأخرى عمّن فاز في الانتخابات. يسود المرح هنا، ولا يحول ترقب النتائج قبالة الشاشة دون ضحك الجمهوريين والديموقراطيين مع وعلى بعضهم البعض.
أما في Grand Park فتتغير الصورة كثيراً. هذه واحدة من عشرات الساحات التي أضاءها الديموقراطيون الواثقون بنصرهم تمهيداً لإعلان فوزهم منها. وهو تقليد جديد في الانتخابات الأميركية. تقسم الساحة إلى ساحات، إحداها مخصصة لشرب البيرة والأخرى لتناول الطعام المكسيكي. هنا الموسيقى لاتينية والراقصات كذلك الأمر. ولولا الشاشة العملاقة، ينسى الزائر أن الانتخابات سبب وجوده هنا، يظنها مجرد حفلة أخرى. هكذا توحي الأضواء والأغاني والرقص والأنخاب المتداولة. لكن سرعان ما يتحول مغني الراب إلى محلل انتخابي، ويبدأ استعراض النتائج. سقط اقتراح القانون الفلاني، وربح الآخر، سقط هذا وربح ذلك. وبالانتقال إلى المرشحين، يكفي ذكر تقدم بسيط لأوباما في إحدى الولايات المتصارع عليها مثل كولورادو وفلوريدا وأيوا ونيو هامشر وأوهايو وفرجينيا وويسكونسين، حتى ترتفع هتافات التأييد «4 more years». ويكفي الإعلان عن استمرار تقدم رومني بالصوت الشعبي حتى تنهال صفرات الاستهجان.
يحصل كل ذلك بهدوء. يعانق الشاب حبيبته في يد وكأس البيرة في يد أخرى، ولا يكاد يستفزه موقف حتى يفتح فاهه بضعة ملمترات أكثر من المعتاد، استهجاناً أو إعجاباً. وفي حال بلوغ الفتاة ذروة حماستها تنزل الكلب عن ذراعها إلى الأرض لتصرخ بكل نعومتها أوووو. والأميركيون يدللون أوباما بالمناسبة أووو.
تبقى الأمور كذلك حتى يطل رومني. يظن من في وسطهم أن شيئاً خطيراً سيحصل الآن، لكن لا أبداً. ولا حتى بعض الشماتة. يبدو المشهد غريباً، تؤثر تهنئة رومني خصمه بالفوز وفقاً للتقليد الأميركي بالفعل فيهم. لا بل تدمع أعين البعض. وسرعان ما تنحبس الأنفاس رغم الموسيقى في انتظار أوباما. يروي شاب أنه من ولاية محافظة لكن زيارته مرة الصين في مهمة عمل ستة أشهر أتاحت له الخروج من الشرنقة. حين تكتشف العالم وتتعرف إلى الآخر، لا يمكنك العودة إلى المحافظ الذي كنت عليه. أحترم خيارات أهلي الجمهوريين الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية، حين يحترمون خياراتي. حبيبته الصينية تقول إن الديموقراطيين فازوا لأن أكثرية الشعب الأميركي تريد ما يوحدها في هذه الأزمة أكثر بكثير مما يفرقها. ولا يكاد يطل الرئيس الجامع حتى يتغير بسحر ساحر كل شيء. هو غير أوباما الشرق أوسطي وغير محاور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وغير الرجل المتردد كثيراً في حملته الانتخابية الأخيرة. في الشاشة الآن شيء آخر. ترتفع الأنخاب أولاً، ولا تلبث الأيادي الصفراء الحمراء السوداء البيضاء أن تتشابك وتعلو في الهواء. ولا يسمع في الساحة الكبيرة كما في مجمع البايسبول على بعد أربعة دقائق منها أي صوت غير صوت أوباما.
هذا خيار الأميركيين، يريدون رئيساً يخبرهم أنهم أعظم أمة في العالم على غرار الإسلام في «خير امة أخرجت للناس» والمسيحيين في «أنتم ملح الأرض». يريدون رئيساً يعلمهم أن ابن خلدون يخطئ أحياناً وعمر دولتهم لم ينته بعد. ويريدون رئيساً يقول لهم إنهم لم يهاجروا «على الفاضي» وأن في الولايات المتحدة ما يستحق القتال لأجله.
غسان...




إيران لن تنسى الجرائم الأميركيّة

لم يبق رئيس أو جهة إلا هنّأت أو علقت على إعادة انتخاب باراك أوباما لولاية ثانية، وكان لافتاً الموقف الإيراني.
في أول تعليق إيراني على إعادة انتخاب أوباما، قال رئیس السلطة القضائیة في إيران، صادق آملي لاریجاني، إن أوباما تسلّم إدارة البیت الأبیض قبل 4 سنوات تحت شعار إحداث التغییر، وأعلن أنه یمد ید التعاون لإیران، لكنه تعامل بشكل آخر وفرض عقوبات غیر مسبوقة على إیران «ومن الطبیعي، فإن الشعب الإیراني سوف لن ینسی أبداً الجرائم الأميركیة».

بوتين يدعوه لزيارة روسيا 2013

الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، هنأ أوباما على إعادة انتخابه ودعاه لزيارة روسيا عام 2013 لاستئناف العمل «البناء» الذي تشير موسكو دوماً الى ضرورة إجرائه على قدم «المساواة». وقال إن «تعاون دول على غرار روسيا والولايات المتحدة يرتدي أهمية أساسية بالنسبة الى الاستقرار والأمن في العالم».
وفي بكين، وجه الرئيس هو جينتاو ورئيس الوزراء وين جياباو رسالة تهنئة مشتركة لأوباما، جاء فيها «في عهد تاريخي جديد، نأمل أن تعبر علاقاتنا الثنائية التي ترتكز على تعاون بناء مرحلة جديدة». فيما تهكم ناشطون صينيون على العملية الانتقالية في بلدهم.

تهانئ عربية

في ما يلي أبرز ما قيل في التهاني:
- الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، قال إنه يتطلع الى مواصلة العمل والتعاون مع أوباما لتحقيق السلام. أما «حماس» فأملت أن يلتزم أوباما بالحقوق الفلسطينية ويوقف الانحياز لإسرائيل.
- الرئيس المصري، محمد مرسي، أعرب «عن أمله بتعزيز علاقات الصداقة بين البلدين لخدمة أهدافهما المشتركة في العدل والحرية والسلام».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)